انقلاب إيران عام 1953 (بالفارسية: کودتای 28 مرداد) انقلاب على رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا محمد مصدق، وكان مدبرا ومخططا له المخابرات البريطانية والمخابرات الأمريكية، حيث أطلقت المخابرات البريطانية علىه اسم "التمهيد" (Operation Boot) بينما أطلقت المخابرات الأمريكية عليه اسم مشروع أياكس.

وكالة مهر للأنباء: ينبغي البحث عن الخلفية التاريخية لانقلاب 18 أغسطس(28 مرداد) عام 1953 في ايران، في حركة "تأميم صناعة النفط". يعد تأميم النفط حركة مناهضة للاستعمار ونقطة تحول مهمة في تاريخ إيران، والتي تميزت بالعديد من الأحداث. حيث وقع "وليام نوكس دارسي" عقدًا مع مظفر الدين شاه عام 1901 اصبحت بموجبه المصالح النفطية الإيرانية متاحة له حصريًا. ويُعرف هذا العقد، المعروف باسم "جائزة دارسي"، بأنه عامل مهم للاستعمار البريطاني ونفوذه في إيران. تم إبرام عقد دارسي لاحقًا في عام 1933بين شركة نفط بريطانيا ورضا بهلوي بشكل آخر، وهو ما يُعرف باسم "عقد 1933".

المصادقة على خطة تأميم النفط

أضرب العمال الإيرانيون في شركة النفط الإيرانية-الإنجليزية في يوليو 1946 بسبب العديد من مشاكل العمل. ولكن بناءً على طلب البريطانيين، أطلق الحاكم العسكري محمد رضا بهلوي النار على 83 عاملاً أدت هذه المذبحة إلى زيادة موجة المعارضة للاستعمار البريطاني على النفط الإيراني، ومنذ البداية كان آية الله كاشاني والدكتور مصدق حاضرين في الحركة الوطنية للنفط.

تم عرض خطة تأميم صناعة النفط الإيرانية في البرلمان بحضور الدكتور مصدق وتمت الموافقة عليها في مارس 1950. جاء في جزء من نص هذه الخطة: "باسم سعادة الأمة الإيرانية ومن أجل المساعدة في ضمان السلام العالمي، يقترح الموقعون أدناه إعلان صناعة النفط الإيرانية وطنية في جميع مناطق البلاد دون استثناء. وهذا يعني أن جميع عمليات التنقيب والاستخراج والاستغلال يجب أن تكون في أيدي الحكومة".

مصدق؛ رئيسا للوزراء

بعد رئاسة "رزم آرا" للوزراء، أصبح حسين علاء رئيسًا للوزراء في مارس 1950؛ لكنه استقال في مايو 1951. وبعد استقالة علاء بسبب استمرار تأثيرات الحركة الوطنية النفطية ودعم رجال الدين وعلى رأسهم آية الله الكاشاني ودعم الجبهة الوطنية، تم انتخاب الدكتور مصدق رئيساً لمجلس الوزراء وللمرة الأولى والأخيرة وفي تاريخ الحكومة البهلوية تم تشكيل حكومة وطنية بتصويت الشعب.

الانقلاب الفاشل في 15 أغسطس

في بداية فترة رئاسة مصدق للوزراء، بدا أن الولايات المتحدة تدعم تأميم النفط في ايران، وهذا ما جعل مصدق يعتمد على الولايات المتحدة في مواجهة التهديدات البريطانية المستمرة.

في مارس 1952، عقدت الولايات المتحدة عدة اجتماعات بين وكالات التجسس ووزارة الخارجية الأمريكية مع بريطانيا للتخطيط للانقلاب، واتفقت الدولتان على تعيين زاهدي خلفًا لمصدق كرئيس للوزراء. كانت خطة هذا الانقلاب مبدئيًا في 15 أغسطس 1953. وكانت عملية الانقلاب على مسؤولية العقيد نصير، قائد الحرس للنظام البهلوي، الذي عينه محمد رضا بهلوي لاحقًا رئيسًا للسافاك. وكان واجب النصيري هو اعتقال الدكتور مصدق وتنفيذ أمر إقالته من بهلوي. لكن مصدق كان على علم بهذه الحادثة وبعد فشل الانقلاب تم اعتقال نصيري وفر محمد رضا بهلوي إلى العراق.

تم تصميم العملية الانقلابية لأول مرة من قبل البريطانيين تحت اسم "عملية التمهيد". "كريستوفر وودهاوس" المصمم الأصلي لخطة الانقلاب، عقد اجتماعات في واشنطن في نوفمبر وديسمبر 1951 للإطاحة بحكومة مصدق، ثم مع تدخل الأمريكان ووكالة المخابرات المركزية سي اي ايه، تم الانتهاء من هذه الخطة تحت اسم "عملية" اياكس". ويعتبر حسين فردوست غياب الشاه عن طهران أحد أسباب فشل انقلاب 15 أغسطس، ونقل في هذا الصدد عن أحد قادة الانقلابيين قوله: «عندما اكتشفنا أن الشاه قد ذهب إلى مدينة نوشهر، لم تكن لدينا الشجاعة لتنفيذ خطة الانقلاب".

وفي اليوم التالي لنشر أخبار الانقلاب الفاشل في 15 أغسطس، جاء الناس إلى مكان الحادث لدعم حكومة مصدق. يومي 15 و 16 أغسطس، خرجت العديد من المظاهرات، وفي هذه الأثناء، تم تنظيم أعمال مثل إشعال النار في المراكز المرتبطة بالنظام الملكي، وإسقاط تماثيل رضا خان ومحمد رضا، وترديد شعارات ضد الشاه.

انقلاب 18 أغسطس

في 17 أغسطس 1953، أعلن آية الله كاشاني، في رسالة موجهة إلى مصدق، عن يقينه بشأن وجود مؤامرة الانقلاب ضده، بل وذكر فضل الله زاهدي كبديل له. وشدد الراحل كاشاني في هذه الرسالة على أن إغلاق مصدق للبرلمان هو أحد عوامل الانقلاب.

في 18 أغسطس، أثناء الانقلاب، ومن خلال نشر صور لأمر إقالة مصدق وتعيين زاهدي كرئيس للوزراء في وسائل الإعلام، تم وضع الأساس للإطاحة بمصدق. وأطلقت الولايات المتحدة ومحمد رضا بهلوي دعاية واسعة النطاق ضد مصدق. وجاء في كتاب "سقوط الإمبراطورية البريطانية وحكومة الدكتور مصدق": "إن الانقلاب قد تم تنفيذه بعناية من قبل البريطانيين. وقد تم تنفيذ بعض العمليات بنجاح، مثل رشوة أعضاء البرلمان، ودفع الأموال لقادة الجماعات، وجلب مثيري الشغب إلى الشوارع، ومواجهة المظاهرات العفوية لأنصار مصدق. نفذ هذه العملية الواسعة ثلاثة أشقاء، سيف الله وقدرة الله وأسد الله رشيديان".

قام كيرميت روزفلت، حفيد الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت، الذي كان القائد الميداني لانقلاب 18 أغسطس، بوضع مسدسه على رأس أحد القادة العسكريين البهلويين، وأخرج أول دبابة إلى الشارع لاجراء مخطط الانقلاب، وبهذه الطريقة وقع انقلاب 18 أغسطس ظهرًا من نفس اليوم، وتم الاستيلاء على طهران من قبل مدبري الانقلاب. وجاء في كتاب "أسرار الانقلاب" أن ميزانية هذا الانقلاب كانت نحو مليون دولار.

عقب الانقلاب في عام 1953، شُكِّلت حكومة بقيادة الجنرال فضل الله زاهدي مما مكّن محمد رضا بهلوي، آخر شاه في إيران (أي ملك إيراني بالفارسية)، من الحكم كعاهل. اعتمد بشدة على دعم الولايات المتحدة للتمسك بالسلطة. وفقًا لوثائق وكالة المخابرات المركزية وسجلاتها السرية، وظفت وكالة المخابرات بعضًا من أكثر رجال العصابات إثارة للخوف في طهران لتنظيم أعمال شغب موالية للشاه في 19 أغسطس. جلبت وكالة المخابرات المركزية رجالًا مأجورين إلى طهران في حافلات وشاحنات، واستولوا على شوارع المدينة. قُتل ما بين 200 و300 شخص جراء النزاع.

ألقت محكمة الشاه العسكرية القبض على مصدق وحاكمته وأدانته بتهمة الخيانة. في 21 ديسمبر 1953، حُكم على مصدق بالسجن ثلاث سنوات، ثم وُضع قيد الإقامة الجبرية لبقية حياته. سُجن أنصار آخرون لمصدق، وتلقى العديد منهم عقوبة الإعدام. بعد الانقلاب، واصل الشاه حكمه كعاهل لمدة 26 سنة قادمة إلى أن أُطيح به في الثورة الاسلامية في عام 1979.

اعتراف امريكا بدورها الاساسي في انقلاب 1953

في أغسطس 2013، وبعد مرور ستين عامًا، اعترفت الحكومة الأمريكية رسميًا بالدور الأمريكي في الانقلاب بنشر معظم الوثائق الحكومية التي كانت سرية في السابق وأظهرت أن الحكومة الأمريكية كانت مسؤولة عن التخطيط للانقلاب وتنفيذه، بما في ذلك رشوة الساسة الإيرانيين، وكبار المسؤولين الأمنيين والجيش، فضلًا عن التحريض المؤيد للانقلاب. أشار اعتراف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بأن الانقلاب نُفّذ «بتوجيه من وكالة المخابرات المركزية» و «صُمم وجرت الموافقة عليه على أعلى مستويات الحكومة بوصفه فعلًا صادرًا عن السياسة الخارجية الأمريكية».

/انتهى/