وأفادت وكالة مهر للأنباء، أن ارمينيا تعتبر من أقرب الدول من الناحية الجغرافية والثقافة لإيران بالإضافة إلى انه تجمهعا وإيران مصالح مشتركة وعلى الرغم من القرب وما تجمع البلدين من مشتركات إلا أن هذه الدولة مازالت غير معروفة بالنسبة للإيرانيين. كما أنها من الدول القليلة التي تمتلك امكانيات كبيرة للاستثمارات الاقتصادية ولكن في الدرجة الاولى ينبغي التعرف على هذا البلد وبالمقابل تعريف ثقافة وسياسة ايران للشعب الأرميني وفي حال تبنت وسائل الاعلام هذه المهمة يمكنها ان تتحول إلى يد قوية وأداة دبلوماسية لمتابعة وتحقيق المصالح الوطنية للبلدين.
لذلك دفعت الضرورة توجه وفد من الدبلوماسيين والباحثين والصحفيين الإيرانيين إلى أرمينيا لزيارة استغرقت خمسة أيام بدأت في العاصمة يريفان وانتهت في مدينة كابان عاصمة مقاطعة سيونيك. وأتاحت هذه الزيارة التي تمت بدعوة من مركز اوربيلي للابحاث التحليلية، فرصة اللقاء مع مسؤولين أرمينين فضلا عن اعلاميين من ذات البلد من بينهم مساعد رئيس الوزراء "مهر غريغوريان" والامين العام لمجلس الأمن القومي "ارمن غريغوريان" ومساعد وزير البنى التحتية الارمينين كما اتاحت الفرصة لاجراء حوار مع السفير الإيراني في ارمينا "مهدي سبحان" الذي يبذل جهود حثيثة ويتابع المصالح الايرانية في يريفان. وشملت الزيارة جولة في منجم النحاس في مدينة كابان وعقد اجتماع تخصصي حول هذا الامر، فضلا عن جولة في وكالة انباء ارمينيا الرسمية واكد خلالها على ضرورة التعاون الاعلامي بين البلدين.
بحث فرص التعاون خلال اللقاء مع المسؤولين في أرمينيا
وقد التقى الوفد الإيراني مع مساعد رئيس الوزارء الأرميني "مهر غريغوريان"، الذي اكد على ضرورة تعزيز العلاقات الجيدة بين البلدين موضحا أن الرعايا الأرمنيين في ايران يعتبرون ايران بيتهم وكذلك الأمر بالنسبة للرعايا الإيرانيين في أرمينيا وهذا ان دل على شيء يدل على العلاقات الوطيدة بين البلدين.
وبدوره استقبل أمين مجلس الأمن القومي الأرميني، أرمين غريغوريان، الوفد الاعلامي الجامعي الإيراني وأكد على اهمية عقد مثل هذه الزيارات بين ابلدين مشددا على تعزيز الثقة والشفافية في المحافل السياسية والاجتماعية والاعلامية.
جولة في وكالة الانباء الأرمينية الرسمية "ارمن برس"
وقام الوفد الإيراني بجولة في وكالة الانباء الأرمينية "ارمن برس" الرسمية والتقى مع مديرة الوكالة "نارينه نازاريان"ونائبتها "كاسيان" وأكدتا على ضرورة تعزيز التعاون والتواصل مع وكالة مهر وتبادل الصحفيين فيما بين الوكالتين.
والقى الوفد الإيراني نظرة على معرض ارشيف صور وكالة ايران برس الذي يعود تاريخه إلى 6 عقود ماضية.
جولة ميدانية لبعض المشاريع الاقتصادية للبنى التحتية
كما قام الوفد الإيراني بجولة ميدانية لبعض المشاريع الاقتصادية للبنى التحتية في مدينة كابان مزكز مقاطعة سيونيك شمال ارمينيا. من بينها منجم منجم زانغزور للنحاس والموليبدينوم، وهو أكبر منجم في هذا البلد.
الجزء الأهم من هذه الزيارة جولة في قسم من ممر الشمال_ الجنوب الدولي الذي يحمل اسم "مشروع الحمل والنقل الكبير" الذي بدء العمل فيه عام 2000 بالاتفاق بين ثلاث دول الهند وإيران وروسيا ويعتبر ممر "الشمال- الجنوب الدولي جسر تواصل مهم بين الدول الأوروبية والاستكدنفانية وروسية ومناطق الخليج الفارسي والمحيط الهندي وجنوب شرق اسيا. ويضم هذا المعبر شبكة من الطرق السريعة والطرق البحرية وخطوط السكك الحديدة على امتداد سبعة الاف و200 كيلومتر فضلا عن انه اقصر طريق يصل بين روسيا والهند وكما يمكن لهذا المعبر ان يحول ايران إلى مركز ترانزيت اقليمي.
يذكر ان بناء 32 كيلومتر من هذا الممر في عهدة الشركات الإيرانية، وحول مساهمة إيران في هذا المشروع قال احد مسؤولي قسم من بناء ممر الشمال_الجنوب ايران وارمنستان: يعتبر هذا المشروع من اعظم المشاريع الإيرانية في ارمينيا في عهد الاستقلال لافتا إلى أنه مضى ثلاثة اشهر من عمر المشروع الذي سيستغرق انهائه ثلاثة سنوات وقد ينتهى بوقت اقصر من ذلك متابعا ان 32 كيلومتر من الطريق الذي يصل إلى جنوب أرمينيا يتم بنائه من قبل شركات إيرانية وفي حال انتهائه سيتم استخدامه خلال سنتين ونصف ويمكن طي مسافة 42 كيلومتر بين مدينتين والتي تستغرق ساعة ونصف في افضل الحالات ستصل الى 20 دقيقة وستصل حركة المرور من 30 كيلومتر إلى 80 كيلومتر.
في الصور أعلاه، بالإضافة إلى صور المشروع المذكور يمكن مشاهدة الوضع الحالي لطريق العبور بين إيران وأرمينيا بالقرب من مدينة كابان وجوانب جوية وأرضية عامة لهذه المدينة. تم إنشاء من جديد 21 كيلومترا من هذا الطريق الذي يبلغ 32 كيلومترا وسيتم إعادة ترميم الجزءالمتبقي وسيتم بناء 17 جسرا كبيرا ونفقين على هذا الطريق. يشمل هذا الطريق 3.5 مليون متر مكعب من الأعمال الترابية كما ان عرض الطريق 18 مترا بالاتجاهين ذهاب وإياب بالإضافة إلى خطين رمليين.
اليوم الثالث؛ اجتماعات متخصصة وتحليل سبل تعميق التعاون بين إيران وأرمينيا
وعقد مائدة مستديرة متخصصة في مدينة كابان وناقش خبراء من مركز أوربيلي للأبحاث التحليلية وخبراء وأساتذة إيرانيون أهم القضايا المتعلقة بالسياسة والجوانب الاقتصادية والعلمية والثقافية للتعاون الثنائي وآفاق التنمية في إيران وأرمينيا
وأوضح السفير الإيراني في أرمينيا مهدي سبحاني خلال الاجتماع عن بعض النقاط أنه إذا تمت إدارة العلاقات مع الجيران بشكل جيد فستصبح منصة لتطوير العلاقات الخارجية للبلدين لافتا إلى أن الحلقة الأولى للأمن تتحق اولا مع بيئة الجوار مؤكدا ان توسيع العلاقات دوراً رئيسياً ومهماً في تشكيل منطقة مستقرة وآمنة.
وأكد أن سياسة الجوار تحتاج إلى اهتمام مستمر لأن الأوضاع المتزعزة تصبح أداة بيد الغرباء لاستغلالها لان بعض الأعداء يسعون إلى تأمين مصالحهم غير المشروعة في المنطقة من خلال ايجاد الصراع والتوتر مشيرا إلى أن العلاقات الودية مع الجيران هي الأساس للتجارة الخارجية الأقل تكلفة ونمو الصادرات وتوفير أموال الاستيراد للدول وتعزيز سياسة الجوار والتعاون في المناطق الحدودية سيجلب فرص العمل ويزيد من مستوى الرخاء في المنطقة ويوفر الأمن متابعا نرحب بالمفاوضات بين أرمينيا وأذربيجان للتوقيع على معاهدة سلام ونعتقد أن التوتر والصراع بين البلدين يمكن أن يكون له عواقب مؤسفة على الأطراف وشعوب المنطقة مرحبا بمبادرة "الطرق الأربعة للسلام" التي طرحتها أرمينيا معلقا على الأمر قائلا إن أي إنهاء للحصار يجب أن تكون تحت السيادة الوطنية والإقليمية والإشراف الأمني والسيطرة لأرمينيا لافتا إلى إن حدود إيران وأرمينيا هي حدود صداقة ولم يكن البلدان مصدر تهديد لبعضهما البعض فحسب يوما ما بل كانا أيضا مصدرا لمستقبل أفضل لكلاهما.
ومن جانبه اعتبرخبير قضايا القوقاز احسان موحديان أن عقد هذا الاجتماع في مدينة كابان بأرمينيا التي تتمتع بموقع استراتيجي في هذا البلد والتي توجد فيها قنصلية الجمهورةي الاسلامية الإيرانية أيضا وتقع على مسافة قصيرة من حدود جمهورية أذربيجان حدث مهم ينقل رسائل مهمة إلى بعض الأطراف لافتا إلى أنه تعتبر اللامركزية في إقامة الفعاليات الأكاديمية وتنظيمها في مدن أخرى غير يريفان عاصمة أرمينيا من قبل معهد أوربيلي خطوة إيجابية لأن سكان المدن والقرى الأخرى في أرمينيا، وخاصة سكان مقاطعة سيونيك يجب أن يعلموا أيضا أن الحكومة الأرمينية والحكومة الإيرانية يهتمون بمصيرهم والحفاظ على الأمن والسلام في المنطقة، وكذلك الحفاظ على وحدة أراضي أرمينيا ويتخذون تدابير عملية في هذا الصدد.
علي بامان إقبالي زارتش، خبير أول في الدراسات الأوراسية: التفاعلات الإقليمية والدولية دخلت حقبة جديدة من المنافسة، ومثل نمو التكنولوجيا، زادت من سرعة التطورات السياسية والأمنية، وأصبحت الساحة الدولية منخرطة في حركات متعددة والأزمات المتنوعة، بما في ذلك الصراع الابادة الجماعية في غزة، والحرب في أوكرانيا، والتغيرات غير العادية في وسط أوراسيا، بما في ذلك جنوب القوقاز وغرب آسيا. ومن المؤكد أن لهذه المنطقة دوراً بارزاً في جيواستراتيجية المحور الأوراسي، وبحسب كابلان فإن بؤرة الهيمنة على التفاعلات الدولية تغيرت من البلقان إلى جنوب القوقاز وآسيا الوسطى.
وبطبيعة الحال، كانت هذه المنطقة منذ فترة طويلة منطقة الحضارة الإيرانية، وهي ملتقى طرق للمشتركات الثقافية والدينية والعرقية، والتي شهدت تغيرات مختلفة في فترات تاريخية مختلفة، والآن هي منطقة عازلة مهمة بين منطقتين قيمتين ويمكن القول إنها لعبت دورا هاما للغاية في قضايا الممرات ونقل الطاقة والسلام والاستقرار والتوازن الإقليمي.
وبعد بداية الأزمة الأوكرانية وفرض العقوبات الغربية واسعة النطاق على روسيا، أصبحت العلاقات بين باكو وموسكو أقوى وأكثر تماسكا.
على أية حال، من ناحية، تقول التجربة التاريخية أن القادة الأذكياء في الدول الطرفية يجب أن يتصرفوا بطريقة لا تصبح مساومة مع القوى العظمى، ومن ناحية أخرى، فمن الضروري لجمهورية إيران الإسلامية يجب على إيران التركيز بشكل أكبر على البعد التنموي مع تعزيز الأبعاد الشاملة للعلاقات الاقتصادية مع دول جنوب القوقاز وآسيا الوسطى.
"حبيب الله ملكوتيفار" عضو مركز الدراسات الدولية التابع لوزارة خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية: العلاقات التجارية بين إيران وأرمينيا نمت "نسبياً" بشكل سليم. وفي السنوات الست الماضية، نما نمونا الاقتصادي بنسبة 13% من حيث الوزن و18% من حيث القيمة. وتعد إيران ثالث مصدر للسلع إلى أرمينيا بعد روسيا والصين.
لدينا أيضًا إمكانات عالية للتعاون في مجال الطاقة. روسيا تزود أرمينيا بـ 87% من الغاز ونحن نورد 13% منه. ومن أجل تعزيز العلاقات، هناك حاجة إلى البنية التحتية التي يجب على الحكومتين التفاوض بشأنها، بما في ذلك تطوير الطرق في إطار الممر بين الشمال والجنوب.
كما أن تطوير ممر الخليج العربي إلى البحر الأسود، والذي يشبه إلى حد ما خطة السلام الرباعية، يمكن أن يوفر جزءًا مهمًا من هذه البنى التحتية.
داود كياني، أستاذ جامعي وعضو معهد إيراس: كما قال قائد الثورة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي، أرمينيا هي شريك إيران وجارتها "النبيلة"، وفي رأيي، هذا أحد أفضل التعريفات لهذه الدولة في تعاملها مع إيران.
إن آلية 3+3 بشأن القوقاز بحضور إيران وروسيا وتركيا وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا جيدة وآمل أن تستمر وسنرى المزيد من الحوارات البناءة. وآمل أيضًا أن تسير محادثات الممر البناءة ومحادثات السلام بين أذربيجان وأرمينيا بشكل جيد.
وكانت العلاقات بين إيران وأرمينيا أقل تأثراً بالعوامل السلبية، على عكس العلاقة بين أذربيجان وجورجيا. وأعتقد أن استهداف حجم التفاعل التجاري بين إيران وأرمينيا إلى ثلاثة مليارات دولار أمر في المتناول وليس بعيداً عن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها.
وعلى وجه الخصوص، يمكن لإيران وأرمينيا أن يكون لهما تعاون جيد في شكل الاتحاد الأوراسي، لأن أرمينيا هي بوابة إيران إلى أوراسيا. وتتماشى خطة "مفترق السلام" مع وجهة نظر إيران، وخاصة خطة ممر الخليج الفارسي إلى البحر الأسود، ويمكن للبلدين اتباع هاتين الخطتين المتوازيتين لأن غايتهما تشابهار ومومباي.
"هاسميك جيراجوسيان" من مؤسسة جاجارد الدراسية: يجب أن نشكل جبهة ثقافية مشتركة. إن العلاقات بين إيران وأرمينيا كجارتين تاريخيتين مميزة للغاية. هناك معلومات عن الثقافة والأدب الإيراني في المصادر الأرمينية وهي غير موجودة حتى في المصادر الإيرانية.
يمكن أيضًا استخدام المصادر الأرمنية لدراسة تاريخ إيران. كما تم نقل العديد من الكلمات من الفارسية إلى الأرمينية. وفي القرنين الخامس عشر والثامن عشر، تم الترويج للغة الفارسية في الهند والقوقاز وآسيا الوسطى لتعزيز العلوم والفلسفة والدين والصوفية.
كان الأرمن الإيرانيون هم القنوات التي تم من خلالها نقل الثقافة الإيرانية إلى بلدان أخرى. اليوم، تقف إيران وأرمينيا على نفس الجبهة الثقافية، وهذا ضد الإجراءات التي اتخذتها أذربيجان.
"زمان رضاخاني" الأمين العام لوكالة أنباء آسيا والمحيط الهادئ ومدير العلاقات الدولية في "إيرنا": فيما يتعلق بالعلاقات بين الدول، يمكن لوسائل الإعلام إظهار أهمية وقدرات التعاون للرأي العام والمستثمرين والسياسيين، ويحولوا دون تأثير الإعلانات أن تصبح مدمرة وهادفة لإضعاف العلاقات.
وبهذا التوضيح، اسمحوا لي أن أقدم اقتراحين محددين: الأول، ملحق إعلامي لبرامج مختلفة: من المهم جدًا إقامة فعاليات ثقافية أو اقتصادية أو سياسية. ولكن لكي يتم الارتقاء بمضمون هذه الفعاليات من مستوى النخبة إلى مستوى المجتمع والرأي العام، لا بد من وجود خطة إعلامية محددة لأي مؤتمر اقتصادي أو معرض ثقافي أو أي حدث آخر. وبعبارة أخرى، فإن وجود ومشاركة وسائل الإعلام الملتزمة والمهنية أمر ضروري في أي برنامج يتعلق بالعلاقات الثنائية.
الثاني، التعاون الإعلامي: يمكن لوسائل الإعلام أن تكون متآزرة وتزيد من فعاليتها من خلال تضافر الجهود والعمل معا. وبما أن موضوع اللقاء ثقافي، دعوني أعطي مثالاً ثقافياً. لقد توصلنا في رابطة أخبار آسيا والمحيط الهادئ (OANA) إلى نتيجة مفادها أن وسائل الإعلام الرئيسية على المستوى الدولي لا تقدم صورة دقيقة عن الدول الآسيوية ولذلك قررنا تشجيع الصحفيين الآسيويين على إنتاج أعمال تهدف إلى تقديم صورة واضحة عن بلدانهم. أحد الأشياء التي قمنا بها هو أننا عقدنا هذا العام مسابقة للتصوير الفوتوغرافي ومسابقة لكتابة المقالات حول موضوع التراث الثقافي والسياحة في آسيا. والمهمة الأخرى هي إقامة معارض صور مشتركة، والتي لها جمهور عام ولها تأثير كبير. ويمكن القيام بالشيء نفسه على المستوى الثنائي بين طهران ويريفان.
وبالنيابة عن وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية، أعلن أن وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إرنا) مستعدة للتعاون مع جميع وسائل الإعلام الأرمنية في اتجاه التآزر وزيادة التفاهم المتبادل.
«ویلن خاجاتریان» مدير أكاديمية جمهورية أرمينيا: ممر إيران وأرمينيا له أهمية كبيرة من الناحيتين الجيوسياسية والاقتصادية ومن ناحية نقل البضائع براً بالنسبة لإيران، لذلك يمكن للمستثمرين الإيرانيين اعتبار أرمينيا دولة جيدة للتجارة. يجب أن تتم هذه الشراكات مع مراعاة العقوبات أو في مجالات لا تشملها تلك العقوبات. من المهم لأرمينيا معرفة سلوك الدول الأخرى تجاهها في الأوقات الحرجة، لأن الأصدقاء في الأوقات الجيدة كثيرون؛ نحن نريد شركاء حقيقيين يبقون معنا في الأزمات والشدائد ويجعلون من أرمينيا عاملًا اقتصاديًا لصالحهم.
«آرتيوم تونويان» أستاذ بجامعة يريفان: إن الصناعات العسكرية مهمة جدًا لاقتصاد إسرائيل، وهذا يؤثر سلبًا على المنطقة، وتزداد هذه التأثيرات كل عام خصوصًا مع الدور الكبير للقطاع الخاص في هذه الصناعة. لذلك أعتقد أن إسرائيل ترغب في استمرار النزاعات في المنطقة لزيادة مبيعات الأسلحة. إن حل النزاعات بين أذربيجان وأرمينيا ليس مرغوبًا بالنسبة لإسرائيل بل تعتبره تهديدًا لمصالحها. تتمتع إيران وأرمينيا بعلاقات جيدة، وهذا بالتأكيد ليس في مصلحة العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان، ومن الناحية الإعلامية، فإن تحسين العلاقات بين إيران وأرمينيا يمثل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، وأي تحسن في العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان يُعد تهديدًا لإسرائيل كذلك.
"عابد نوروزي زرمهري"، باحث زائر في مؤسسة دراسات القوقاز: تتمتع العلاقات الودية بين إيران وأرمينيا بمكانة خاصة في تاريخ إيران الذي يمتد لآلاف السنين. وخلال العقود الثلاثة الماضية، كانت العلاقات الثنائية بين جمهورية إيران الإسلامية وجمهورية أرمينيا مثالاً بارزًا على حسن الجوار، وهو ما يعكس سياسة التفاعل الإيجابي بين البلدين. شهدت السنوات الأخيرة تطورات مثل حرب قره باغ الثانية، واتفاقيات السلام الخاصة بقره باغ، والعلاقات الاقتصادية في إطار الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، مما أدخل البلدين في حقبة جديدة من العلاقات الاقتصادية والسياسية. من جهة، تتزايد رغبة أرمينيا في استيراد السلع الإيرانية وتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع إيران، ومن جهة أخرى، تزايدت علاقات إيران مع دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، مما يبرز الحاجة إلى تطوير التجارة، والاستثمار، وتوسيع البنية التحتية للنقل وغير ذلك. وفي إطار الرغبة المتبادلة بين البلدين لتعزيز الروابط التجارية والاقتصادية والاستثمارية، يجب تهيئة الظروف الملائمة لحضور الشركات الخاصة من كلا البلدين بصورة فاعلة وملحوظة. ويسهم الدعم السياسي والثقافي والاقتصادي في تعزيز حضور الشركات الإيرانية في أرمينيا. فمن الناحية السياسية، يمكن رؤية ذلك في رغبة الحكومتين في زيادة التعاون الاقتصادي والإرث الإيجابي للعلاقات السياسية بينهما. ويسهم التاريخ الطويل للعلاقات الثنائية والنظرة الإيجابية بين مواطني البلدين في دعم التواصل الثقافي والاجتماعي. أما من الناحية الاقتصادية، فإن أرمينيا تزخر بمعادن ثمينة مثل النحاس والزنك والذهب والرخام والبُوكْسِيت والموليبْدِن، ما يجعلها بيئة مناسبة للاستثمارات الأجنبية. كما تتمتع أرمينيا بسوق كبيرة للمواد الغذائية، وتعد بيئة الاستثمار فيها ملائمة. لذلك تُعد أرمينيا وجهة مناسبة للاستثمار الأجنبي. إضافة إلى ذلك، فهي عضو في منظمات دولية مهمة مثل البنك الدولي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي والعديد من المنظمات الدولية الأخرى، مما يوفر أرضية ملائمة لحضور الشركات الإيرانية بشكل فاعل في أرمينيا.
"سرجي ملكونيان"، عضو في مؤسسة «أبري»: العلاقات الاقتصادية بين البلدين في نمو مستمر، إلا أن هناك إمكانات عديدة يمكن تحقيقها على أرض الواقع. لا ينبغي أن نحصر تعاوننا في المجالات الاقتصادية والتجارية فقط.
"جاني ملكيان"، باحث في مركز أوربلي للأبحاث: تحاول أرمينيا من خلال سياسة تنويع سياستها الخارجية تعزيز تواصلها مع إيران وجورجيا، لكن هذا المسار يواجه صعوبات مع أذربيجان، حيث تسعى أذربيجان للتحدث معنا بلغة القوة.
"علیرضا نظیف"، رئيس جمعية الصداقة الإيرانية الأرمنية: للوصول إلى هدف تجاري بقيمة 3 مليارات دولار من مستوى 700 مليون دولار الحالي، يجب وضع خطة جادة لتحقيق ذلك. يُعَدّ جمارك "نوردوز" و"تبريز" من بين أهم 10 منافذ جمركية تجارية مع أرمينيا. للوصول من تبريز إلى برلين، هناك أربع طرق، في إحداها، التي تشمل النقل الجوي والسكك الحديدية والنقل البحري، تلعب أرمينيا دورًا مهمًا. من جهة أخرى، فإن أي جهود لأرمينيا لإنشاء ممرات تجارية ستفشل دون دعم من إيران والهند. يجب أن تكون إيران حاضرة في هذه الممرات بسبب موقعها الجغرافي. تعد منطقة "أرس" الحرة الأكثر تقدمًا بين المناطق الحرة في إيران، ويمكن لأرمينيا أن تستفيد من هذه المنطقة وتتواجد فيها.
"روبرت قوكاسيان"، حاكم مقاطعة سيونيك: من المهم لمقاطعة سيونيك أن نزيد التفاعل في مجالات النقل والبنية التحتية والثقافة والسياحة، ونرحب بتوسيع العلاقات. لدينا برامج مهمة لتعزيز التعارف بين إيران وأرمينيا في مدينة سيسيان، ونأمل من خلال تنفيذ هذه البرامج أن نتمكن من تعزيز التفاعل بين البلدين وكذلك بين المدن الحدودية. العلاقات الثنائية بين إيران وأرمينيا تشهد مستوى عالٍ من التطور، ونحن ندعم ذلك.
"محمود جعفري دهقي"، رئيس جمعية الدراسات الإيرانية وأستاذ في جامعة طهران: تجمع الإيرانيين والأرمن علاقات ثقافية عميقة تمتد لآلاف السنين. كلا الشعبين من أصول آرية، وتتمتع اللغة الأرمنية بروابط وثيقة لا تنفصم مع اللغة الفارسية، حيث تحتوي الأسماء الأرمنية على العديد من الكلمات الفارسية القديمة. ووفقًا لتقرير زينوفون، كان الإيرانيون والأرمن يفهمون لغة بعضهم البعض جيدًا. استمدت الفنون والمعتقدات والأساطير لكلا الشعبين من مصدر ثقافي واحد، وتأثرت ملاحمهم وأدبهم ببعضهم البعض. لا يمكن إنكار تأثير الآلهة الإيرانية القديمة، مثل أهورامزدا وأناهيتا، على الدين الأرمني. علاوة على ذلك، كان للأدب الفارسي، وخاصة "الشاهنامه" لفردوسي و"رباعيات" الخيام، تأثير واضح على فكر الشعراء والأدباء الأرمن.
بذل الباحثون الأرمن جهودًا كبيرة في التعريف بالأدب والثقافة الفارسية ونقلها، حتى يمكن القول بأن دورهم في هذا المجال يفوق دور الإيرانيين في تعريف الثقافة والأدب الأرمني. ومن أبرز المؤرخين والمفكرين الأرمن الذين تناولوا إيران في أعمالهم: مارباس كاتينا، فوستوس البيزنطي، زينوب جلابي، موسى الخوريني، وأزنیک الكلبي. كما قدّم باحثون وأدباء أرمن مثل آزاد ماتیان، روبن آبراهامیان، هراند باسدرماشيان، غيورغ هوانسیان، إدوارد آغايان، وغارنيك باداليان مساهمات كبيرة من خلال ترجمة الأعمال الأدبية الفارسية إلى الأرمنية والتعريف بالتراث الثقافي الإيراني.
بناءً على ذلك، ونظرًا للتراث العلمي والثقافي الثمين الذي يجمع بين البلدين الجارين والصديقين إيران وأرمينيا، ينبغي أن تكون جهود تعريف الثقافة في كلا البلدين ضمن أولويات الباحثين.
"مهدي سيف تبريزي"، خبير في شؤون القوقاز: إن طريقة تعامل يريفان مع حكومة باكو ونهج التهدئة الذي اتبعته في السنوات الأخيرة تجاه جمهورية أذربيجان، بما في ذلك قوانين ترسيم الحدود بين البلدين أو تعديل القوانين الداخلية استجابةً لرغبات خارجية، لا يؤدي إلى تهدئة طموحات حكومة علييف؛ بل نشهد ظهور مطالبات إقليمية جديدة قائمة على مفاهيم عنصرية، خاصة ما يتعلق بمصطلحات مثل "أذربيجان الغربية" التي تروج لها باكو. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الإشارة إلى المطالب غير المنطقية لجمهورية أذربيجان فيما يتعلق بممر سيونيك، والتنازل عن السيادة الوطنية الأرمنية على أحد أهم حدودها البرية، وهو الممر الحيوي الذي يربط يريفان بإيران.
يبدو أن طموحات باكو تنبع من كيفية تعامل يريفان السياسي مع القضايا الأساسية للوجود والهوية الوطنية، حيث لا تعتمد على القوة الوطنية بقدر ما تستند إلى خارطة طريق وضعتها الدول الغربية لتخفيف التوتر بما يتوافق مع مصالحها. إن طريقة تفاعل أرمينيا مع تركيا وجمهورية أذربيجان لن تؤثر فقط على أمن ومصالح أرمينيا الوطنية مستقبلاً، بل إن سلوك أرمينيا تجاه هاتين العاصمتين له تأثير مباشر على الجيواقتصاد والجيوسياسة الإيرانية، أي على الأمن الوطني للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
إن الحدود الأرمنية تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لإيران من الناحيتين الاقتصادية والجيوسياسية والأمنية، وطهران مستعدة لدفع تكاليف كبيرة للحفاظ على هذه الحدود إلى جانب أرمينيا، ولكن هذا يتطلب وجود إرادة قوية في يريفان لمواجهة التوترات، وأن تُتخذ القرارات السياسية والأمنية بناءً على مصالح الشعبين، وليس بناءً على توصيات سياسية وأمنية من بعض المراكز السياسية خارج يريفان.
"زهره خان محمدي"، أستاذة مساعدة في جامعة آزاد الإسلامية: لا ينبغي أن تُعتبر الإمكانات الثقافية بين إيران وأرمينيا مجرد عامل ثقافي يقتصر على توطيد العلاقات بين الشعوب فقط، بل يجب أن تكون ركيزة لتعزيز العلاقات بين الحكومات، خاصة في المجال السياسي، بحيث تنتقل تأثيرات الثقافة إلى السياسة وسائر المجالات المشتركة بين البلدين. في الواقع، من الضروري أن يتم تعريف الأخلاق والقيم في إطار الثقافة المجتمعية وأن تكتسب صلة مباشرة بالسياسة، كما كانت العلاقات الثقافية عبر التاريخ، تحت مظلة القومية والدين والقواسم الثقافية المشتركة، تُلقي بظلالها على المواضيع السياسية، ويظهر هذا بوضوح في الحضور الفعّال للأقليات في القطاعات السياسية في كلا البلدين، مثل تمثيلهم في البرلمان، وأقسام القانون والقضاء.
"زاناا واردانيان" من معهد أوربلي للدراسات في أرمينيا: يتحدثون منذ سنوات عن الوصول إلى ثلاثة مليارات دولار في التجارة، لكن يجب أن نصل ببطء إلى مليار دولار. شهدنا نموًا في العلاقات التجارية في السنوات الأخيرة، لكن لا تزال هناك تحديات مثل عدم التوازن التجاري، حيث كانت صادرات إيران دائمًا تتفوق على صادرات أرمينيا. خلال العقد الماضي، كانت صادرات إيران في تزايد بينما بقيت صادرات أرمينيا ثابتة. لطالما كان قطاع الطاقة يمثل أكثر من 50% من صادرات أرمينيا، وأحيانًا يصل إلى 90%، لكن هذا الرقم انخفض مؤخرًا ووصل إلى 62% في عام 2023. كان للغاز دور كبير في صادرات إيران إلى أرمينيا، بالإضافة إلى منتجات مثل البلاط، السيراميك، ومواد البناء.
"مرتضى عابدين"، القنصل العام الإيراني في كابان بأرمينيا: هناك مستوى من المعرفة بين النخب في البلدين، لكن هذا الفهم لا يمتد إلى المستوى العام، ويجب أن نعمل على توسيعه. ربما يمكن ربط هذا النقص بفترة الشيوعية التي دامت 70 عامًا. في السنتين الماضيتين منذ افتتاح القنصلية، عملنا على تعزيز هذه المعرفة العامة من خلال تنظيم مهرجانات وبرامج ثقافية مشتركة بالتعاون مع السلطات المحلية.
"محمدرضا مرادي"، مدير قسم الأخبار الدولية في وكالة مهر للأنباء: جميع الأفكار والمقترحات التي تم تقديمها في هذه الندوة ستواجه صعوبات كبيرة في تحقيقها دون دعم إعلامي. إذا نظرنا إلى الإعلام باعتباره أداة للدبلوماسية، فيجب أن يتم استغلاله بشكل أفضل في خطط مسؤولي البلدين. الإعلام يمكن أن يكون عاملًا يسهل فرص التعاون في مختلف المجالات. ومن الحقائق التي اكتشفناها خلال هذا السفر والندوة أن أرمينيا غير معروفة بشكل كافٍ في إيران. رغم أنها تُعرف ببلد الفرص، إلا أن عددًا قليلًا من الباحثين، خاصة في مجال دراسات القوقاز، يعرفون أرمينيا، وبدون هذا الفهم لا يمكننا أن نتوقع تعزيز العلاقات إلى أعلى المستويات. ومن بين المقترحات التي يمكن أن تخفف من هذه المشكلة إلى حد ما هو تبادل الوفود الإعلامية والصحفيين بين البلدين.
/انتهى/