وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: رد المقاومة اللبنانية كان جديدا في سياق المواجهة منذ11 شهرا، استخدم خلاله صواريخ للمرة الاولى ذات امدية بعيدة وتأثير اقوى، وتم استهداف أماكن يتم استهدافها للمرة الأولى، بعد مئات الغارات على قرى الجنوب اللبناني وبعد ثلاثة مجازر ارتكبها العدو خلال ثلاثة ايام متتالية، البيجر، اللاسلكي، واغتيال الشهيد الكبير الحاج عبد القادر وعدد من القادة والمسؤولين والمدنيين.
أتى الرد على الاعتداءات وعلى جريمة البيجر مزلزلا للاسرائيلي، حيث استخدم لاول مرة صاروخ "فادي1" و"فادي 2" وحقق اهدافه.
حول التطورات الحاصلة في هذا الموضوع، أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حوار صحفياً مع، سيادة العميد الركن "د. حسن جوني"، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
ختم سماحة السيد حسن نصرالله كلمته المتلفزة الخميس الماضي بالتأكيد على القصاص العادل من مرتكبي الهجوم الإرهابي _ أجهزة البيجر واللاسلكي_ لكنه أبقى الأمر غامضا وحصره في الحلقة الضيقة.. لماذا فعل ذلك هذه المرة؟ وهل الامر يتعلق بطبيعة الرد ام بالجهة المستهدفة؟
بالفعل كان خطاب السيد حسن لافتا بعدم الغوص في توصيف الرد بعكس المرات السابقة، ولم يلجأ كعادته للشرح في الرد الذي كان يحمل تهديدا باللهجة والاسلوب، اكتفى بجملة واحدة مبهمة وغامضة واكيد بشكل متعمد وقال بأن الخبر فيما سترون وليس ما تسمعون، وبقيت هذه العبارة مبهمة لناحية كيفية الردود على هذه الاعتداءات، وبالامس القريب اكد الشيخ نعيم قاسم خلال مراسم دفن الحاج عبد القادر ان هناك حساب مفتوح، لذلك اعتقد اننا خرجنا من معادلة رد على اعتداء معين وكيفية الرد وشكل الرد.
الهجوم وصف بأنه جرى بتقنيات متطورة، وانه عمل إرهابي يرقى الى حرب إبادة.. فما الذي يترتب على هذا التوصيف ؟ وهل من الممكن متابعة الامر أمام المحاكم الدولية؟ وهل بمقدور الدولة اللبنانية ان تقوم بهذه المهمة؟
الهجوم الالكتروني السيبراني الذي دخل ضمن الحرب السيبرانية غير مسبوق في التاريخ وهو عمل ارهابي، واكثر منه ارهابي لانه كان يستهدف قتل 5000الاف انسان في دقيقة واحدة، ولكن اهم ما في الامر هناك خرق فاضح للقانون الدولي الانساني ولقانون الحرب لان المقاتل في الحرب حتى عندما يكون على الجبهة حين يرفع يديه ويستسلم وحتى قبل ان يرمي بسلاحه مجرد ان يرفع يديه او ان يرفع اشارة بيضاء بنية الاستسلام، بهذه الحالة يمنع قتله واذيته ويتم اعتباره اسير وهو محمي بموجب القانون الدولي كأسير وإذا كان مصابا على من يأسره ان يعالجه، فكيف بالحال حتى لو كان مقاتلا ولكنه في منزله في عمله بعيدا عن الجبهة بين اهله بين عائلته، وحسب المعلومات بأن اغلب من استهدفهم الهجوم السيبراني يعملون في المؤسسات اللوجستية والطبية، فإذن هذه جريمة حرب، ويمكن اسقاط جرم فعل الابادة على هذا الامر لان هناك نوايا عدائية بقتل عدد كبير جدا من فئة واحدة بنفس الوقت.
الدولة بصدد رفع شكوى الى مجلس الامن والبدء بإعداء ملف على مستوى سياسي ديبلوماسي، الموضوع يحتاج الى متابعة قضائية من هيئات قانونية معينة من محامين وغيرهم واكيد برعاية الدولة، واعتقد ان الدولة تستطيع ان تقوم بمسؤولياتها تجاه مواطنيها بشكل ضروري جدا.
أبدى الأمين العام صلابة شديدة وعبر عن قرار حاسم بمواصلة معركة الإسناد والدفاع عن شعب غزة ومقاومتها واضاف الى ذلك الضفة الغربية.. وهو ما يعني احباط الهدف الاسرائيلي من العدوان الارهابي على لبنان.. فهل يفتح هذا الموقف الباب امام تصعيد اسرائيلي غير محسوب في حرب واسعة؟ ام يلجم الاندفاع نحو توسيع الحرب على لبنان؟
لا يزال حزب الله يعتمد ان عنوان معركته المستمرة من 11 شهرا هي الاسناد ووقف العدوان على غزة، ولا يزال قادرا على مواصلة استهداف الشمال"الاسرائيلي" وطرد سكانه منه لمواصلة الضغط على "اسرائيل" لوقف العدوان على غزة، وخلال الاسبوع الماضي قام "الاسرائيلي" بعمليات تصاعدية واستوجبت رد تصاعدي، هو خرق الحدود الحمراء وحزب الله خرق الحدود الحمراء ايضا في هذا الاسبوع، لكن واضح من ردود وبيانات حزب الله التي ترافقت مع الردود عندما صرح واكد ان هذه العملية هي رد على الاعتداء على المدنيين وعلى عملية البيجر، فإذن لا يزال حزب الله يقوم بردة فعل على العدوان "الاسرائيلي" ويخرق خطوط حمراء مقابل خرق خطوط حمراء "اسرائيلية" ولكن لا يسبقه في تجاوز الخطوط الحمراء حتى الآن.
حزب الله لا يريد توسعة الحرب، يسعى للبقاء بحالة توازي مع الاعتداء "الاسرائيلي" مع خرق الخطوط الحمراء بنفس المقدار الى حد ما، ولكن اذا "الاسرائيلي" اراد التوسع فطبعا سيقوم حزب الله بردة فعل موسعة وقد ندخل في صراع مفتوح، اي يكون "الاسرائيلي" باعتداءاته وبإرادته ادخل المنطقة في هذا الصراع المفتوح.
نتيجة لمجمل الاستراتيجية التي صاغها حزب الله ومحور المقاومة منذ بداية العدوان على غزة، وما عرف بحرب المساندة التي تحولت الى حرب استنزاف حقيقية لجيش الاحتلال.. ما تقييمك لهذه الاستراتيجية ؟ وهل ترى انها ادت دورها في الضغط على جيش الاحتلال والتخفيف عن الفلسطينيين ؟
انطلاقا من منطق عسكري اي جيش يقوم بحرب معينة يشن حرب معينة او يقوم بعمليات عسكرية اذا تم التحرش بهذا الجيش من جهة اخرى فهذا حتما سيؤدي الى تشتيت جهود هذا الجيش وإضعافه وإلهائه، وهذا الواقع الذي يمكن اسقاطه على الجيش "الاسرائيلي" الذي يقاتل بغزة الان، حيث تم اشغاله من جهة الشمال وزرع القلق في مهاجمة المنطقة في الشمال، وبالتالي الزم هذا الجيش بإبقاء قوى معينة لرد اي هجوم محتمل من قبل حزب الله على غرار "طوفان الاقصى"، هذا الاشغال والاسناد احتجز قوة كبيرة من الجيش "الاسرائيلي" وجعلها في حالة ترقب واحتياط وحذر في منطقة الشمال، بطبيعة الحال هو ضغط بهذا الموضوع على "الاسرائيلي" بما يجب ان يكون قد ساهم بتخفيف وتيرة الضغط على الفلسطنيين في غزة، ولكن لم يكن متوقعا طول مدة الحرب، وبرأي مجريات الميدان سمحت للجيش "الاسرائيلي" بأن يضغط كثيرا ميدانيا على حركة حماس ولكن حتى الان لم يستطع ان يحقق اهدافه من ناحية تحرير الرهائن او تدمير حماس كما اعلن في بداية المعركة.
نحو 140 صاروخاً اطلقتهم المقاومة خلال الأيام الأخيرة كرد على الاعتداءات على اهلنا في الجنوب وكرد اولي على مجزرة البيجر واللاسلكي، ولاول مرة طال الرد مستعمرات لم تصلها الصواريخ من قبل ومنها لم تصلها منذ عام 2006 ووصلت الى طبريا وحيفا وما بعد حيفا واعلنت عن نوع جديد من الصواريخ المستعملة وهو صاروخ "فادي١" و "فادي٢" كيف تقرأون هذا التطور النوعي سيما ان بيان المقاومة شدد على انه رد اولي ؟
رد المقاومة كان ردا فعالا جديدا في سياق المواجهة منذ11 شهرا ، استخدم صواريخ للمرة الاولى ذات امدية بعيدة وتأثير اقوى نظرا للدمار الذي احدثته ولحالة الرعب التي تسببت بها في مناطق واسعة من شمال فلسطين المحتلة وفقا لافادات المستوطنين، حسبما رشح من وسائل الاعلام، هذا الرد اتى بعد تنفيذ العدو الاسرائيلي مئات الغارات على مساحات واسعة من جنوب لبنان والذي ادعى انه تمكن من تدمير منصات الصواريخ التي كانت تتحضر في الرد، بالحقيقة لم يدمر شيئا لانه بالاساس هذه الصواريخ ليست هدفا سهلا، هي موجودة في بواطن الجبال، تمكن حزب الله بعد انتهاء الغارات من تنفيذ الردود واطلاق هذه الصواريخ المتطورة وحقق اهدافه، بحيث استهدف قواعد عسكرية مهمة كقاعدة رامات الجوية ومجمع رفايل ووصل الى تخوم مدينة حيفا، فإذن هذا الرد هو رد متقدم في سلسلة الردود التي كان يقوم بها حزب الله ، وهو بالفعل قد حقق توازنا الى حد ما مع الاعتداءات "الاسرائيلية" التي اخترقت خطوطا حمراء، لان الرد ايضا خرق قواعد الاشتباك ، وهذه من المهارات التي يتقنها حزب الله وهي التدرج في استعمال القوة.
على مدى ثلاثة ايام شهدت المقاومة ضربات قاسية في الضاحية من قبل العدو ذهب ضحيتها اكثر من 70 شهيدا وآلاف الجرحى من المقاومين والمدنيين، هل نحن امام تدحرج للاوضاع نحو الحرب الشاملة؟ وهل اميركا مستعدة لخوض مثل هكذا حرب يجرها اليها العدو؟
للتذكير ان المقاومة تحاول ان تكرس دائما معادلة الردع، فكلما خرق "الاسرائيلي" خطوطا حمراء تحاول ان توازيه بالخرق، وتقول في بياناتها انه فعلنا ذلك ردا على ذلك بما يوحي ويؤكد ان نوايا حزب الله ليست التوسع في الحرب والدخول في حرب شاملة، الامر يعود للاسرائيلي اذا اراد ان يتمادى في الاعتداءات، حتماً حزب الله سيرد ردودا موازية لهذه الاعتداءات ومناسبة، فاذا اراد "الاسرائيلي" الدخول في حرب شاملة واعتبر ان هذه الهجمات لن تحقق هدفه في الشمال وهو عودة السكان وهذا لن يتحقق، اذا قرر ان يقوم بهجوم شامل فطبيعة الحال يكون قد فرض على حزب الله وعلى لبنان حربا شاملة كذلك، اما بالنسبة لأمريكا فلا اعتقد انها قد تتورط في هذه الحرب، الولايات المتحدة تدعم "اسرائيل" طبعا وتحميها وتدافع عنها في حال تعرضت بشكل حرج جدا اي اننا نتحدث هنا على مستوى حرب اقليمية ولكن لا تدخل الولايات المتحدة في الحرب الناشبة بين حزب الله و"اسرائيل" سوى بإطار التسليح والدعم الذي تقدمه لها، الولايات المتحدة والادارة الاميركية منهمكة ومنشغلة بالانتخابات، هي في اضعف لحظات سلطتها في السياسة الخارجية وهيبتها وهيمنتها وهذا ما يسمح لنتنياهو بالتفرد في اتخاذ القرارات على مستوى المنطقة.
/انتهى/