تاريخ النشر: ١٥ يونيو ٢٠٢٤ - ١٦:١٧

عيد الغدير هو أكبر أعياد الشيعة الإمامية، حيث روي أنّ النبي صلی الله عليه وآله وسلم في 18 ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة قام وبأمر من الله بتنصيب علي بن أبي طالبعليه السلام خليفةً له وإماماً للمسلمين، وذلك في مكان يُسمى غدير خم، ومن هنا اقترنت الواقعة باسم هذا المكان.

أفادت وكالة مهر للأنباء أنه عُبّر عن واقعة غدير خم في المصادر الشيعية بعدة تعابير، فسمّيت تارة بـ "عيد الله الأكبر"، وبعيد أهل بيت محمدصلی الله عليه وآله وسلم، وبأشرف الأعياد. وقد اعتاد الشيعة في شتّى بقاع الأرض على إحياء تلك المناسبة والاحتفال بها، وإقامة مجالس الفرح والبهجة تعظيماً لتلك المناسبة.

حينما عزم رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم لأداء فريضة الحج، أذّن في الناس، فتجهّز الناس، وتأهبوا للخروج معه، وحضر أهل المدينة وضواحيها وما يقرب منها خلق كثير، وتهيئوا للخروج معه؛ فخرج النبي بهم يوم 24 أو 25 ذي القعدة.

فلما أتمّ مناسك الحج رجع إلى المدينة وكان معه المسلمون، فوصل في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة إلى منطقة تدعى غدير خم، وتقع في مفترق طرق، وذلك بموكب كبير من الحجيج، وقبل تفرّق الحجاج إلى بلدانهم نزلت عليه آية التبليغ يأمره بتبليغ تلك المسألة المصيريّة المتمثّلة بتعيين الإمام والخليفة من بعده، فأمر الناس بتجهيز مقدّمات ذلك الأمر مثل الإعلان بتريّث المسلمين الحجّاج وتوقّفهم في ذلك المكان، وأمر (ص) بإرجاع الّذين سبقوا الآخرين بالذهاب وإيقاف القادمين، حتى تجمّع عدد غفير من الحجاج.

فأمر النبي (ص) الحجاج أن يصنعوا له منبراً من أحداج الإبل حتى يراه الحاضرون جميعاً، ويسمعون كلامه، فارتقى النبيّ ذاك المنبر وخطب الناس خطبة غرّاء وقال فيما قاله:

أيّها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ - ثلاثا- وهم يجيبونه بالتصديق والاعتراف، ثم رفع يد علي (ع) وقال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله… ثم قال: فليبلّغ الحاضر الغائب.

فطفق القوم يهنئون أمير المؤمنين (ع)، وممن هنأه في مقدّم الصحابة: عمر بن الخطاب، كلٌ يقول: بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.

ثم جلس (ص) في خيمته وأمر علياًعليه السلام أن يجلس في خيمة له بإزائه، وأمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً فيهنئوه بالمقام، ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين، ففعل الناس ذلك كلهم.

عيد الغدير في الأحاديث

ورد في بعض مصادر العامة: من صام يوم ثمانية عشرة خلت من ذي الحجة كتب له «صيام ستين شهرا» وهو يوم غدير خم.

وعن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم أنّه قال: يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب عَلماً لأمتي يهتدون به من بعدي وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتمّ على أمتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام ديناً.

وعن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: أَعظم الاعياد وأَشرفها يومُ الثامن عشر من شهر ذي الحجَّة وهو اليوم الَّذي أَقام فيه رسول اللَّه (ص) أَميرَ المؤمنين (ع) ونصبهُ للنَّاس علماً.

قال الراوي قلْت: ما يجبُ علينا في ذلك اليوم؟ قال: يجبُ عليكم صيامُهُ شُكراً للَّه وحمداً له «مع أَنَّهُ أَهلٌ أَنْ يُشكر كلَّ ساعة»، ومنْ صامهُ كان أَفضل منْ عملِ ستِّينَ سنة.

وعن الامام الرضا (ع) في بيان قيمة ذلك اليوم: إِنَّ يومَ الغدير في السَّماءِ أَشهرُ منهُ في الأَرضِ... واللَّه لو عرف النَّاسُ فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهمُ الملائكةُ في كلِّ يوم عشر مرَّات‏.

تاريخ الاحتفال بعيد الغدير

عيد الغدير في مرقد الإمام علي (ع) في النجف الأشرف بـالعراق. تم التقاط الصورة في 3 نوفمبر 2012

ما زال المسلمون وخاصة الشيعة يعظّمون يوم الغدير، ويعتبرونه من الأعياد الكبيرة عندهم، وقد عرف في أوساطهم بعيد الغدير.وقد عبّر عن واقعة غدير خم في المصادر الشيعية بعدة تعابير، فسمّيت تارة بـ عيد الله الأكبر،[ وبعيد أهل بيت محمد (ص) تارة أخرى،وبأشرف الأعياد.

وقد سجّل المسعودي المتوفى 346 هجرية في كتابه التنبيه والأشراف ذلك التعظيم بقوله: «ووُلدُ عليٍ رضي الله عنه وشيعتُه يعظمون هذا اليوم».[١٤] وهذا يكشف بأنّ الاحتفال بعيد الغدير يضرب بجذوره إلى أعماق التاريخ الإسلامي، وأنّه كان رائجا في القرنين الثالث والرابع الهجريين.

وقد روى الفياض بن محمد بن عمر الطوسي عن الإمام الرضا (ع) أنه كان يحتفل بذلك اليوم، حيث قال: حضرتُ مجلسَ مولانَا عليِّ بن موسى الرِّضاعليه السلام في يوم الغدير وبِحضرته جماعةٌ من خواصِّه قد احتبسهُمْ عندهُ للإِفطار معهُ قد قدَّم إِلى منازلهمْ الطَّعام والْبُرَّ وأَلبسهمُ الصِّلاةَ والكسْوَةَ حتَّى الخواتيمَ والنِّعال. وهذا يكشف عن سابقة تاريخة أطول مما مر للاحتفال بالغدير.

ولم تنقطع عملية الاحتفاء تلك، بل واصل المسلمون تعظيمهم لذلك اليوم حتى أنّ الخليفة الفاطمي المستعلي بن المستنصر بويع في يوم عيد الغدير، وهو الثامن عشر من ذي الحجة سنة 487 هـ،[بل وصلت الحالة في القرون المتأخرة إلى حدّ أصبح الاحتفال بعيد الغدير شعاراً للشيعة، وكان الفاطميون في مصر قد أضفوا على عيد الغدير صفة الرسمية، وهكذا الأمر في إيران، حيث يحتفل بذلك اليوم منذ حكم الشاه اسماعيل الصفوي البلاد سنة 907 هـ وحتى يومنا هذا بصورة رسمية.

أمّا النجف الأشرف فقد اعتاد أهلها إقامة حفل بهيج في الصحن العلوي يوم الثامن عشر من ذي الحجة يحضره علماء الشيعة ووجهاؤهم، بالإضافة إلى سفراء الدول الإسلامية في العراق، وتلقى في ذلك الحفل الكثير من القصائد العصماء والخطب الرائعة.

وهكذا الأمر بالنسبة إلى الزيدية في اليمن حيث تحيي هي الأخرى ذلك اليوم بكل إجلال وبهاء، وقد وصف الثعالبي مكانة الغدير عند الشيعة بقوله: وللشيعة به تعلق كبير.

أعمال عيد الغدير

ورد لهذا اليوم أعمال، منها:

الصيام

الغسل

قراءة زيارة أمين الله

قراءة دعاء الندبة

ارتداء الملابس الجديدة والجميلة

التزين ووضع العطور

صلة الارحام

إطعام المؤمنين

يهنئ المؤمنون بعضهم بعضا بالقول: «الحمد الله الذي جعلنا من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين و الأئمة المعصومين عليهم السلام.