وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: في مواجهة أوضاع إقليمية ودولية مُعقٌدة، لطالما دعمت الصين وإيران بعضهما البعض وعملتا معا على تعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة، وعززتا التبادلات والتعاون في مختلف المجالات بشكل مطرد، وحافظتا على تواصل وتنسيق سليمين إزاء الشؤون الإقليمية والدولية.
وأصبحت الصين أكبر شريكة تجارية لإيران منذ أكثر من عشر سنوات.
واقترح النائب في البرلمان الإيراني، شهريار حيدري، على الحكومة الإيرانية، إلغاء تأشيرات الدخول بين إيران والصين، مؤكدا أن هذه الخطوة هي الأكثر تأثيرا على تسهيل سفر الإيرانيين إلى الصين، وخصوصا ان هذه الخطوة بينهما تعزز العلاقة العميقة والقوية في كثير من المجالات.
وأخيرا وليس آخراً دعمت الخارجية الصينية إيران في الدفاع عن أمنها القومي.
حول هذه العناوين أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حواراً صحفياً مع الأستاذ الجامعي والباحث في العلاقات الدولية، والخبير بالشؤون الصينية، الدكتور نبيل سرور، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
ما هي الدلالات التي يتضمنها التصريح الصيني بأن من حق ايران الدفاع عن أمنها القومي.. وهل تعتقدون ان الامر يتعلق ايضا بالمواجهات القائمة حاليا بين الجمهورية الاسلامية وكيان الاحتلال؟
لدى القادة الصينيين قناعة عميقة ان ايران معتدى عليها في الاحداث الاخيرة، ولها الحق بالدفاع عن امنها القومي.. ويسرد هؤلاء الدبلوماسيين مجموعة من الوقائع ابرزها: استهداف العلماء الايرانيين، والشخصيات العلمية والعسكرية والسياسية داخل الاراضي الايرانية.
كما لا يختلف دبلوماسيون صينيون معنيون بمنطقة غربي آسيا، بحسب وكالة شنخوا في تصريح بتاريخ ٢٠٢٤/٨/١٣ مع وجهة النظر التي تقول ان هناك انتهاكا سافرا للامن القومي الايراني خاصة وللسيادة الوطنية التي يحميها القانون الدولي، من خلال الاظطرابات المفتعلة من الخارج ، والتي حصلت في العديد من المدن والمناطق الايرانية قبل سنتين، بدعم وتشجيع خارجي واضح.
وترى الصين بحسب دبلوماسيتها، ان للدول الحق المطلق بالحفاظ على امنها الداخلي وامنها القومي والدفاع عن حدودها بوجه اي اعتداء: (وثيقة اعلان الصين للمبادئ الخمسة للتعايش السلمي وعدم انتهاك سيادة الدول بحسب المنظر السياسي الصين الكبير شو ان لاي ١٩٧٦)
وبحسب دبلوماسيين وسياسييين صينيين من خلال تصريحات لصحيفة الشعب الصينية ووكالة شنخوا وبيانات الخارجية الصينية ، فان استهداف رئيس المكتب السياسي لحماس الشهيد اسماعيل هنية، واغتياله في قلب العاصمة طهران، مثل انتهاكا واضحا واعتداءا سافرا ومكشوفا "وباعتراف اسرائيلي واضح لجهة التخطيط والتنفيذ" . مما اعطى ويعطي لايران المشروعية ب"حق الرد"، والحفاظ على اراضيها من اي اعتداء يطالها.
منذ بداية الازمة الراهنة في المنطقة والعدوان الاسرائيلي على فلسطين ولبنان فضلا عن استفزازاتها للجمهورية الاسلامية الإيرانية، تساءل كثيرون عن الموقف الصيني الذي بدا للبعض انه ينأى بنفسه عن الاحداث، فهل كان الوضع كذلك، وهل نشهد تفعيلا اكبر للدور الصيني من مواجهة ازدياد التوترات في المنطقة ؟
بصراحة تامة، لم يزل الموقف الصيني محكوما بثابتة اساسية عنوانها (مصالح الصين الاقتصادية والتجارية). وهذا الموقف قيّد - برأيي- حركة الدبلوماسية الصينية وسياستها الخارجية من الانطلاق نحو العالمية في السياسة كما تحقق بالاقتصاد، بحيث جعل سياسة الصين الخارجية، محكومة للعامل الاقتصادي وتابعة له، ما يشكل نقطة ضعف في انطلاقة السياسة بشكل قوي لرسم سياسات ثابتة ومتماسكة في النطاق الخارجي وفي علاقات الصين الدولية.
وهكذا بتنا نرى الان الصين القوية اقتصاديا وهي اصبحت الاولى على المستوى العالمي من حيث التصدير او نسب النمو. بالمقابل هذا لا يُترجم بثقل نوعي في المحافل الدولية وفي الامم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، مما يتطلب عملا صينيا اكثر فاعلية، لكي يكون هناك حضورا سياسيا متناسبا اكثر مع القوة الاقتصادية.
وطبعا هذا الضعف او التردد في رسم السياسات والعلاقات القوية انعكس حتما على الموقف الصيني بعد عملية (طوفان الاقصى)، فقد شهدنا موقفا صينيا "تقليديا" ينادى بالحفاظ على حقَوق الشعب الفلسطيني الانسانية، ويدعو لوقف العدوان، دون ان يكون هناك موقف حقيقي، ضاغط وواضح على الكيان الصهيوني لوقف جرائمه وعدوانيته المتمادية في هذا المجال.
في مجال الموقف الصيني تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني وقضيته ومجريات الاحداث في جبهة لبنان، اختم لأقول ان هناك ادراكا صينيا متزايدا حول وحشية العدو وانتهاكه للقوانين الدولية والقانون الانساني سواء في غزة او في لبنان، وهناك تفاعل صيني اكبر تجاه قضية الشعب الفلسطيني واللبناني وتفهما اكبر لدوافع المقاومة. لكن ينبغي العمل اكثر على دفع الموقف الصيني اكثر، من قبل قوى الضغط في محور المقاومة، لكي يصبح اكثر تأثيرا ووضوحا في مواقف ثابتة تجاه الاستفادة من الموقف الصيني، لكي يكون فاعلا وثابتا مع محور المقاومة في واقع الصراع الملتهب ضد العدو الاسرائيلي حاضرا ومستقبلا".
كيف تقيمون العلاقات الصينية الايرانية في هذه المرحلة؟ وهل ترون ان الروابط والاتفاقات الاقتصادية يمكن ان تنسحب على المواقف السياسية والتعاون العسكري بين البلدين؟
العلاقات الصينية_الايرانية قوية وعميقة وصلبة في ثوابتها. وهي تأخذ اضافة للابعاد الاقتصادية الكبيرة والضخمة، بعدا استراتيجيا متصاعدا، بحيث ان هناك اكثر من اتفاق وقع بين البلدين في السنوات الخمس الاخيرة يتيح للبلدين الانخراط في شراكة استراتيجية بأبعاد دفاعية وامنية في حال تعرضهما لمخاطر خارجية.
وهكذا شهدنا اتفاقات استراتيجية بين البلدين، وبنودا حساسة ظلت طي الكتمان للتعاون في مجال التكنولوجيا الفضائية، وفي مجال الفضاء السيبراني وايضا على مستوى تبادل الخبرات في مجال الصناعات العسكرية، وفي ميدان تحديث وانتاج القطع البحرية والطائرات المقاتلة، وتطوير انظمة الدفاع الجوي والصواريخ المتطورة، وغيرها من الانشطة الدفاعية التي تشهد تطورا ملحوظا. هذا كما قلنا اعلاه، يسير بالتوازي وبشكل تصاعدي بالاضافة الى عشرات الاتفاقيات في مجال التنمية وتبادل المنافع الاقتصادية والاستيراد والتصدير في مختلف القطاعات النشطة بين ايران والصين.
/انتهى/