أكد الخبير في الشؤون الإقليمية والدولية الدكتور مسعود أسداللهي، أن الرد على اغتيال الشهيد هنية آت وحتمي ولكن لا أحد يعلم توقيته إلا المعنيون بهذا العمل العسكري.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: عندما يقوم العدو الصهيوني بعمليات عسكرية واغتيالات واعتداء على أمن اي دولة تقف أمريكا ودول عالمة موقف المتفرج، او في أحسن الاحوال تدين هذا العمل، فيما هم على استعداد أن يدخلوا في مواجهة بشكل مباشر إذا كان المستهدف الكيان الصهيوني.

أمرٌ دفع إيران؛ التي اصبحت قوة عالميه في المنطقة وقوة مركزية واساسية، ومحور المقاومة إلى تغير قواعد الردع، بحنكة سياسية وقوة ميدانية ضاربة. وقد ثبّتت إيران قاعدة ان "زمن إضرب واهرب قد ولى".

ومن ناحية اخرى"نتنياهو لا يريد حربا مفتوحة بين ايران و"إسرائيل" لانه يعرف انه لا يستطيع ان يدخل في حرب مفتوحة مع ايران لانه سوف يخسر كثيرا، وما يريده نتنياهو هو توريط الاميركي في حرب ضد ايران.

عناوين متنوعة ناقشتها مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، مع الخبير في الشؤون الإقليمية والدولية الدكتور مسعود أسداللهي، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

فرض العدو الاسرائيلي باستفزازاته الوقحة واعتداءاته السافرة على الجمهورية الاسلامية الإيرانية واقعا جديدا من المواجهة العسكرية المفتوحة على افاق الحرب الاقليمية.. كيف تقرأون مخاطر هذه المواجهة، وما هي الابعاد الاستراتيجية التي يريدها نتنياهو من فتح هذا الباب وهو يعلم انه اعجز من الدخول في متاهاته ومخاطره ؟

نتنياهو لا يريد حربا مفتوحة بين ايران و"إسرائيل" لانه يعرف انه لا يستطيع ان يدخل في حرب مفتوحة مع ايران لانه سوف يخسر كثيرا، ما يريده نتنياهو هو توريط الاميركي في حرب ضد ايران، هو يعرف ان ايران وفلسطين المحتلة ليستا متجاورتان وبالتالي لا يمكنه مهاجمة إيران الا عبر اجواء الدول العربية كالاردن والسعودية ...، لذلك هو يخطط بالقيام بعمل ما ضد ايران، وايران سوف ترد عليه ان كان عملا عسكريا او امنيا. مثال، كغارات جوية ضد بعض المناطق في ايران، وهو متأكد ان ايران سوف ترد، هو يعتقد بعد الرد الايراني ان اي رئيس اميركي لأي حزب انتمى لا يمكن ان يسكت عن هجوم ضد "اسرائيل" ولذلك اميركا سوف تدخل في الحرب ضد ايران بحرب مفتوحة، وان القواعد الاميركية الموجودة حول ايران في العراق في دول مجلس التعاون الخليجي هي بمتناول الصواريخ الايرانية، وايران بعد الرد الاميركي سترد على هذه القواعد وسوف تبدأ حربا مفتوحة بين اميركا وايران ، واسرائيل ستنسحب وسوف تراقب، معتبرة بأنه كما نجح الاميركي في اسقاط نظام صدام فإنهم سيسقطون نظام ايران وهذا فكر طفولي جدا لان نتنياهو لا يريد ان يعترف ان نظام الجمهورية الاسلامية يختلف تماما عن النظام البعثي في العراق، وان النظام الايراني في قلوب الناس وفي قلب الشعب الايراني الذي يدعم النظام كما دعمه طوال اربعين عاما، نتنياهو يريد توريط الاميركي في حرب ضد ايران لذلك رغم كل الدعم الاميركي ل"اسرائيل" لا تريد اميركا بأي ثمن اي حرب بينها وبين ايران لانهم يعرفون بأن الضباط والجنود الاميركيين سيكونوا الهدف الاول والاقرب لايران وسوف يخسرون الكثير من الارواح... والحرب عندها لن تكون محصورة بين ايران واميركا بالقواعد العسكرية، لان اذا امريكا استهدفت البنى التحتية لايران سوف تستهدف ايران البنى التحتية لدول مجلس التعاون الخليجي، لانه لا يمكن لاي اميركي ان يهاجم ايران الا عبر قواعده الموجودة في المنطقة مثلا القيادة المركزية لاميركا تقع في قاعدة العديد في قطر، الاسطول الاميركي في الخليج الفارسي يقع في البحرين، القوات البرية الاميركية موجودة في الكويت وايضا في العراق، وايضا هناك المستشاريين العسكريين الامريكيين في الامارات...
ايران منذ مدة طويلة قالت بأن الامن في الخليج الفارسي اما ان يكون للجميع او لا يكون لاحد، لذلك لا تقبل ان تهاجم من قبل الحكومة الاميركية من القواعد التي تقع في دول مجلس التعاون الخليجي وان تبقى هذه الدول خارج مدى الحرب، لا يمكن هذا وايران لن تقبل بهذا. هذه القواعد موجودة في دول مجلس التعاون الخليجي وهي مسؤولة عن اي سلوك عدائي اميركي تجاه ايران.

لا يزال المنهج الايراني في التعامل مع المخاطر والتحديات التي افتعلها كيان الاحتلال، يحير المراقبين ويفاجئ اصحاب القرار في دول الاستكبار، ما هي اهم مميزات الاسلوب الايراني في التعامل مع الازمة الراهنة مع كيان الاحتلال؟ وكيف تستطيع ايران رد التحدي والمحافظة على اخلاقياتها الحضارية والتزاماتها الدولية في ان معا؟

ايران قالت منذ فترة طويلة بأنها سوف ترد على اي عمل عدواني من قبل الكيان الصهيوني ان كان عملا امنيا او عسكريا، ومعنى هذا الامر ان ايران لن تبادر بالهجوم على الكيان الصهيوني بل ستكون في موقف دفاعي للرد على اي عمل عدواني، في القانون الدولي الدفاع مشروع دائما وايضا في القيم الاخلاقية والدينية والحضارية، لن يقبل اي شعب في العالم ان يهاجم من قبل عدو خارجي ويبقى هذا الشعب ساكنا ودون رد...
بالنسبة لايران الرؤية واضحة جدا، اي عمل امني أو عسكري من قبل "اسرائيل" ضدها سوف ترد بنفس المنهج، واذا الطرف الاسرائيلي قام بأي عمل تخريبي في المحطات النووية الايرانية او المصانع العسكرية ايران سوف تقوم بنفس الرد ضد محطات ومصانع للعدو، واذا "اسرائيل" قامت بأي عمل عسكري واضح ومعلوم وضربت اهداف في إيران ، ايران سوف تقوم بنفس العمل. واذا لا سمح الله الطرف الاسرائيلي يستهدف المرافق السكنية والمدنية ايران سوف ترد بالمثل وبنفس الطريقة.

توقف العديد من المراقبين عند الرد السريع لقائد الثورة الإسلامية سماحة القائد السيد علي الخامنئي حفظه الله. وتأكيده على ضرورة الرد على التحدي الصهيوني ومعاقبة وتأديب المعتدي! فلماذا بادر الامام الى اتخاذ هذا الموقف؟ وكيف احبط هذا الرد الجانب الاسرائيلي الذي كان يعتقد ان ما حدث هو في اطار الحرب الامنية بين البلدين ولا يتطلب ردا عسكريا؟

يعرف الجميع خاصة الدول الغربية و"اسرائيل" انه عندما يتكلم سماحة السيد القائد بصراحة ويأخذ موقفا علنيا في موضوع ما، هذا يعتبر سياسة النظام، وبالتالي لا يوجد نقاش حول هذا الموضوع، يعتبر هذا حكما شرعيا يجب تنفيذه من قبل المسؤولين العسكريين وغير العسكريين في ايران.

في مواضيع اخرى لديه وجهات نظر مختلفة، هناك مواضيع لا يأخذ فيها موقف علني ليترك فيها مجالا للنقاش بين المسؤولين، وقد يكون هناك اختلاف في الآراء مثلا بين بعض وزراء الحكومة وهذا يعتبره السيد القائد مشروع، لان اي رئيس ينتخب في ايران عبر انتخابات نزيهة وشفافة يجب دعمه، هذا رأي السيد القائد، هناك بعض المواضيع المصيرية لا يمكن تركها للنقاش او لاظهار وجهات نظر مختلفة سيما ان في ايران تيارات متنوعة قد تختلف بالآراء لذا السيد القائد يعتبر ان النقاش في القضايا المصيرية قد تخسر ايران الكثير، لذلك في هكذا مواضيع السيد القائد يأخذ القرار حتى يبين للجميع بأن هذا الموضوع هو موضوع مصيري لا يمكن النقاش حوله، هكذا مواضيع هي فوق النقاشات بين التيارات السياسية، لذلك فان الغارة على القنصلية الايرانية في دمشق دفعت السيد القائد للطلب من المسؤولين بالرد وأكد بأن الرد يجب ان يكون سريعا ويستهدف عمق الكيان الصهيوني، لان السفارة والقنصلية لأي بلد تعتبر جزءا من اراضيها، وقد رأينا في عملية الوعد الصادق التي نفذتها ايران كيف انها ردت بكثافة واطلقت عدد كبير من الصواريخ والمسيرات، وكانت عملية ايرانية بحتة، وايران لم تطلب من فصائل المقاومة المختلفة ان يدخلوا في هذه العملية.

هنا يوجد فرق بين استهداف القنصلية الايرانية في دمشق واستشهاد الشهيد الكبير الاستاذ اسماعيل هنية في طهران، هنا صحيح الاسرائيلي استهدف نقطة وموقع مهم في طهران فنحن معنيون بالرد، وأيضا الفصائل الفلسطينية معنية بالرد أيضا.

لكن إضافة الى ذلك قبل ساعات من استشهاد الاستاذ هنية، ارتكب العدو الاسرائيلي عملية اغتيال استهدفت الاخ الكبير فؤاد(الحاجة محسن) شكر، احد اكبر قيادات المقاومة الاسلامية في لبنان في منطقة سكنية، واستشهد معه عدد من المدنيين، اذن حزب الله ايضا معني بالرد بالنسبة لاستهداف احد قياداته، لذلك اصبح هناك عمل متزامن والمجال مفتوح امام كل اعضاء محور المقاومة من يريد ان يدخل في هذا الهجوم، ولذلك الاسرائيلي خائف جدا من مدى هذا الهجوم ونوعية وكيفية الصواريخ والاستهداف داخل الكيان الصهيوني، العالم كله يتوقع هذا الهجوم بعد ان تبين للجميع انه لا يمكن السكوت على هكذا جرائم من قبل الكيان الصهيوني، والرد آت وحتمي ان شاء الله ولكن متى لا احد يعرف الا من هم معنيون بهذا العمل العسكري.

هل راهن العدو الاسرائيلي على المرحلة الانتقالية التي تمر بها الجمهورية الاسلامية من حيث ترتيبات انتقال الرئاسة وتشكيل الحكومة الجديدة، وما تقييمكم لاداء النظام الاسلامي في هذه العملية السياسية من الانتخابات الى اعلان حكومة لمواجهة التحديات الراهنة ؟و كيف يمكن لايران ان توازن بين ضرورة تأديب العدو ومنعه من تحقيق انجاز استراتيجي في تغيير المعادلات من جهة وضرورة عدم الانجرار الى حرب واسعة تغيب الحق الفلسطيني من جهة اخرى؟

من الممكن ان السلطات الصهيونية كانت تراهن على المرحلة الانتقالية في ايران بعد استشهاد الرئيس الشهيد السيد إبراهيم رئيسي ومراحل ما بعد استشهاده من الانتخابات الايرانية التي حصلت خلال خمسين يوما ثم انتخاب الرئيس الدكتور بزشكيان كرئيس جديد لايران، ثم مرحلة تشكيل الحكومة وطرح اسماء الوزراء الجدد في مجلس الشورى الاسلامي، هذه مرحلة بدأت بعد استشهاد الشهيد رئيسي وستنتهي ان شاء الله بعد اسبوع او عشرة ايام، يمكن ان الطرف الاسرائيلي كان يراهن على هذا، ولكن بشكل عام "الاسرائيلي" يعرف بأن سياسات الجمهورية الايرانية المبدئية تقرر من قبل السيد القائد، صحيح انه لدينا رئيس مجلس الامن القومي و رئيس الجمهورية، وعادة مثل هكذا مواضيع تناقش داخل مجلس الامن القومي ولكن النتيجة النهائية تعرض وتقدم لسماحة السيد القائد حتى يأخذ سماحته القرار النهائي، عادة يؤيد السيد القائد قرار مجلس الامن القومي ومن الممكن ان يعارضه ايضا ولكن القرار النهائي بيد السيد القائد. انتخاب الدكتور بزشكيان كرئيس الجمهورية لا يعني تغيير سياسات ايران المبدئية، نحن عندنا مبدأ بأن اي هجوم على ايران سوف يرد عليه اي كان الطرف الآخر، وايضا هناك توافق وطني في ايران على الرد على اغتيال الشهيد اسماعيل هنية الذي كان ضيفا كبيرا وعزيزا في ايران، واغتياله في ايران ليس فقط انتهاك للسيادة الوطنية الايرانية بل هو انتهاك لكل القيم الانسانية والاخلاقية و القانون الدولي، وعندما يتجرأ "الاسرائيلي" على اغتيال ضيفنا هو يعرف ان الايراني لن يسكت على هذا الموضوع، وهذا الامر ليس تابعا لسياسات الحكومات او لهذا الوزير او ذاك، هذه سياسة مبدئية في ايران، وهناك اجماع وطني على الرد، ولكن كيفيته وتفاصيله هو عند المسؤولين المعنيين وهم من يقررون.

ستنتهي المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين الاسرائيلي وحماس بعد فترة ولربما تنتهي في انهاء الحرب على غزة، وهنا السؤال هل الايراني وحزب الله سيقومان بالرد بعد وقوف إطلاق النار في غزة، هذا الامر مرتبط بمسألتين:
المسألة الاولى تتعلق بموقف مبدئي بأن اسرائيل ارتكبت جريمتين خارج موضوع الحرب على غزة من اغتيال الاستاذ هنية في طهران او اغتيال الحاج محسن في الضاحية..
وهناك مسألة اخرى في موضوع غزة، محور المقاومة دخل في الحرب لاسناد اهل غزة وجبهة غزة، ونحن وصلنا الى مرحلة متقدمة في موضوع وحدة الساحات، صحيح انه لم يتحقق معنى وحدة الساحات بشكل كامل وحرفي ولكن عمليا دخل بعض اعضاء محور المقاومة طواعيا في مساعدة ومساندة اهل غزة، هناك قرار بأن ايران وحزب الله سوف يقبلان بما تقبل به حماس، هذا مبدأ إيران وهو مبدأ واضح ومعلن، بأنه عندما تتوقف الحرب ضد غزة كل جبهات اسناد غزة سوف تتوقف عن اي عمل ضد الكيان الصهيوني، ولكن هنا يوجد موضوعين مختلفين بعد انهاء الحرب على غزة هل ان ايران وحزب الله سيردان على جرائم اسرائيل ضدهما او ان هذا الامر يدخل ضمن وقف اطلاق النار؟ هذا موضوع حتى الان الموقف الرسمي بهذا الشأن لايران وحزب الله يعتبرانه انه خارج موضوع حرب غزة، وشخصيا كمحلل لا استبعد انه حسب ظروف اهل غزة قد يستغل الوضع الصهيوني ويعتبر الرد خرق لوقف اطلاق النار، لذلك اعتقد ان التأجيل بالرد في المكان والزمان المناسبين هو احتمال قوي لكي لا يضرا بوقف اطلاق النار في غزة واكرر ان هذا تحليلي وليس لدي معلومات، ولكن من الممكن وتبعا لمصلحة اهل غزة ايران وحزب الله سوف يأخذان القرار المناسب.

/انتهى/