وكالة مهر للأنباء، وداد زاده بغلاني: إن عملية "طوفان الأقصى" أحدثت زلزالا في الوعي العالمي تجاه القضية الفلسطينية، وفضحت "نفاق" الكثير من الأنظمة الغربية والعربية.
ومن جانب اخر فإن المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني خلال الاشهر الماضية اثارت غضب العالم جمة، حيث رفعت جنوب افريقيا قضية على إسرائيل بسبب حربها المستمرة على غزة والابادة الجماعية، وتصاعدت خلال الأشهر القليلة الماضية هذه القضية بعد أن تقدمت مجموعة من الدول بطلب رسمي للانضمام لجنوب أفريقيا، أو أعلنت عن نيتها القيام بذلك منها: نيكاراغوا.
وأصدرت محكمة العدل الدولية حكما أوليا في القضية في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، وأمرت إسرائيل باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها لمنع الأعمال التي يمكن أن تندرج تحت اتفاقية الإبادة الجماعية، كما أمرت تل أبيب بمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وضمان تدفق المساعدات إلى غزة، والحفاظ على الأدلة بشأن الجرائم المرتكبة في قطاع غزة ولکن رغم ذلك فقد راینا ان الکیان الصهیونی استمر في جرائمه ولن يهتم باحكام هذه المحكمة.
وفي خضم ذلك وبعد ضغوط عدد من الدول والشعوب، فقد أكدت محكمة العدل الدولية، في رأيها الاستشاري الصادر بتاريخ (19 يوليو/ تموز)، قانونيا أن إسرائيل تنتهج سياسة الاحتلال والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني.
وبحسب الرأي الصادر من قبل هذه المحكمة، يجب على إسرائيل أن تنهي وجودها في الأراضي الفلسطينية على الفور وأن تعوض عن الأضرار التي تسببت بها.
إن المجتمع الدولي ملزم باتخاذ موقف حاسم وقوي لوضع حد للممارسات الإسرائيلية غير القانونية، بما في ذلك أعمال الإبادة الجماعية ضد شعب غزة.
هنا يطرح هذا السؤال بعد ان اصدرت محكمة العدل الدولية حكمها بحق الكيان الصهيوني ماذا سيحصل على أرض الواقع؟.
ان محكمة العدل الدولية تعطي الاراء الاستشارية بخصوص مسألة قانونية بين الدول واصدار قرارات توقيف بعض المسؤولين هو من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وهي التي بإمكانها ملاحقة الأفراد جزائياً عند ارتكابهم لجرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية وغيرها من الجرائم الدولية الخطيرة.
على المؤسسات الدولية ان تنهي ازدواجية المعايير ودعمها للكيان الصهيوني الغاصب
صحيح ان الكل يعلم عدم إلزامية الآراء الاستشارية الصادرة عن محكمة العدل الدولية، إلا أن العرف يقضي بأنّ للآراء التي تبديها محكمة العدل قيمة قانونية إلزامية. وتكمن أهميتها في الضغط المعنوي على قوة الاحتلال الصهيونية، وهو يسقط كلّ الاتفاقيات التي حصلت بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل".
ولذلك حسب حكم محكمة العدل الدولية على جميع الدول ان لاتعترف بهذا الكيان المحتل ومن واجبها عدم تقديم أي مساعدة أو عون لاستمرار الوضع الناجم عن وجود كيان الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتقع هذه المسؤولية على عاتق المنظمات الدولية، وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة ومختلف المؤسسات.
ومع هيمنة الكيان الصهيوني وامريكا، فإن مجلس الأمن عاجز عن أي تحرك للتأثير على هذه القضية ومنها أيضاً تنفيذ أحكام المحاكم الدولية. فلو افترضنا أن محكمة العدل الدولية أدانت إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة، أو أن المحكمة الجنائية الدولية أدانت بعض المسؤولين الصهاينة بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، فإن تنفيذ هذه الأحكام يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن المكبّل بحق النقض (الفيتو).
صحيح ان حكم محكمة العدل الدولية هو استشاري ولكن يوضح الحقيقة للعالم وهو ان الغاصب والمحتل والمجرم هو الكيان الصهيوني
ان الهيمنة الغربية على المؤسسات الدولية وازدواجية المعايير تعطي الحق للكيان الصهيوني ان يستمر بالاحتلال والابادة الجماعية حيث يتغيير مكان الجلاد والضحية في القضية الفلسطينية، لذلك على المؤسسات الدولية ان تغير سلوكها تجاه المجرمين والقتلة للاطفال والنساء الابرياء، صحيح ان حكم محكمة العدل الدولية هو استشاري ولكن يوضح الحقيقة للعالم وهو ان الغاصب والمحتل والمجرم هو الكيان الصهيوني، وبناء على هذا فقد يصبح على الجميع العمل على إزالة هذا الكيان الجاثم على أرض الشعب الفلسطيني.
وختاما يمكن القول ان احكام محكمة العدل الدولية لديها اثار ايجابية لان اصدار هذه الاحكام تشكّل ضغطاً معنوياً على كيان الاحتلال ومن يدعمه من الدول الغربية، وتنزع صفة الشرعية عن أعماله التي يدعي خلالها "الدفاع عن النفس" وتعطي الشرعية للمقاومة الفلسطينية للدفاع عن نفسها والشعب الفلسطيني.
/انتهى/