صرّح عضو التجمع الوطني الفلسطيني "د. عصام حجاوي"، أن الدقائق الاخيره للشهيد القائد يحيى السنوار هدمت ما بنته ماكينة الإعلام الصهيوني على مدار قرون من التضليل الاعلامي، بأن القادة حريصين على مصالحهم على حساب دماء الشعب، وذلك لكي وعي الحاضنة الجماهيريه للمقاومه بهدف انفضاضها عنها وعزلها  وتدميرها.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: مشهد استشهاد رئيس حركة حماس الشهيد القائد يحيى السنوار احدثت ثورة وعي في وجدان كل شعوب العالم الحرة، استشهاد مليء بالقوة والتحدي والارادة والعزيمة والإيمان بالمقاومة حتى آخر نفس، استشهاد السنوار هو بداية صفحة جديدة لتحولات نوعية في المقاومة، رغم الانتصارات الوهمية التي يعمل على ترويجها الصهيو_امريكي.

المشهد الأخير للقائد السنوار اشبه برصاصة في هذا الكيان وهذه الحكومة الفاشية النازية، كيف لا وهو من القادة المهندسين لطوفان الأقصى وارجع هذا الكيان المؤقت سبعين عاماً الى الوراء.

العديد من النقاط، ناقشتها مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، في حوار مع عضو التجمع الوطني الفلسطيني "د. عصام حجاوي"، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

مرّة اخرى تسارع الادارة الاميركية للاستثمار بدم الشهداء، وتعمل على بث اليأس في الامة ودفعها للاستسلام، فعلت ذلك بعد استشهاد سماحة السيد حسن نصرالله القائد التاريخي الاسلامي وتكررها اليوم بعد استشهاد قائد المقاومة الفلسطينية الشهيد يحيى السنوار، هل هو خطأ في التقدير ام هي النية السيئة لاقتناص فرصة الصدمة وفرض الهزيمة على المقاومة ؟

في سياق قراءة العلاقة التاريخيه ما بين امريكا والكيان الصهيوني يميل البعض للاعتقاد بأن هناك مصالح مستقلة لطرفي العلاقه ستفرز بالضرورة تعارضات او تناقضات في مواقفهما من القضايا بما يتعلق بقضية الصراع العربي الصهيوني، بينما يذهب البعض الاخر للاعتقاد بان الكيان الصهيوني ومجموعات الضغط السياسي وعلى رأسها "ايباك" بأنها تتحكم في رسم السياسه الخارجيه لامريكا، وبتحليل موضوعي لتلك العلاقه يتضح انه لا يمكن الحديث عن سياسات مستقله للكيان وانما هناك سياسه صهيونية - اسرائيلية - امريكيه واحده تستند الى مجموع المصالح المشتركه وتموضعها الاستراتيجي لتحديد مستقبل المنطقه ومستقبل الصراع وإن بدى ان هناك تعارضات تكتيكيه بخصوص مساءل محدده، وهكذا يمكن فهم الموقف الامريكي من استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله والقائد الشهيد يحيى السنوار والذي اتى داعما ومعززا لموقف الكيان والذي يعتقد مخطئا بأن عمليات الاغتيال لقادة المقاومه ستؤدي بالضروره لفتح افاق الحلول السياسيه لقضية الصراع ضمن رؤية الكيان وحلفاءه مستثمرين بما حققته من صدمة لحظيه متوقعه كموقف انساني رغم ان ذلك لم يؤدي؛ وبناءا على المعطيات والحقائق الميدانيه، إلى ردع اطراف المقاومه او ثنيها عن موقفها الاستراتيجي العقاءدي بالاستمرار في مقاتلة الكيان وحلفاءه بكل السبل وعلى كل الساحات وهذا ما أكدت عليه قياد المقاومه في اكثر من مناسبة بعد عمليات الاغتيال ليس قولا فقط وانما بزيادة مستوى المواجهة في الميدان مما يؤكد ان المقاومه تعي وتدرك موازين القوى التي ستحدد مصير الصراع آنياً واستراتيجيا، فان يكون ميزان القوى يميل لصالح الكيان وحلفاءه بما يتعلق بالقدرات التسليحية والتكنولوجيه ولكن هناك عاملا حاسما لصالح المقاومه متمثلا بالارادة المتجذرة تاريخيا، عقائديا وحضاريا بالاستمرار في المواجه وصولا لنهاياتها المحتومة بهزيمة الكيان وحلفاءه.

الاعلام الصهيوني او العربي المتصهين صوب على نقطة اساسية: ان امكانية الوصول الى تسوية باتت ممكنة بعد استشهاد السنوار. ما الهدف من ذلك، وهل يأتي ذلك في اطار صرف النظر عن جرائم الاحتلال ورفض قادة الكيان وقف اطلاق النار وتعطيل كل محاولات التسوية؟

ليس مستغربا ان يجند الكيان وحلفاءه كافة اسلحتهم لخدمة هدفهم النهائي باستئصال المقاومه في المنطقه وفرض مشروعهم بالقوة العسكرية الغاشمه وبتسويق الرواية الصهيونية بوسم المقاومه المشروعه لبرنامجهم بالارهاب، وهكذا اعتمد الكيان سياسة الاغتيالات تاريخيا لقادة المقاومه استراتيجيه ثابته منذ عقود والتي تم توسيع دائرتها منذ انطلاق المقاومة المعاصره في ستينات القرن الماضي والتي شملت القيادات العسكريه، الامنيه والثقافيه للمقاومه، فمن اغتيال غسان كنفاني وقلمه، لاغتيال ناجي العلي وريشته، لأبو جهاد وابو إياد ببندقيتهما والشيخ احمد ياسين بدروسه في المساجد وصول لاستشهاد السنوار ليعمل على بث الوهم بأنه لا جدوى من المقاومة والنضال وأن اعتماد المفاوضات بهدف تركيع قوى المقاومه واستسلامها هو الطريق الاجدى والاسلم للوصول لحلول سلميه ضمن شروط الكيان وحلفاءه، وقد عملت ماكينة اعلام العدو الصهيوني والاعلام العربي والدولي المتصهين بالترويج لذلك الوهم محاولين طمس الحقائق التاريخية التي اثبتت ان غياب القاده بالموت الطبيعي او اغتيالا لن يؤدي الى رفع الراية البيضاء وانما ستكون دماءهم وقودا لاستمرار المقاومه والنضال بعد ان تجاوزت بنية المقاومه ومنذ عقود اعتمادها على الفرد وان كان استثنائيا كما حال الشهيد سماحة السيد او الشهيد السنوار لتعتمد عى البناء المؤسساتي المتعدد الاوجه، عسكريا واجتماعيا وثقافيا.

الجميع يتساءلون عن مصير حركة المقاومة الاسلامية حماس بعد استشهاد رئيس مكتبها السياسي فما الذي تتوقعونه في هذا الصدد ؟والى اي حد يمكن لهذه التصورات ان تدرك حقيقة الصراع وجوهر حركات المقاومة ؟

لا شك انه وعلى مدار التاريخ قديمه وحديثه ان برز بعض الشخصيات التي حقا وبجداره انتزعت صفة القائد التاريخي بحكم مميزات شخصيه وظروف موضوعية وذاتيه، ولا شك ان الشهيد السنوار اكتسب تلك الصفه بجداره وامتياز، فعلى المستوى الشخصي، كان قائدا شعبيا ملتصقا بهموم الناس وجمهور المقاومه ووعي صقلته تجربته الشخصيه النضالية منذ نعومة اظافره لتأخذه الى جحيم المعتقلات الصهيونيه والتي لم تثنه عن الاستمرار بالنضال ضمن وضوح حاد بطبيعة المشروع الصهيوني وكيانه وكيفية هزيمة ذلك المشروع بالكفاح المسلح كجدوى نضالية مجربه، وهكذا تم اعادة صياغة حماس تنظيميا ومؤسساتيا وتحالفاتياً منذ ان تقلد شرف قيادتها ليؤهلها لقيادة المرحلة الى جانب بقية فصائل المقاومه، وقد نجح في ذلك بكل جدارة بحيث ورغم الخسارة الفادحه باستشهاده الا ان ذلك لن يؤثر على قواعد البنيان المؤسساتي لحماس ولا على استراتيجيتها في مواجة المشروع الصهيوني.

صحيح ان هناك اكثر من طرف مؤثر في المنطقه وعلى رأسهم الكيان الصهيوني، سيحاولون بكل طاقتهم ان يستثمروا لحظة استشهاد السنوار لحرف مسيرة حماس وبقية فصائل المقاومه الا ان احلامهم ذهبت ادراج الرياح بعد ان تم تسريب لحظات استشهاده بالصدفة التي استدرك الكيان وحلفائه مدى خطورتها وتداعياتها.

مشهد القائد السنوار وهو يقاتل بيده بعد فراغ جعبته من الرصاص، وحيدا في منزل مهدم يبعث الالم في النفس على حال الامة التي تترك مجاهديها بهذا الشكل في مواجهة اعداء الامة، الى اي حد تعكس هذه الصورة اوضاع المنطقة المزرية مقابل اصرار ثلة من المجاهدين على التمسك بالكرامة والامل بالنصر ؟

لقد ادرك الكيان وحلفاءه سريعا بأن التسريب غير المقصود من قبل جنود الكيان للحظات الاخيره لمشهدية استشهاد القائد السنوار سيقود بالضروره الى ثورة في الوعي الجماهيري والسياسي لجمهور المقاومة وحلفاؤها بل وفي صفوف اعداءها الكارهين ايضا، فقد عملت ماكينة الاعلام الصهيوني، العربي والدولي المتصهين على تعميم نمطية القائد الحريص على مصالحه الخاصة على حساب تضحيات ودماء شعبه، ففي سياق حربهم على المقاومه حرصوا على بناء متخيل اعلامي بان قادة المقاومه ينؤون بانفسهم وعائلاتهم عن النضال وتضحياته لتأتي الدقائق الاخيره للشهيد القائد يحيى السنوار لتهدم ما بنوه على مدار قرون من التضليل الاعلامي لكي وعي الحاضنة الجماهيريه للمقاومه بهدف انفضاضها عنها وعزلها وتدميرها، لقد اشاعوا بان السنوار قد يكون قد غادر ارض المعركه، ثم اشاعوا بانه يعيش مختبئا في الانفاق محيطا نفسه بأسرى الكيان كدرع بشري لحمايته الشخصيه والا كل تلك الاكاذيب التي تم اثبات زيفها في دقائق محدوده، فها هو الرجل القائد يمتشق السلاح في الدائرة الاكثر سخونة في قطاع غزة المحتل، متنقلا اشتباكا بين رفاقهليقوده ذلك لبيت مدمر، وتلحق به جراح مميته، نفذت ذخيرته فيستل عصا ليكمل معركته الاخيره في حربه المستديمة ليفرض معايير جديدة لمؤهلات القيادة ستعتمد من الان وصاعدا مقاييسا جماهيرية لصفة القائد السياسي المقاتل، هذه الصورة الواقعية التي ترتقي لمستوى الملحمه ستؤدي بالضروره الى صب الوقود على نار غضب الامة العربيه والاسلاميه واحرار العالم، فدماء الشهيد السنوار و مشهدية استشهاده لا بد بالضروره الا ان تقود الى تغييرات جذرية في واقع الجماهير العربيه بالخصوص لتدفعها لتغيير واقعها السياسي بما يتوافق مع دروس وتداعيات استشهاد القائد التاريخي يحيى السنوار.

انها مسألة وقت فقط وان غدا لناظره قريب.

/انتهى/