وكالة مهر للأنباء_ نسرين نجم: لم تكن السيدة زينب(ع) قد شدّت رحالها مع اخيها سيد الشهداء(ع) لمجرد البقاء مع الاسرة ورعايتها، او فقط من منطلق عاطفي، بل إن وجودها في واقعة الطف كان لأهداف رسالية عقائدية ايمانية إعلامية تتعلق بإظهار كلمة الحق، وإبراز ما حصل من حقائق ووقائع ولدحض الاباطيل والاكاذيب التي روج لها بنو امية، فكانت السيدة زينب سلام الله عليها الإعلامية الاولى الصابرة المحتسبة الخطيبة البليغة امام اعتى طغاة الارض يزيد، وقد كان لهذه الخطبة في محضر يزيد الاثر الكبير الذي جعل المعمورة كلها ترج بها حتى يومنا هذا: "كد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا... " ، وبالفعل قرن بعد قرن وعقد بعد عقد وسنة بعد سنة ويوم تلو يوم لا زالت أحداث كربلاء تتبلور وتترسخ في الوجدان وفي العقول وفي القلوب، رغم كل محاولات ضربها والسعي الى محيها من ذاكرة الاجيال، الا انها بقيت المنارة التي يهتدي بها كل شريف وحر من مختلف أصقاع العالم وعلى اختلاف مشاربهم، للوصول الى طريق الهداية والحرية والكرامة.
انطلاقًا من هذا أضحت السيدة زينب (ع) بما تملكه من مقومات وخصائص ومزايا فريدة استثنائية كأمها سيدة نساء العالمين السيدة الزهراء سلام الله عليها الانموذج والقدوة التي تحتذي بها وتتماهى معها كل سيدة وكل فتاة، فها هن امهات الشهداء في الجمهورية الاسلامية الإيرانية وفي لبنان واليمن والعراق وفلسطين المحتلة يواسين السيدة زينب (ع) والزهراء روحي فداها بتقديم ابناءهن شهداء من اجل القدس، ومن أجل الدفاع عن عزة وكرامة الامة متآسيات بعطائهن اللامحدود، فالسيدة زينب قدمت اخوتها واولادها واولاد اخوتها لإعلاء راية الاسلام وصونها من التحريف والتغيير.
هن زينبيات العصر اللواتي اتخذن من سيرة السيدة زينب (ع) دروسا في الصبر والتضحية والقوة، هن من يعملن على تطوير ذواتهن فكرا وعلما ومعرفة وثقافة وخُلقا ودينا، ممن يؤدين دور الام بمعناها الرعائي والتربوي والارشادي والتوعوي، والزوجة بمعناها المخلصة والشريكة والسند الداعم لزوجها، والانثى الفعالة المؤثرة في المجتمع عبر السعي لمواجهة كل التحديات والمغريات والعواصف الهوجاء التي تضرب منظومتنا القيمية، والتي تعمل على ضرب اخلاقنا وهويتنا لفرض هوية جديدة هجينة، بعيدة كل البعد عن قيم ديننا الحنيف، وعن انسانيتنا.
زينبيات العصر هن تلك النسوة والفتيات اللواتي تخصصن اوقاتًا ومساحات في حياتهم للتنوير وللاصلاح الثقافي والاجتماعي، اولئك اللواتي تربين اولادهن على حب الشهادة من اجل صناعة النصر، وعدم الخضوع لأية طاغية او مستكبر او ظالم، فها هي ام الشهيد عندما تبلغ بشهادة ابنها العبارة الاولى التي تذكرها: " لله الحمد واسيت الزهراء وزينب عليهما السلام"... ونرى تلك الام العظيمة التي استشهد ابنها فأبت الا ان تحمل نعشه فوق اكتافها وهي تردد: "الموت لامريكا، الموت لاسرائيل"... رغم الم الفقد الا انها اقتدت بالسيدة زينب (ع) عندما حولت ما حصل في كربلاء الى انتصار حاسم دائم، فها هن زينبيات العصر يتحركن ضمن حركة انسانية دينية عظيمة وبكل مسؤولية، وهذا ما ذكره سماحة الامام السيد القائد الخامنئي دام ظله انه في مثل هكذا ظرف يبرز: "جوهر المرأة المؤمنة حيث تُظهر نفسها في مثل هذه الظروف الصعبة" وفي هذا يقول ايضا: "إن بقاء دين الاسلام وبقاء سبيل الله وبقاء السير في هذا السبيل من قبل عباد الله يعتمد كله على العمل الذي قام به الحسين عليه السلام، وما قامت به السيدة زينب عليها السلام".
إذا زينبيات العصر هن فعلا صانعات النصر.
/ انتهی/