وکالة مهر للأنباء_ د علي عزالدين/كاتب ومحلل سياسي: لم يعرف التاريخ الحديث تجاذباً سياسياً و تناقضاً بالدبلوماسيات العالمية كما يحدث في هذه الأيام ، فبعد عملية طوفان الأقصى بانت كل الأقنعة التي كان يتغنى بها الغرب وصولا حتى أميركا الشمالية ، فبعد سقوط كل القوانين والاتفاقيات العالمية وشرعة حقوق الإنسان والحريات أمام إغفال الشرق والغرب المتماهي مع الكيان الصهيوني المتهالك ، برزت حركات شعبية وطلابية ، حركات مقاطعة كل ما يمت بصلة إلى الكيان وداعميه شعبياً واهلياً، ( قُدٌّمت فروض الطاعة والعبادة والإعتذار للصنم الأميركي عبر إنشاء جسرا ً برياً لإغاثة الكيان وتعبيراً عن رفض المقاطعة ).
ما فعله الصهيوني من إبادة بشرية للجنس البشري في غزة يترافق مع إبادة المدارس والجامعات وهذا له مغزى عميق بالصراعات الاستراتيجية المستقبلية ، إن تكن مُتعلماً مُنتجاً مُبدِعاً تحارب الاحتلال بالتكنولوجيا وبالعلوم العسكرية المتطورة فإنك تكتب سطوراً في فصل من فصول نهاية الإحتلال ، أمّا تدمير المشافي وقتل من فيها واقتحام القوات الصهيونية لها ، هو عمل تلمودي متطرف لا يمت بأي شكل من الأشكال لكل المواثيق والأعراف الدولية بوجوب تجنب الكوادر الطبية. ناهيك عن الصحافة وشهدائها لمنع وصول الصورة الحقيقية للمتابع خارج اراضي فلسطين المحتلة في ظل صحوة الإعلام الغير موجه رسمياً ضد ما يحدث في فلسطين من غزة حتى الضفة.
تواترت اخبار الهدنة وارتبطت في الكثير من الأمور ، بعضها داخلي صهيوني ، ضغط اليسار وضغط أهالي الأسرى المغتصبين الموجودين بأيدي المقاومة الفلسطينية في غزة ،والضغوط الخارجية وآخرها تصريحات الإدارة الشريكة بالدم الفلسطيني عبر جو بايدن .
كل جسور الإنقاذ التي وضعت أمام نتنياهو للنزول من فوق البركان الذي وضع نفسه وبعض أجزاء من حكومته فوق فوهته ، يُقابَل بتصلّب موقف المقاومة الفلسطينية بضرورة تنفيذ الهدنة وفق شروطها لإنها الحاكمة في الميدان ، مع انتظار الأخذ والرد السياسي والضغط الميداني المتبادل بين المقاومة الفلسطينية والجيش الصهيوني ومرتزقته، لا مكان للهدنة الا وفق شروط المقاومة الفلسطينية فقط لا غير.
أما المأزق الأكبر فهو في الشمال ، يعني جبهة جنوب لبنان ، الدمار الذي يسببه الجيش الصهيوني في قرى الجنوب ، واعتداءاته المتكررة على المدنيين ، يقابل برسم معادلات عالية الدقة والإستهدافات الموجعة من قبل حزب الله اللبناني ، ما يعلن عنه مدهش جدا للمتابعين ، ومن لم يعلن عنه من عمليات لضرورات الميدان له الأثار الواضحة ، فبعد كل حفلة جنون من قصف وغارات للصهاينة ، يعرف المتابع أن لنتائج عمليات المقاومة اللبنانية اذىً كبيراً في منظوماته الدفاعية والإستخباراتية ومراتب الجنود والقادة الميدانيين .
كل تهديدات قادة الجيش الصهيوني باتت اقرب إلى العويل ، الصراخ العالي ، يقابله صمود وتحدٍ من أهالي الجنوب والبقاع في لبنان ، التندّر والنكات أصبحت جاهزة من المتابع اللبناني والعربي على تصريحات وتهديدات نتنياهو وفريقه الأمني .
يعرف الصهيوني بأن أي حرب مع جبهة لبنان ، سيكون أمام سيناريو ٧ اكتوبر جديد وكبير ، واسع ونهائي ، بمعنى أن عدة المقاومة بعد سنوات من التجهيز والتحضير وخبراتها القتالية ضد التكفيريين في سوريا والعراق ، من إدارة النار والتحكم الميداني مع المفاجآت الكثيرة المنتظرة لساعة الصفر ، تجعل الصهيوني عاجزاً عن فتح الحرب الكبرى ، فهو يكتفي بنظرية معركة بين الحروب والتي أثبتت فشلها بعد فشل نظرية الضاحية .
المستقبل المشرق بزوال الكيان الصهيوني المتهالك أصبح قريبا ، فبعد الحديث التاريخي عن السبعين عاماً والثمانين عاما ً ، وان الكيان يتفكك من الداخل ، هناك نعمة مخفية يجب على المتابع أن يعيها ، وهي وجود حكومة متطرفة تقود الاحتلال نحو هاويته ، عالمياً شعبيا و داخليا و حدودياً مع الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة .
حرب ما بعد الحدود للمقاومة العراقية واليمن الجبار، والآثار المدمرة على اقتصاد الكيان الاسرائيلي الغاصب، تجعل مهمته كوجود عسكري غربي متقدم في خاصرة الشرق الأوسط القديم، كنظام فصل كولونيالي أصعب مما مضى.
/انتهى/