وكالة مهر للأنباء: الحشود المليونية الزاحفة نحو ابي عبد الله الحسين عليه السلام ابهرت العالم وظهرت جليا بعد سقوط الطاغية وتطور وسائل التواصل الاجتماعي وتصدرت الإعلام وتناولها المحللين باعتبارها ظاهرة معاصرة فريدة ولها جذور تاريخية بدأت بعد أربعين يوم من شهادة سبط النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسيد شباب اهل الجنة الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته واصحابه في واقعة الطف بارض كربلاء.
واول من زار الامام يوم الاربعين، الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله عليه حيث تواترت في كتب التاريخ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ زَائِرَيْنِ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ( عليهما السلام ) فَلَمَّا وَرَدْنَا كَرْبَلَاءَ دَنَا جَابِرٌ مِنْ شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ائْتَزَرَ بِإِزَارٍ وَ ارْتَدَى بِآخَرَ ، ثُمَّ فَتَحَ صُرَّةً فِيهَا سُعْدٌ فَنَثَرَهَا عَلَى بَدَنِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلَّا ذَكَرَ اللَّهَ ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْقَبْرِ قَالَ أَلْمِسْنِيهِ ، فَأَلْمَسْتُهُ فَخَرَّ عَلَى الْقَبْرِ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ ، فَرَشَشْتُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الْمَاءِ فَأَفَاقَ .
ثُمَّ قَالَ : يَا حُسَيْنُ ـ ثَلَاثاً ـ .
ثُمَّ قَالَ : حَبِيبٌ لَا يُجِيبُ حَبِيبَهُ …
بحارالانوار، ٦٥/١٣٠
وصادف زيارته وصول الإمام زين العابدين عليه السلام وسلم عليه فقال: يا جابرُ ههُنا واللهِ قُتلَت رجالُنا وذُبحَت أطفالنا وسُبيَت نساؤنا وحُرقَت خيامُنا اهـ . (أعيانُ الشيعةِ: 4 / 47، لواعجُ الأشجان، ص241).
واستمرت شيعة اهل البيت عليهم السلام باحياء تلك الشعيرة الإلهية التي حثت عليها الأحاديث الواردة سيما في كامل الزيارت لاِبن قولويه عن الائمة المعصومين عليهم السلام بالاشارة إلى فضلها وانها من تعظيم شعائر الله.
وفي اغلب الحقب الزمنية التي تعاقبت والطواغيت سعت لإيقاف هذه الظاهرة والتنكيل بالزوار على مر العصور لم تستطع اخمادها وإنما ازدادت وتطورت لتصل الى ماوصلت اليه اليوم حيث العالم أجمع يشهد الملايين التي تقصد حرم الحسين عليه السلام في كربلاء من شتى بقاع الأرض وكانها استجابة لذلك النداء الذي جاء على لسان الحوراء زينب عليها السلام : فوالله لا تمحو ذِكْرَنا،ولا تُميت وحْيَنا،وهل رأيك الا فَنَد وأيَّامك الا عدد،وجمعُكَ الا بَدَد.
وقولها لزين العابدين عليه السلام: …ينصبونَ لهذا الطّفِّ علماً لقبرِ أبيكَ سيّدِ الشّهداءِ، لا يدرسُ أثرُه ولا يعفو رسمُه على كرورِ اللّيالي والأيّامِ، وليجتهدنَّ أئمّةُ الكُفرِ وأشياعُ الضّلالةِ في مَحوِه وتطميسِه، فلا يزدادُ أثرُه إلّا ظُهوراً، وأمرُه إلّا علوّاً. كاملُ الزّياراتِ لاِبنِ قولويه ص ٤٤٤ .
وكأن هذه القلوب التي تهفو لذكر الحسين واحياء ذكرى شهادته امتدادا لدعاء ابراهيم عليه السلام [ فَٱجۡعَلۡ أَفۡـِٔدَةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهۡوِیۤ إِلَیۡهِمۡ وَٱرۡزُقۡهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَ ٰتِ لَعَلَّهُمۡ یَشۡكُرُونَ ].
اليوم ظاهرة الاربعين تمثل انموذجا فريدا لكل الاديان والبلدان في القصد والمعتقد والإيمان بخلود المبادئ ونصرة الحق والمظلومين وكأنه النداء الخالد للامام الحسين عليه السلام الا من ناصر ينصرنا.
نعم ..أنها مسيرة خالدة بخلود الاسلام المحمدي. يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله حسين مني وانا من حسين.
ونهضة مجددة لتوصل إلى دولة الحق بظهور الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه ليستكمل نور الإسلام ورسالات الانبياء عليهم السلام.. هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ
سُورَةُ الصَّفِّ : اية (٩)
/انتهى/