وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: سوريا تدفع اليوم ثمن وقوفها الى جانب المقاومة، وموقفها المبدأي تجاه الكيان الصهيوني، ان كان بعقوبات قيصر أو بالاعتداءات المتكررة على أرضها، كذلك الشعب السوري الأبي، كان ضحية للمؤامرة الشرسة على سورية.
وقد شن الكيان الصهيوني عدوانا منذ ايام على مدينة مصياف، واسفر عن استشهاد 19 شهيدا، وهو واحدة من سلسلة اعتداءات نفذتها آلة الإجرام الصهيونية، والتي ستدفع ثمنها غالياً عاجلاً أم آجلاً.
حول هذا العدوان وفيما يتعلق بوضع الإقليم، أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حواراً صحفياً مع الباحث في الشؤون العسكرية الأستاذ، وليد صالح، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
مرة اخرى تنتهك الطائرات الحربية الصهيونية السيادة السورية وتقصف اهدافا داخل أراضيها.. ففي اي اطار يمكن وضع هذا العدوان؟ ولماذا يصر جيش الاحتلال على استفزاز سورية وجرها الى الحرب المفتوحة؟
يمكن وضع العدوان الاسرائيلي على سورية ضمن اتجاهين :
الاول: الاستمرار بدعم المجموعات الارهابية المسلحة التي يقدم لها العدو الاسرائيلي مختلف انواع الدعم منذ بدء الحرب الارهابية على سورية عام 2011, حيث يقدم العدو لهذه المجموعات السلاح والمعلومات الاستخبارية والدعم اللوجستي واستهداف وحدات الجيش العربي السوري.
الثاني: محاولة اعاقة وتعطيل القدرات العسكرية والبحثية السورية التي قدمت وماتزال تقدم كل انواع الدعم للمقاومة في لبنان وفلسطين التي تواجه العدو الاسرائيلي بمختلف انواع الدعم.
ثبت ان المواقع التي استهدفها جيش الاحتلال في مصياف قرب حماه هي اهداف مدنية ومختبرات للابحاث العلمية.. فلماذا يستهدف العدوان هذه الاهداف؟ وما الذي يقلق العدو من استقرار سوريا واستعادة مكانتها ؟
استعادة سورية لعافيتها يعني عودتها لتكون قائدة المقاومة العربية في وجه العدو الاسرائيلي، حيث كانت سورية وماتزال قيادة وشعبا ضد كل اشكال التطبيع مع العدو الاسرائيلي وهي مع كل اشكال المقاومة المسلحة ضده، حيث ان سورية هي النظام العربي الرسمي الاهم الذي مازال على عداوة كاملة مع العدو الاسرائيلي وبالتالي عودة سورية لاستقرار عافيتها سيؤثر سلبا على عمليات التطبيع التي يعول عليها العدو الاسرائيلي مع الانظمة الرسمية لبعض الدول العربية، ولذلك يسعى جاهدا كيان العدو لمنع استعادة سورية للاستقرار.
في الايام الماضية تصاعدت التهديدات" الاسرائيلية "بتوسيع نطاق الصراع وتوسيع الحرب على المستوى الاقليمي في الجبهة الشمالية.. هل هذه الاعتداءات على سوريا ولبنان تأتي في هذا السياق؟ وهل يبحث العدو عن ذريعة لتلك الحرب التي يسعى اليها ؟
منذ 7 تشرين الاول عام 2023 دخل العدو الاسرائيلي في معركة يومية ادت الى استنزاف يومي وطويل لقدرات العدو خصوصا البشرية وهذا الاستنزاف اليومي لم يتمكن العدو من ايقافه بسبب عدم قدرته على انهاء المقاومة في غزة والضفة وجنوب لبنان وبقائه على هذا الوضع من الاستنزاف اليومي يعني انهياره العسكري الحتمي على الرغم من الدعم الغربي الكامل لذلك فان التصعيد في سورية او لبنان هدفه ايضا محاولة ايقاف الجبهة الشمالية التي تستنزفه يوميا عبر عمليات المقاومة البطلة ( حزب الله ) عبر التهديد والوعيد والقصف الجنوني.
لا يخفي قادة الكيان مطالبهم المتعلقة بالمقاومة في لبنان، وقلقهم من استمرار تهجير نحو مئتي الف من المستوطنين في شمال الكيان.. هل يمكن ان تكون الحرب مع لبنان ومقاومته سبيلا لتحقيق اهداف العدو ؟ وهل نحن امام اسابيع من التصعيد العسكري برأيكم؟
من خلال الجواب على السؤال السابق نجد ان محور المقاومة قد وضع استراتيجية كاملة للحرب مع العدو الاسرائيلي تتجسد في استمرار الاستنزاف اليومي للعدو على مختلف جبهات القتال ( غزة ، الضفة ، جنوب لبنان ) واستمرار استنزافه عبر المقاومة في العراق والقوات المسلحة اليمنية، وقادة العدو يعرفون ان هذا الاستنزاف الطويل المرهق ستكون نتيجته الحتمية هي الخسارة لذلك حاول كثيرا الخروج من هذا المستنقع عبر اغتيال القادة العسكريين في حزب الله لمحاولة جر حزب الله لمعركة مفتوحة بدلا من استنزاف يومي يتمكن فيها العدو الاسرائيلي من ادخال حلفائه في حلف النيتو بشكل مباشر وقد فشلت حتى الان كل محاولاته، لذلك التصعيد العسكري في لبنان قد يكون ممكنا خلال الفترة القادمة - على الرغم من صعوبته على العدو - كحل اخير لمحاولة ايقاف عمليات حزب الله اليومية ضد قواته في شمال فلسطين المحتلة والجولان، والصعوبة تاتي من ان قوات العدو منهكة بينما وحدات حزب الله مرتاحة نسبيا كما ان حزب الله مستعد لهذه المعركة فيما لو فتحت على مصراعيها.
ما تقييمكم للدور الذي تقوم به المقاومة في لبنان في اطار ما عرف بحرب المساندة ؟ هل ادت هذه المعارك دورها المعلن في مساندة الشعب الفلسطيني والضغط الفاعل على العدو ؟
يمكن تقييم دور المقاومة في لبنان ( حزب الله ) في معركة الطوفان من خلال تحليل نتائج العمليات العسكرية لحزب الله على الصعيد العسكري والاقتصادي والاجتماعي والسياسي الداخلي والخارجي للكيان حيث ان دخول حزب الله في الحرب منع العدو من تحقيق نصر في غزة وبالتالي استمرار الحرب وظهور نتائج بمختلف المجالات وفق التالي:
على الصعيد العسكري: ادت عمليات حزب الله اليومية منذ بدء الحرب الى تثبيت 3 فرق عسكرية في شمال فلسطين المحتلة والجولان واستنزافها بشريا وماديا ( على الرغم من محاولة اخفاء العدو لخسائره وخصوصا البشرية ) وهذا مانع قيادة جيش العدو من تبديل قواته في غزة بشكل مريح واضطراره لتجنيد الحريديم لاول مرة في تاريخه، كما ادت العمليات اليومية الى احداث عمى استطلاعي لدى العدو بسبب تدمير حزب الله لاغلب المعدات التجسسية على طول الحدود ومنعه للعدو من ترميمها كما ادت العمليات لاستنزاف يومي لقدرات العدو في الدفاع الجوي من خلال استهداف قبته الحديدية واستنزاف قدراته فيها عبر ارسال طيران مسير بشكل شبه يومي باغراض متعددة منها هجومية او استطلاعية او استنزافيه، كما أدت العمليات اليومية لتعطيل حوالي 58 موقع عسكري للعدو الاسرائيلي على طول الحدود مع فلسطين المحتلة والبالغة 100 كم وهذا يعني منعها ان تكون منطلقا بريا لأي هجوم على لبنان.
على الصعيد الاقتصادي: تضرر قطاع السياحة في كيان العدو بشكل كبير بعد بدء الحرب خصوصا في شمال فلسطين والجولان المحتل، كما ان استهداف حزب الله للعديد من المنشآت التصنيعية العسكرية او غيرها في شمال فلسطين المحتلة ادى لتوقفها، كما ان هجرة مستوطني الشمال بسبب عمليات حزب الله ادى الى فقدان الكثير من الشركات للعمالة في الشمال مما شكل ويشكل عبء اقتصادي كبير على العدو، كما سكن المهجرين من المستوطنات في الفنادق وسط كيان العدو على حساب ميزانية العدو، وهذا يؤدي لضغط اقتصادي كبير، بالاضافة الى ان استدعاء الاحتياط الكبير لجيش العدو لمحاولة تغطية النقص البشري ادى الى عرقلة عمل الكثير من منشآت العدو عن العمل.
على الصعيد الاجتماعي: ادت هجرة المستوطنين في الشمال الى وسط الكيان لمشاكل اجتماعية كبيرة منها عدم شعور هؤلاء بالامان ومطالاباتهم اليومية لحكومة العدو بايجاد حل لاعادتهم لمستوطناتهم مما يشكل ضغط يومي، كما ان اعلام العدو اعترف بالمشاكل اليومية الكبيرة بين هؤلاء المستوطنين الذين يملأون الفنادق والوسط المحيط، كما ان هجرة المستوطنين الى خارج الكيان ازدادت منذ بدء الحرب حيث تجاوزت في الاشهر الاربعة الاولى للحرب 500 الف مستوطن، كما ان طول مدة الاحتياط للمقاتلين في جيش العدو سببت مشاكل اجتماعية كثيرة على مستوى العائلات.
على الصعيد السياسي :
داخليا: زاد الانقسام العمودي داخل مجتمع الكيان وتجلى ذلك في المظاهرات اليومية ضد حكومة العدو، وزيادة الانقسام بين المتطرفيين الدينيين الذي يرفضون الخدمة في جيش العدو وباقي مكونات مجتمع العدو، وتجلى الانقسام السياسي في زيادة قوة المعارضة لحكومة نتنياهو.
خارجيا : تعطل مشروع التطبيع بين كيان العدو وبعض الدول العربية واهمها السعودية بسبب الحرب، وزيادة الملاحقة القضائية الدولية لقادة كيان العدو، وزيادة قطع العلاقات الدبلوماسية بين عدد من دول العالم وكيان العدو.
ان دخول حزب الله في الحرب نصرة لغزة واصراره اليومي على القتال منع العدو من تحقيق نصر في غزة وظهرت نتائج عمليات الحزب في التقييم السابق في مختلف المجالات
خاتمة: ان قيادة حزب الله دخلت هذه المعركة عبر خطة واضحة ودقيقة لتحقيق النصر على العدو بدعم من محور المقاومة ( سورية والجمهورية الاسلامية الايرانية )، فقد رفعت الثورة الإسلامية في إيران شعار القدس للمسلمين منذ انتصار ثورتها ولم تهادن أبداً في يوم من الأيام على دعم أهل فلسطين في وجه العد الإسرائيلي.
وبالتالي اغتيال العدو لاي قائد لن يؤثر على حزب الله وحزب الله مستعد لاي حرب مدمرة مع الكيان وجاهز لكل الاحتمالات وذلك بفضل الاعداد المسبق والعميق بمختلف الاصعدة وقد ظهر ذلك جليا خلال الحرب واهمها عرض حزب الله لقاعدة العماد 4 الصاروخية تحت الارض، وسيكون النصر رغم الالم والدمار لصالح اهل فلسطين ومحور المقاومة.
/انتهى/