وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: الواضح أن نتنياهو يشتري الوقت ويعلم أن عملية السابع من أكتوبر كانت ضربة قاصمة وفاصلة للكيان الصهيوني، وأنها حرب وجودية لهذا الكيان اللقيط.
ومع انطلاق الطوفان، انطلقت جبهة الإسناد المستمرة على كافة جبهات محور المقاومة.
وباتت هذه الجبهة تفاجئ جمهورها الكريم بالتطور النوعي والكمي الذي وصلت له، وفيديو منشأة "عماد ٤" التي أعلن عنها حزب الله مؤخراً خير شاهد على ذلك، وما خفي أعظم.
هذه العناوين وغيرها ناقشتها مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، مع سيادة العميد الركن "غسان الحكيم"، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
السؤال البديهي الاول الذي يتبادر للذهن امام حدث نوعي بحجم المدينة الصاروخية (منشأة عماد ٤) يتعلق بالتوقيت، فلماذا الان؟ وما علاقة نشر المقاومة الاسلامية هذه المعلومات المهمة، بمجمل التطورات الميدانية السياسية والعسكرية في المنطقة؟
سمعنا مؤخرا وبعد اغتيال "القائدين اسماعيل" هنية و"فؤاد شكر" وبما يمثل كل منهما، بأن الرد لا بد آت من ايران فيما خصها، ومن حزب الله فيما خصه، وما علينا الا انتظار الليالي والايام والميدان لاقتناص الفرصة والقيام بالرد، وامام هول الانتظار عند العدو الاسرائيلي وتأثير ذلك على جمهوره شمالا ووسطا وجنوبا، كثر الحديث عند قادة العدو عن امكانية تنفيذ ضربة استباقية لحزب الله في لبنان، فما كان من المقاومة الا ان ردت بما يفاقم ازمة العدو الاسرائيلي وخاصة في جبهته الداخلية، وهكذا لجأت المقاومة الى خيار الكشف عن بعض مقدراتها في منشأة "عماد 4" الحصن المنيع في باطن الارض، وبما يحويه من منصات وصواريخ، وهذه المنشأة تجعل العدو ان فكر بتنفيذ غارة استباقية فلن يقوى عليها لمعرفته التي باتت اكيدة بقدرات المقاومة المعروفة والمخبأة.
إنها رسالة ردع، لانه مع هكذا منشأة ومع رفيقاتها يمكن للمقاومة ان تبادر الى الضربة الثانية وهي بأمان، في حال قام العدو بضربة استباقية، بكل قوة تتم الضربة الثانية وبحماية اكيدة ودون اي مخاوف، فتصيب اهدافها في العمق الاسرائيلي وعلى مديات مختلفة، وبما يتناسب مع انواع الاهداف، وترافق نشر فيديو ومنشأة عماد 4 مع عودة مباحثات التفاوض في الدوحة، ورغبة من المقاومة في دعم واسناد غزة وللمفاوضات التي تجريها حماس، وهي رسالة ايضا للبوارج والاساطيل والمدمرات وحاملات الطائرات فلها ما ينتظرها ايضا ان تمادت.
هل ترى ان العدو تفاجأ بمثل هذه التحصينات التي تشكل جزءا مهما من البنية التحتية الصلبة التي اعدتها المقاومة للمواجهة مع الاحتلال؟ ولماذا تكتم العدو على ردة فعله وفرض حظرا على نشر الفيديو الخاص بالمنشأة العسكرية تحت الارض؟
حاول الكيان الصهيوني في غزة الحاق الضرر بالانفاق ولكنه فشلت في تدميرها، وان كان نجح في كشف بعضها وتدميرها، وشبكة انفاق غزة اثبتت انها اكبر حجما وتعقيدا مما توقعته "اسرائيل" وهي ما زالت وسيلة فعالة وربما الوحيدة لحماس، اذ انها تخفي رجالها واسلحتها وذخيرتها وعلى الارجح اسرى العدو، وهكذا بعد عشرة اشهر من القتال ومن العدوان على غزة بقيت هذه الانفاق عصية، ولم تتمكن "اسرائيل" من كشف شبكتها بالكامل، ومن هنا نرى ان العدو الإسرائيلي، مع منشأة "عماد 4" اصابته رياح المفاجأة ولذا عمد الى حظر فيديو "عماد 4" لما له من تأثير على المحتلين الصهاينة، لان الفيديو يبرز القوة والقدرة والمناعة لدى حزب الله في بنيته التحتية وكم بلغ من مستوى عال في تنمية قدراته من تحصينات وذخائر واسلحة تجعله عصيا على الانهزام.
ولعل بيان السفارة الايرانية في لبنان الذي واكب نشر فيديو "عماد 4" بأن هكذا منشأة تسمى في إيران مدينة صواريخ وهي في الارض الايرانية ممتدة ومنتشرة مما يمكنها من ردع اي اعتداء عليها من اي جهة كان سواء بحرا او برا او جوا، وهكذا الحال مع منشأة عماد 4 ورفيقاتها المخفيات حتى الان، وما حظر نشر الفيديو في اسرائيل الا بداعي منع الخوف في الجبهة الداخلية الاسرائيلية ومنعا لما يزيد الضغط على حكومة الكيان، ولمنع السؤال الذي يوجه لحكومة "اسرائيل" ماذا انتم فاعلون امام هكذا منشآت وقدرات، اين كنتم وحزب الله يراكم قدراته؟
انها الحرب النفسية التي تحسن ادارتها المقاومة في لبنان.
لا شك بأن اعلان حزب الله عن هذه القدرات العسكرية المتطورة والفاعلة، يحمل العديد من الرسائل ولاطراف عدة، فما هي بتقديركم الجهات التي يتوجب عليها ان تقرأ رسالة حزب الله؟ وهل الامر يتعلق بالبعد الاستراتيجي للصراع القائم في المنطقة ؟
في هذه القدرات العسكرية المتطورة والمتراكمة التي كشف عنها فيديو عماد 4 اظهارا للقوة وللاستعداد على رد اي عدوان اسرائيلي او داعم له بما يكفل تكبيد العدو الخسائر الفادحة، وافشال اي هجوم استباقي منه، في حين ان قوى المقاومة وقدراتها ستكون في مأمن من نيران العدو سواء اتت من الجو او من البر او البحر لما تتمتع به من السرية وعمق التحصينات وقوتها، انها رسالة ردع ولن تسمح للعدو ان يتمادى في عدوانه ان وسع فنوسع وكما يجري مع شمال فلسطين المحتلة حيث اي تجاوز لقواعد الاشتباك يرد عليه ويعقبه بيان بتسمية العمل الدفاعي ردا على الاعتداء في ضيعة كذا او محلة كذا ومساندة ودعما لغزة، ومن يتوجب عليه قراءة الرسالة هو اولا العدو الاسرائيلي ومن ثم داعميه من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وغيرهم من الدول الاوروبية والحليفة لهم، والرسالة موجهة ايضا الى الحلفاء في محور المقاومة في غزة واليمن والعراق وفي الضفة الغربية وليظهر مدى المناعة والقدرة على الصمود والتصدي لأي اعتداء اسرائيلي واظهار مدى العمق الجغرافي الذي بإمكان المقاومة ان تصله في ردها وفي استهدافاتها، ونشر الفيديو هو رسالة الى المحيط الاقليمي عن مدى قدرات المقاومة ولعل في بيان السفارة الايرانية في لبنان الذي ورد ذكره انفا ما يكفي كي لا تنخرط اي دول اقليمية بما تحويه من قواعد اجنبية في المشاركة في اي اعتداء على لبنان او على ايران ان حصل.
ان المشاركة في العدوان لن تحفظ المصالح والقواعد الاجنبية من ان تنال نصيبها من الدمار في حال توسعت الحرب اقليميا، وهكذا نرى ان ما تم عرضه في فيديو عماد 4 يظهر مدى التأثير على الصعيد الاستراتيجي للصراع حاليا ويلجم اي توسع له، مقيما نوعا من توازن الردع وخاصة ان كافة الاطراف لا ترغب بالانجرار الى معركة إقليمية واسعة لعلو تكاليفها ماديا وبشريا وعدم ضمان نتائجها.
سماحة الامين العام السيد نصرالله حدد الاطار العام للمعركة الدائرة الان على الساحة الفلسطينية وما يتبعها من ساحات مساندة، بأنها حرب مراكمة الانتصارات، وتسجيل النقاط في مجال القوة والاستعداد، فكيف ترون ان ما كشفه حزب الله يساهم في توهين قوة العدو وتعزيز المقاومة في هذه الحرب الطويلة؟
منذ عام التحرير 2000 وحرب 2006والانتصارات تتوالى والمقاومة تعمل وتجهد لزيادة قدراتها واستعداداتها لأي معركة تفرض عليها سواء دفاعا او هجوما ان اضطرت لذلك.
وجاء طوفان الاقصى في السابع من اكتوبر ليشهد ساحات مساندة من اليمن والعراق ولبنان مسجلا مشاركة قوى لم تكن على تماس مباشر مع العدو الاسرائيلي، كما مع اليمن مع انصار الله الذي الحق بالكيان الغاصب خسائر اقتصادية باهظة وكان ابرزها وقف التجارة العالمية التي تتعامل مع الكيان، ووقف مرور سفنها مما انتج اقفالا لميناء ايلات والبحر الاحمر، اما لجهة لبنان فقد اضطر حوالي مئة الف مستوطن من مغادرة 43 مستعمرة حدودية وبعمق حوالي 5 كيلومتر مما عمق الازمة في جبهته الداخلية، اذ لأول مرة منذ تاريخ نشأته يهجر مستوطنون مستعمراتهم الى الداخل مع ما يستتبع ذلك من القضاء على مواسم زراعية واقفال المصانع واندثار القطاع السياحي في الشمال خاصة، وهكذا كان الكشف عن منشأة عماد 4 هو رسالة قوية للعدو كي يحجم ويدرك ان اي عمل عدواني سيترتب عليه آثار تصيب عمق الكيان في مقتل، انه العمل على توازن الردع وابقائه وفقا لقواعد الاشتباك، وان خرقت يتم العمل لكي تبقى متوازنة على الجانبين، هكذا تعمل المقاومة في لبنان على ابقاء التوازن على الجانبين.
منذ العام ۲۰۰۶ انتهج حزب الله سياسة الكشف عن بعض قوته لردع العدو ومنعه من المغامرة بشن الحروب التدميرية على لبنان.. هل تعتقدون ان ما ظهر من منشأة عماد 4 يساهم في ردع جيش الاحتلال ويفرض معادلات القوة التي تؤيدها المقاومة في الميدان ؟
عام 2006 فاجأت المقاومة الاسلامية في لبنان الاحتلال الاسرائيلي اثناء المحاولات البرية لدخول الاراضي اللبنانية بما حطم اسطورة الميركافا الاسرائيلية وذلك عبر الكورنيت الذي حول وادي الحجير الى مقبرة ومجزرة نالت من دباباته، ولا ننسى مفاجأة البحر التي اصابت ساعر 5 قبالة بحر بيروت، وبعد عام 2006 كان حزب الله يراكم من قدراته ومما اظهر في معركة اسناده لغزة استخدامه لتقنيات مع منظومات الدفاع الجوي امكنته من اسقاط طائرات الاستطلاع نوع هرمز450و 900 وكادت منظومات الدفاع الجوي للحزب ان تنال من طائرة f35حسب الاعلام العبري، ولا ننسى ايضا استهداف الحزب لأعمدة التجسس والتنصت والاستطلاع والتشويش على الحدود اللبنانية الفلسطينية، ولم تكتفي المقاومة بذلك بل فاجأت العدو بعمقه الجغرافي عبر سلسلة طائرات هدهد الاستطلاعية التي بلغت حيفا وما بعدها، مبينة اهدافا بطبيعة سكانية واقتصادية وعسكرية وسياسية وحكومية بل قل هي اهداف استراتيجية ، وبتسميات دقيقة وواضحة مظهرة للعدو عن بنك اهداف يمكن للمقاومة عند اي تماد في العدوان او توسع له ان تدك هذه الاهداف، وبما يتناسب مع طبيعة المعركة وتطورها وعلى قاعدة عدم الانفعال والروية والحكمة والفعالية والحزم،وبعد ان كانت الاجواء والاراضي اللبنانية مستباحة قبل عام 2000 بات العدو يعمل وفقا لقاعدة اشتباك ارسي البعض منها عام 1993 وعام 1996 وتكرست عقب عام 2000، وهكذا في حال تجاوز العدو لقواعد الاشتباك نرى المقاومة ترد على ذلك بما يتناسب ووسيلة ومدى وهدفا وكمية، وجاء الكشف عن منشأة عماد 4 في هذا الوقت وفي سياق رسائل الردع ولمنع العدو من الانجرار الى معركة تدميرية تطال الساحة اللبنانية ولن تكون الساحة في فلسطين المحتلة بعيدة عما ينال الساحة اللبنانية.