وكالة مهر للأنباء - قسم الشؤون الدولية : بعد ساعات قليلة من اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله والكيان الصهيوني، بدأ الإرهابيون المتمركزون في سوريا، بقيادة جبهة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، تحت مسمى "تحالف فتح المبين"، هجومًا من إدلب نحو محافظة حلب. هذه الهجمات السريعة نحو الشمال والشمال الغربي من حلب ترجع إلى أن جزءًا من التركيز العملياتي لقوات حزب الله في المنطقة الجنوبية من إدلب قد خف بسبب الحرب الجارية في لبنان. بالإضافة إلى ذلك، اضطرت القوات الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا إلى سحب العديد من معداتها العسكرية من قاعدة حميميم الواقعة في جنوب شرق اللاذقية أو الانسحاب من بعض المناطق العسكرية القريبة من إدلب وحلب، وهو ما لم يغفل عنه الغرب.
أيضًا، كانت التطورات الجارية في جبهة لبنان سببًا في أن يقوم الكيان الصهيوني، بهدف زيادة الضغط على دمشق للخروج من محور المقاومة وقطع شريان الأسلحة لحزب الله، بإعطاء الضوء الأخضر لتركيا والمعارضين السوريين لشن هجمات على إدلب. وسط هذه الحملات، يظل السؤال الرئيسي: هل يسعى الإرهابيون والمعارضون السوريون للاستفادة من الوضع السائد في المنطقة وإشعال فتيل الحرب الداخلية مرة أخرى؟ أم أن القوى الأجنبية ترغب فقط في استخدام ورقة المعارضين السوريين للحصول على مكاسب من دمشق؟
ما الذي يحدث في حلب؟
بالنسبة للرأي العام، تُعد "حلب" رمزًا للانتصار النهائي للجيش السوري ضد المعارضة المسلحة في سياق الحرب الأهلية. هذه المدينة الاقتصادية التي يبلغ عدد سكانها 2 مليون نسمة، بالإضافة إلى كونها موطنًا للعديد من المجمعات الصناعية، تتمتع بموقع استراتيجي يربط الشرق العربي بالبحر الأبيض المتوسط. إن سيطرة المعارضة المسلحة على طريق "تي-5" تشير إلى تخطيط أنقرة لقطع الاتصال بين حلب ودمشق. وفي الوقت الحالي، تدعي المعارضة المسلحة أنها تمكنت من السيطرة على 20 حيًا في حلب، بالإضافة إلى مناطق مثل النبل والزهراء، وكذلك احتلال أماكن مثل مقر المحافظة، ونقطة التفتيش المركزية، ومطار أبو الظهور العسكري. وقد أعلنت شبكة "الميادين" أن المساحة التي يسيطر عليها الإرهابيون تشكل 60% من جغرافيا محافظة حلب.
في هذه الأثناء، يواصل الجيش السوري، بدعم من سلاح الجو، شن هجمات مضادة قوية على العدو التكفيري، مما أسفر عن استعادة بعض المناطق التي كانت تحت الاحتلال. ووفقًا للأخبار التي نشرها الجيش السوري، تم القضاء على أكثر من 500 إرهابي وأسر العشرات منهم.
على الرغم من استمرار تقدم إرهابيي "تحرير الشام" نحو المناطق المركزية في محافظة حلب، إلا أنه يبدو أن هذا التقدم قد تباطأ، ومثلما حدث في اليومين الماضيين، لم يستطيعوا مواصلة التقدم. ومع ذلك، يُتوقع أن يستمر تقدم الإرهابيين طالما أن الدعم العسكري والتسليح المطلوب لهم لم يصل إلى المنطقة بعد. ولكن النقطة الحاسمة تكمن في ما إذا كانت المعارضة المسلحة قادرة على الحفاظ على المناطق التي سيطرت عليها دون الدعم العسكري والاستخباراتي من الكيان الصهيوني. بعد هزيمة المعارضة المسلحة في عام 2018، تراجعت الجماعات المسلحة تدريجيًا إلى مناطق مثل إدلب حيث تم وضعها في حالة من المنفى. ومع ذلك، قررت اليوم مجموعة واسعة من المعارضة المسلحة الاستفادة من الصراع بين إسرائيل والكيان الصهيوني، وتحويل هزيمتهم في سوريا إلى انتصار.
التعاون بين بعض اللاعبين الإقليميين مع الكيان الصهيوني
تعتبر تركيا، باعتبارها أكبر داعم مالي وتسليحي للمعارضة السورية، في صدارة المتهمين في أحداث حلب. فقد أنشأت أنقرة غرفة عمليات لإدارة المعركة بشكل كامل. وفتحت تركيا حدودها لتسليح ودعم المعارضة، بل وأتاحت دخول عناصر من أوزبك وتركستانيين إلى ميدان المعركة، مما أدى إلى تفاقم الصراع في سوريا. ورغم أن المعارضة المسلحة والجماعات الإرهابية المتحالفة معها كانت قد حددت هدفًا مبدئيًا لهذه الحرب، وهو السيطرة على حلب وحماة وإدلب وغيرها، إلا أن الهدف الرئيسي لهذا العدوان المسلح يبدو أنه كان دفع محور المقاومة بعيدًا عن الأراضي السورية وقطع الاتصال بين هذا المحور وحزب الله.
خلاصة القول
الكيان الصهيوني لا يسعى إلى إعادة إحياء "الردع" في مواجهة محور المقاومة فقط، بل يهدف أيضًا إلى تغيير ميزان القوة في منطقة الشرق العربي وإعادة تعريف النظام الأمني في منطقة غرب آسيا. في الواقع، لا يمكن تحليل أو دراسة التطورات الجارية في غزة، لبنان، سوريا، العراق، اليمن، شمال المحيط الهندي وحتى شرق البحر الأبيض المتوسط دون النظر إلى خطة إسرائيل لتغيير النظام الإقليمي.