وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: الإبادة والمحرقة الحاصله في غزة من قبل العدو الصهيوني وأسياده، تعتبر من أكثر الحروب اللانسانية الدموية في التاريخ البشرية.
تلك المجازر دفعت بجبهات المساندة للوقوف الى جانب غزة وسيما الجبهة الشمالية. فما قبل طوفان الأقصى لم يتقبل العدو الصهيوني خيم المقاومة على الحدود اللبنانية الفلسطينية، فما بالكم اليوم بالمسيرات والصواريخ التي تتساقط على المستعمرات وتهدد امن كافة الكيان، ودائما ما تُصرٌِح قيادة المقاومة أنها لم تستخدم قوتها الا القليل القليل منها.
حول هذا الموضوع، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفيا مع مسؤول ملف الموارد والحدود في حزب الله، السيد نواف الموسوي، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
لعل أبرز ما لفت في خطاب الأمين العام لحزب الله في ذكرى اليوم العاشر من محرم تأكيده على مواصلة حرب الإسناد، وتهديده الصريح بضرب مستوطنات جديدة إذا واصلت "إسرائيل" استهداف المدنيين اللبنانيين.. فهل أدخل السيد معادلات جديدة في الحرب؟ وهل ينذر ذلك بتوسيع المواجهة؟
سماحة الامين العام اكد استمرار المقاومة في تحمل مسؤوليتها الشرعية والانسانية والوطنية والدينية تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم والمقهور في غزة، وسماحته يدير هذه العملية بدقة وبتدرج تقضيه مستلزمات المعركة، لقد حرصت المقاومة دائما على حماية المدنيبن من البطش " الاسرائيلي"، من المعروف ان "الاسرائيلي" يلجأ عندما يهزم في ساحة المقاومة مع المقاتلين الى ضرب المدنيين بغية اصابة معنويات المقاتلين، لذلك كان من الضروري ان يذكر الامين العام بأن اي استهداف للمدنيين سوف يترتب عليه توسيع لمساحة الاستهداف في المستعمرات الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة ، هذه المعادلة جديدة من حيث انها تضمنت_ وهذا ما حدث بالفعل_ تضمنت مستعمرات اضافية الى مساحة الاستهداف من جانب المقاومة، وستواصل هذه المقاومة استهداف المستعمرات بحسب العدوان"الاسرائيلي". نحرص دائما على تجنيب المدنيين البطش "الاسرائيلي" البربري والاعمى.
معركة الدبابات في وادي الحجير كانت من أهم عوامل تسريع الهزيمة "الإسرائيلية" في العام 2006.. واليوم عاد السيد نصرالله ليحذر جيش الاحتلال بأنه لن تبقى له دبابات اذا ما دخلت لبنان.. كيف سيتعامل العدو مع هذه التهديدات؟ وهل يكشف السيد نصرالله عن جزء مهم من ترسانته الحربية بذلك؟
الاشارة الى معركة وادي الحجير في محلها، بالفعل كان الهجوم من وادي الحجير يستهدف الوصول الى جزء من نهر الليطاني ثم السير معه وصولا الى القاسمية، بحيث تقطع طريق الجنوب ويمنع النازحون من العودة وتصير هذه المسألة موضع مفاوضات وابتزاز للمقاومة ولمجتمعها، لكن يومئذ بسالة المقاومين وامتلاكهم لصاروخ الكورنيت الذي قدم لنا من الدولة السورية بقيادة الرئيس بشار الاسد ادى الى افشال الهجوم الاسرائيلي، بالتالي فقد " الاسرائيليون" القدرة بعد بضعة اسابيع على مواصلة معركتهم التي لم تؤدي الى اي نتيجة سوى الى مضاعفة الخسائر "الاسرائيلية"، اشارة سماحة الامين العام الى الدبابات "الاسرائيلية" اتت في سياق الرد على ما قاله وزير الدفاع "الاسرائيلي" حين قال ان الدبابات الاسرائيلية حين تخرج من رفح ستأتي الى الجبهة الشمالية للكيان الصهيوني لتقتحم الاراضي اللبنانية ، هنا كان لا بد ان يذكره سماحة الامين العام ان هذه الدبابات ستكون محل افتراس من قبضات المقاومين وصواريخهم بما يذكر بما حصل في وادي الحجير، مع ملاحظة ان قدرات المقاومة الصاروخية قد تضاعفت كثيرا عما كانت عليه في عام 2006، والجدير ذكره ان العدو نفسه اعترف بأنه خسر الكثير من دباباته والياته في حربه على غزة المحاصرة والمستضعفة، فكيف اذا دخل في معركة مع المقاومة في لبنان مع حزب الله، والحزب يمتلك قدرات اكبر بشريا وماديا وبالتالي لن يبقى لجيش الاحتلال الاسرائيلي بالفعل دبابات او آليات وسيكبد هزيمة فادحة.
في كلمته في اليوم العاشر من محرم، تحدث سماحة السيد نصرالله وكأن حرب الاسناد باتت جزءا من معركة تحرير فلسطين، ولم تعد لحماية لبنان فحسب ودعم غزة.. فهل ترون في ذلك تغييرا استراتيجيا في دور المقاومة ومهمتها؟ وكيف سيؤثر ذلك على التوازنات الداخلية في لبنان؟
حتى اشعار آخر تبقى قضية المعركة التي تخوضها المقاومة على الحدود مع فلسطين المحتلة هي اسناد المقاومة والشعب الفلسطينين في مواجهتهما للعدوان "الاسرائيلي" اما قضية تحرير فلسطين فلها شروطها التي نرى ان توفرها لا يزال في طور الاستكمال، في هذه المرحلة نعم الهدف هو صد العدوان الصهيوني الذي تؤازره الادارة الاميركية والحكومة البريطانية وبعض الحكومات الغربية، اما مسألة اقامة دولة فلسطينية واحدة وديموقراطية على جميع الاراضي الفلسطينية فهي عملية تمر في مراحل عدة وتحتاج الى زمن يتناسب مع مقتضياتها.
خلال حديثه عما يعانيه جيش الاحتلال من وهن وضعف وتراجع في قدراته العسكرية، بدا كأن سماحة السيد يستبعد الحرب الكبرى وقدرة جيش الاحتلال على تنفيذ تهديداته للبنان.. هل فعلا هذه هي الأجواء السائدة في لبنان؟ وهل المعطيات التي أوردها السيد كافية لتشكيل هذه القناعة؟
تظهر الوقائع على مدى الأشهر العشرة التي مضت أن خيار العدو في العدوان على لبنان ليس خيارا سهلا بالنظر الى أن رد المقاومة في لبنان على هذا العدوان سيلحق أذى بالغًا بالعدو الصهيوني وكيانه الغاصب غير الشرعي، نحن نلاحظ ان وتيرة التهديدات قد ارتفعت وعادة وفقا لقواعد نظرية اللعبة التي تستخدم أيضا في التحليل السياسي فضلا عن الفيزياء والرياضيات تقول:"بأن التهديد لكي يكون فعالا يجب أن يكون حقيقيا "، لذلك نرى أن العدو يبالغ في هذه التهديدات الى حد أن يجعلها حقيقة بحيث تكسر إراده المقاومة التي تواصل إسناد الشعب الفلسطيني، نحن نتعامل مع هذه التهديدات على قاعدة اصرارنا على مواصلة إسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته البطله أما التهديدات فإننا نتعامل معها على أنها تهديدات تستهدف فرض واقع سياسي من جهه ونتعامل معها أيضا على أنها يمكن أن تكون خطرا محدقا، في الحاله الأولى قلنا أننا لن نسمح لهذه التهديدات أن تغير موقفنا، نحن مستمرون في دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته، وفي الحاله الثانية فنحن استعددنا ولا نزال لكسر العدوان "الإسرائيلي"، واحباط أهدافه السياسية وبعض العسكرية، وإذا فرض علينا العدوان لا مفر ساعة إذا من ان نخوض حرباً مفتوحة مع العدو، وإذا انضمت قوى أخرى الى هذا العدو في معركته ضدنا نعتقد حين ذاك ان المنطقة بأسرها ستدخل في حاله حرب تطال الكيان الصهيوني بطبيعة الحال كما تطال قواعد القوى التي تشترك في العدوان الصهيوني علينا..
نحن لا نفتش على حرب واسعة قلنا ان قضيتنا هي نصرة الشعب الفلسطيني أما من يرد أن يوسع دائرة العدوان من فلسطين الى لبنان فعليه أن يتوقع ردا سيدفع الملايين من المستوطنين في الكيان الصهيوني الى مغادره الكيان، وهذا ليس يعني كلاما لا أساس له إذا كان قد هاجر من المنطقة الشمالية وهي لم تستهدف بأكملها 100,000 فحين استهداف الكيان الصهيوني ردا على عدوانه على لبنان فإن الملايين من سكان هذا الكيان سيضطرون الى مغادرته الى بلدان الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها من الدول، مما سيجعل حقيقة أن هذا الكيان ملاذ أمن سيجعلها داحضة وبالتالي: ستنتهي الوظيفة الوجودية لهذا الكيان، ما يفتح الطريق الى إنهاء وجوده ، وإنهاء احتلاله للأراضي العربية والفلسطينية، وإنهاء اعتداءاته على الشعوب المستضعفة.
ما هي الرسالة أو الرسائل التي اراد السيد نصرالله ايصالها من خلال حديثه عن صمود أهل غزة وبطولات مقاومتهم؟ وهل يعزز ذلك الثقة بقدرة المقاومة على الصمود طويلا في مواجهة حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال، لاستئصال المقاومة وتهجير الفلسطينيين الى خارج القطاع؟
أي منصف يراقب الحرب العدوانية التي يشنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة، يستطيع ان يستنتج ان هذا الشعب العزيز مع تعرضه لأسوأ انواع الوحشية الصهيونية لم يستسلم وما زالت ارادته المقاومة ناشطة وحية، ولا زال يكيل الضربات الى المعتدي في اي منطقة دخل اليها، الاستنتاج هذا يعني انه مهما عنفت الحملات الحربية على شعب قرر ان يكون حرا وان يستعيد حقوقه، لن تنفع هذه الحملات الحربية في اخضاعه ودفعه للاستسلام، وهي بالفعل رسالة الى القوى الدولية التي تساند العدوان الصهيوني مفاده انكم لا تستطيعوا فرض ارادتكم على الشعوب المستضعفة المقاومة بل ان ما ستحصلون عليه هو الحاق الكثير من الاذى بقواتكم وبمصالحكم في هذه المنطقة..
ما نحرص عليه انه في المعركة التي نخوضها انما نعمل من اجل وقف الحرب وليس من اجل توسيع الحرب، الذي يريد مصلحة الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية هو من يعمل من اجل وقف الحرب العدوانية عليه، وهذه هي قضيتنا، نحن لسنا نبحث عن حروب جديدة او نوقد حروبا اضافية بل نفتش على الطريقة التي تردي الى وقف الحرب التي شنها العدو الصهيوني ومع حلفائه الغربيين على الشعب الفلسطيني الذي خرج من اجل تحرير اسراه ومن اجل فك الحصار عنه، ومن اجل استعادة بعض حقوقه المشروعة.
توقف سماحة السيد عدة مرات عند بطولات وتضحيات أهل الجنوب خصوصا وعموم بيئة المقاومة الحاضنة، فما هي الدروس التي تقدمها هذه البيئة لثقافة المقاومة المستمدة من كربلاء؟ وهل يعتبر ذلك نجاحا لثقافة المقاومة في مواجهة حرب التيئيس والتثبيط التي تمارسها جهات داخلية وخارجية لضرب هذه الارادة؟ ولماذا اعلن السيد عن اعادة بناء ما تهدم اجمل مما كان ؟
بالفعل من البديهي القول أن الأساس الذي نستند اليه في موقفنا في مواجهة العدوان "الإسرائيلي" هو الروح الكربلائيه التي تجلت في مواقف الإمام الحسين وأولاده وأصحابه وما جرى على أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ، واليوم حين نواجه هذا العدو فإننا نكرر المقولة التي قالها الحسين عليه السلام حين عرض عليه الخيار بين السله والذله قال "هيهات الذله"، واليوم نحن عرض علينا أن نبقى ساكتين صامتين ولا ننصر الشعب الفلسطيني وبين أن نذهب الى ما ذهبنا إليه،بالفعل كان كلامنا كما كان كلام الحسين (صلوات الله عليه) من قبل "هيهات من الذله" لن نقبل أن نرى شعبا شقيقا، أن نرى إنسانية تذبح ثم نتفرج عليها كما لا حول ولا قوة له، فسلكنا هذا السبيل ونحن نعرف أن تضحيات سوف تبذل لكن الذي كان يعزينا في بذل هذه التضحيات ان (الحسين صلوات الله عليه) حين وجب ان يتخذ الموقف الشرعي اللازم لم يتوانى عن تقديم التضحيات بما فيها تقديم طفله الرضيع، وصولا الى حد ما تعرض له حرم رسول الله صلى الله عليه وآله من سبي وتعذيب، ها نحن قد مضينا في هذا السبيل نعم قدمنا عشرات الشهداء ولا زلنا نقدم، وأهلنا تهجر منهم عشرات الآلاف هدمت بيوت اراد "الإسرائيلي" من تهديمها أن لا تكون قرانا قابله للبقاء فيها وهي مناسبه اليوم ان اذكر بان العدو الصهيوني لطالما سعى الى تغيير التركيبه السكانيه في جنوب لبنان ، هذا حاول ان يفعله عام 2006 من خلال تهجير الجنوبيين ومن خلال منع عودتهم بعد او محاوله منع عودتهم بعد وقف اطلاق النار، واليوم ايضا يسعى العدو الصهيوني الى تغيير التركيبه السكانيه تحت عنوان متطلبات الامن لعودة مستوطنين الشمال، بحيث تتحول المناطق الى ارض قاحله ومناطق فارغه، وهذا ما لن تسمح به المقاومة، التي نهضت من اجل الدفاع عن المستضعفين في فلسطين فكيف لا تنهضوا من اجل الدفاع عن المستضعفين والمعتدى عليهم في لبنان، ولذلك لن نسمح للعدو ان يهجر قرانا وأن يحول هذه المناطق الى مناطق فارغه من السكان، ومن هنا فانه عندما تضع الحرب اوزارها ستقوم المقاومة بما فعلته من قبل حين في عام 2006 ، حين ذاك وقفت الى جانب شعبها، واشتركت معه في إعاده اعمار ما تهدم بحيث يكون أفضل مما كان ، وبالفعل فمثلا على سبيل المثال بلده عيتا الشعب الحدوديه التي أرضها تحاذي الأرض الفلسطينية المحتلة تضاعف البناء فيها بعد حرب 2006 ضعفين ونصف عما كانت عليه قبل عام 2006 ، ونحن كما اشار سماحه الأمين العام سنتحمل مسؤوليتنا بعد هذه الحرب وسيعود اهلنا الذين ارغم على مغادرة منازلهم، سيعودون الى هذه المنازل بافضل من ما كانت عليه بإذن الله.
/انتهى/