تعتبر سوريا وإيران أهم حليفين لبعضهما البعض في منطقة غرب آسيا، ويكتسب هذا التحالف أهمية استراتيجية لكلا البلدين فی ظل تصاعد تحركات الجماعات الإرهابية.

وكالة مهر للأنباء، قسم الشؤون الدولية: تعد سوريا وإيران أهم حليفين لبعضهما البعض في منطقة غرب آسيا. وفي هذا السياق، ومع تصاعد تحركات الجماعات الإرهابية في محيط حلب، قام "عباس عراقجي"، وزير الخارجية الإيراني، بزيارة إلى سوريا، تأكيداً على السياسة المبدئية لدعم الحلفاء الاستراتيجيين التي تُعد دائماً جزءاً أساسياً من السياسة الخارجية الإيرانية.

التحالف بين إيران وسوريا مبني على المصالح المشتركة

الدافع الرئيسي وراء تشكيل التحالف الاستراتيجي بين إيران وسوريا في الظروف الحالية للمنطقة هو تعزيز الأمن في مواجهة التهديدات الخارجية العاجلة. فقد بادرت إيران إلى التحالف مع سوريا في ثمانينيات القرن الماضي بمنهج براغماتي انطلاقاً من مصالحها الأمنية الحيوية، واستمر هذا التحالف في العقود التالية بسبب فوائده المتبادلة لكلا الطرفين.
لذا فإن نشوء واستمرار التحالف بين إيران وسوريا منذ تأسيسه عام 1979 حتى الآن يُعد من أبرز التطورات السياسية والأمنية في منطقة غرب آسيا.

أهمية سوريا في التحالف الاستراتيجي مع إيران

في عام 2018، أشار "ستيفان والت" لتوضيح النهج المشترك بين إيران وسوريا، إلى أن البلدين سعيا في السنوات الأخيرة لإفشال جهود الولايات المتحدة في منطقة غرب آسيا، كما عملا على اتباع سياسات متسقة في الحملات والتفاعلات الإقليمية. يحمل التحالف بين إيران وسوريا أهمية كبرى من عدة زوايا. حيث تُتيح سوريا للمقاومة فرصة توسيع نفوذها الإقليمي عبر بلاد الشام، كما تُعد بوابة وخط إمداد نحو حزب الله. كما تُشكل سوريا حصناً استراتيجياً يدعم خط الدفاع الموجود على شواطئ البحر الأبيض المتوسط في مواجهة الكيان الصهيوني.

أهمية إيران في التحالف الاستراتيجي مع سوريا

منذ عام 2011 ومع بداية الأزمة السورية، كانت إيران الداعم الإقليمي الجاد الوحيد للحكومة والشعب السوري. في الفترة بين 2011 و2015، عندما كانت غالبية الأراضي السورية تحت سيطرة الجماعات الإرهابية، لعبت جهود إيران دوراً محورياً في الحفاظ على النظام السياسي السوري بالتعاون مع الجيش العربي السوري. كما أشار العديد من الخبراء، فإن دعم إيران المستمر لسوريا هو ما دفع دولة مثل روسيا لتوفير دعم جوي للعمليات البرية في سوريا.

يشمل الحضور الاستشاري الإيراني في سوريا منذ عام 2011 عدة مستويات استراتيجية وعملية وتكتيكية وفنية:

  1. على المستوى الاستراتيجي: أعلنت إيران دعمها السياسي والمعنوي للحكومة السورية، حيث نقل القادة العسكريون الإيرانيون خبراتهم إلى قادة الجيش السوري كمستشارين.
  2. على المستوى العملياتي: ساعد القادة الإيرانيون الجيش السوري في التخطيط للعمليات وكيفية تنفيذها ضد الجماعات الإرهابية.
  3. على المستوى التكتيكي: كان المستشارون الإيرانيون موجودين بشكل ميداني لدعم قادة الجيش السوري أثناء المعارك.

العزم الراسخ لإيران في دعم سوريا ضد الإرهاب
استقرت أوضاع سوريا في السنوات التي تلت عام 2018 مع انتصارات الجيش السوري وخروج معظم الأراضي التي كانت تحت سيطرة الجماعات الإرهابية إلى استقرار نسبي. جماعة هيئة تحرير الشام الإرهابية (HTS) كانت تسيطر على حوالي نصف إدلب والمناطق المحيطة بها، وكذلك على مناطق مجاورة في محافظات حلب، اللاذقية، وحماة.

في هذه الظروف، ومع إعلان وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني ولبنان، تمكنت جماعة تحرير الشام من الانتقال من مقرها الرئيسي في إدلب إلى اختراق خطوط الدفاع للجيش السوري والوصول إلى وسط مدينة حلب. خلال ثلاثة أيام من 29 نوفمبر إلى 2 ديسمبر، تمكن الإرهابيون من الوصول إلى وسط مدينة حلب والسيطرة على إحدى البلدات الاستراتيجية التي تسيطر على الطريق الاستراتيجي M5. هذا الطريق هو المسار الرئيسي للوصول إلى مدينة حلب، وله أهمية خاصة.

تعتبر هذه التطورات ذات أهمية كبيرة بالنسبة لإيران، ولهذا السبب كانت زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى سوريا في هذا التوقيت أكثر من مجرد رسالة واضحة من إيران بشأن عزمها الراسخ لدعم سوريا، واستقرارها، وسيادتها الوطنية، وسلامة أراضيها ضد الجماعات الإرهابية وبعض الدول المجاورة. أولاً، أن سوريا، بعد عقد من الأزمة، ما زالت جزءًا رئيسيًا من محور المقاومة. ثانياً، أن إيران في الوقت الحالي لا تستطيع أن تشهد عودة الجماعات الإرهابية إلى المناطق الاستراتيجية في سوريا وسقوط المدن واحدة تلو الأخرى. ثالثًا، كما أعلنت وزارة الخارجية، تدرك إيران مخاطر انتقال الفكر التكفيري والإرهاب إلى باقي دول المنطقة، ويمكن اعتبار زيارة وزير الخارجية إلى دمشق موقفًا حاسمًا في أهمية التحالف مع سوريا.

خلاصة القول
لطالما كانت إيران وسوريا حليفين استراتيجيين لبعضهما البعض. وفي ظل الظروف الحالية التي تسعى فيها الجماعات الإرهابية إلى التقدم مجدداً نحو مناطق أخرى في سوريا، يبقى النهج الاستراتيجي الإيراني في الحفاظ على سوريا كجزء من محور المقاومة ثابتاً ومستداماً.