أكد محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أن الصناعات الإيرانية تتمتع بأمن موحد وقيم ثابتة، مشدداً على أنه في حال قيام أي طرف بتصرفات طائشة، فسيتلقى رداً قوياً وحاسماً بالمثل.

وأفادت وكالة مهر للأنباء، انه بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية، شارك محمد إسلامي، نائب رئيس الجمهورية ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، مساء الأحد في برنامج حواري تلفزيوني، حيث استعرض آخر الإنجازات والتطورات في الصناعة النووية للبلاد.

وتحدث إسلامي عن الملف النووي الإيراني والعقوبات المفروضة على إيران، مشيرا إلى أنه للحصول على صورة واقعية، يجب إلقاء نظرة على اجتماع دافوس، حيث يُعدّ فرصة لعرض التوجهات العالمية ولمعرفة النقاط التي تركز عليها الدول. وأوضح أن أحد المحاور الرئيسية في الاجتماع كان التكنولوجيا الحديثة، التي تشكل مجالًا للمنافسة الحادة بين الدول المتقدمة، لافتًا إلى أن هناك عمليات اصطفاف سياسي تحدث، حيث أن أي دولة تتماشى مع النظام العالمي القائم لا تواجه عوائق.

وأضاف أن الشرط الأساسي، من وجهة نظر القوى الكبرى، هو دعم مصالح أمريكا، وهو ما كان واضحا في جميع تصريحات الجهات التي تمارس الضغوط القصوى. وأكد أن القضية الأساسية هي التكنولوجيا المتقدمة، وحيث إن إيران ليست جزءا من تلك التكتلات، فقد تم فرض الحظر عليها في هذا المجال.

الوكالة مكلفة بتسهيل ودعم وصول الدول إلى التكنولوجيا النووية

وأكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن النظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية ينص بوضوح على أن قوانين وبرامج الوكالة يجب أن تتم المصادقة عليها داخل الدول نفسها، مشيرا إلى وجود اتفاقيتين رئيسيتين: الأولى هي اتفاقية الضمانات، والثانية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT). وأوضح أن أي دولة ترغب في العمل في هذا المجال يجب أن تقنن هاتين الاتفاقيتين في نظامها القانوني. وأضاف أن الوكالة مكلفة بتسهيل ودعم وصول الدول إلى التكنولوجيا النووية، إلا أنه في الكواليس، أقر الكونغرس الأمريكي في عام 1955 قانون "123"، الذي يشترط أن أي دولة ترغب في الدخول إلى هذا المجال يجب أن يكون لديها اتفاق مع أمريكا.

وأشار إلى أن هذا القانون ينص على أنه في حال عدم وجود علاقات واتفاقيات مع أمريكا، فلا يمكن للدولة المعنية ممارسة أي أنشطة نووية، حيث تفرض أمريكا رقابة صارمة وتمنع أي دولة من الانخراط في هذا المجال دون موافقتها. ولفت إلى أن إيران تواجه تيارًا سياسيًا وأمنيًا يمارس ضغوطًا قصوى لعرقلة مسيرتها، لكنها تمكنت من تجاوز هذه العوائق.

وأكد إسلامي أن إيران كسرت الاحتكار العالمي في هذا المجال، واعتمدت على أبحاثها الذاتية لتحقيق تقدمها العلمي والتكنولوجي. وأوضح أن القوى الاستكبارية تعتبر امتلاك التكنولوجيا النووية "منطقة محظورة"، لكن إيران تعمل باستقلالية كاملة. وأضاف أن هذه التكنولوجيا توفر فوائد متعددة، وعندما تتمكن دولة ما من تحقيق قدرات تقنية، فإنها تستطيع جني نتائجها، مشيرًا إلى أن إيران وصلت الآن إلى هذه المرحلة وتستفيد من التكنولوجيا النووية في مختلف المجالات لتعزيز التقدم والتأثير في قضايا متنوعة.

وتساءل نائب رئيس الجمهورية بشأن استمرار الجدل حول البرنامج النووي الإيراني قائلاً: "هل 20 عامًا من المفاوضات غير كافية؟ لقد تم تفتيش جميع المواقع التي زعم المنافقون (المعارضون الإيرانيون) وجود أنشطة نووية فيها، ورغم ذلك لا تزال هذه القضية تُستخدم كذريعة لا يمكنهم التخلي عنها".

وأضاف: "قبل أسبوع فقط، صرح السيد غروسي (المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية) بأن من الأفضل لإيران حل القضايا العالقة مع إدارة ترامب، وهذا يعني أن المشكلة تكمن في الحكومة الأمريكية نفسها، التي تمارس الضغوط على إيران". وأكد أن "لو لم يكن هناك ضغط أمريكي، فإن إيران تعمل ضمن معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولا تواجه أي مشاكل قانونية في هذا الإطار".

وأضاف أن تعاملات إيران تهدف إلى إزالة الشبهات وعرقلة التدخلات. وأوضح: "كان علينا تقديم برنامجنا، وقد فعلنا ذلك. كل دولة عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملزمة بتقديم إطار عمل برنامجها، ونحن قمنا بتدوين برنامجنا بشكل واضح، ولا يوجد فيه أي غموض. إنه شفاف بالكامل وله أبعاد سلمية صريحة". وأكد أن تخصيب اليورانيوم الذي تقوم به إيران أمر طبيعي، مضيفًا: "نعم، هناك عدد قليل من الدول التي تقوم بالتخصيب، لكن هذه النسب التي يتم تضخيمها تهدف فقط إلى إثارة الخوف من إيران".

وتابع إسلامي قائلاً: "في الولايات المتحدة وكندا، توجد مفاعلات تستخدم وقودا مخصبا بنسبة 90%، لكن الأهم في مسألة التخصيب هو البنية التي يمكن لأي دولة أن تعتمد عليها في برامجها. وبما أننا لسنا جزءا من تكتلهم، فإنهم يسعون لتدمير هذا البرنامج".

ما تواجهه إيران هو نهج سياسي أكثر من كونه فنيا

أكد أن إيران قبلت عمليات التفتيش منذ فترة طويلة، لكن الضغوط لا تزال مستمرة، مشيرا إلى أن الوقت لم يعد يسمح لهم بزيادة عمليات التفتيش، وأن ما تواجهه إيران هو نهج سياسي أكثر من كونه فنيا. وأضاف أن تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة تعكس أيضًا هذا التوجه.

وشدد على أن "لا دولة في العالم تخضع لعمليات تفتيش مثل إيران"، لافتًا إلى أن الدول الأخرى تخضع للتقييم من خلال أربعة مكاتب، بينما تم تخصيص مكتب كامل لإيران وحدها. واعتبر أن الهدف الأساسي من هذا الأمر هو فرض قيود صارمة وإزعاج إيران باستمرار. وقال: "هذا واضح جدًا بالنسبة لنا، وعلينا إدارة هذا الوضع بحكمة من أجل التصدي لهذه الضغوط".

وأكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن الحكومات المختلفة خلال العشرين عاما الماضية خاضت مسار المفاوضات بطرق وأساليب متعددة، لكن النتيجة كانت الاتفاق النووي. وأوضح أن أحد البنود المهمة في الاتفاق هو البند المتعلق بالسنة العاشرة، والذي ينص على إغلاق الملف النووي الإيراني بعد عشر سنوات.

وأشار إلى أن إيران خفضت قدراتها النووية بهدف بناء الثقة، على أن يتم في المقابل رفع العقوبات، لكن الطرف الآخر لم يفِ بالتزاماته ولم يسمح بالتعاون مع إيران، وأضاف: "لقد وقعوا على الاتفاق لكنهم لم يلتزموا به، وإيران بدورها اتخذت خطوات وفقًا لبنود الاتفاق للعودة عن بعض التزاماتها. نحن لا نزال في إطار الاتفاق النووي، والولايات المتحدة هي التي انسحبت ولم ترفع العقوبات".

وفيما يتعلق بالمفاوضات الأخيرة بين إيران وأوروبا، أوضح إسلامي أن المحادثات التي أجرتها وزارة الخارجية كانت تهدف إلى استكشاف إمكانية استئناف المفاوضات. وأكد أن هذه المباحثات كانت بمثابة اختبار لمدى استعداد الأطراف الأخرى للعودة إلى طاولة التفاوض، مشيرًا إلى أن فحوى هذه المحادثات كان يقوم على مبدأ أنه إذا اختارت الأطراف الأخرى مسار التعاون، فإن إيران أيضًا مستعدة لذلك. ومع ذلك، أشار إلى أن الأوروبيين قالوا إن مسألة العقوبات ليست بأيديهم بل بيد الولايات المتحدة.

أما بخصوص اتفاق جديد محتمل، فقد شدد إسلامي على أن أي اتفاق سيتم تحديد إطاره داخل إيران نفسها. وأشار إلى أن أحد العوامل المهمة هو أن القوى الغربية تسعى إلى استخدام آلية "سناب باك" (Snapback) لإعادة فرض العقوبات تلقائيا، مؤكدا أن إيران أيضًا سيكون لها رد فعل مناسب في حال حدوث ذلك.

تنفيذ الالتزامات الإيرانية يظل مشروطا بتنفيذ الطرف الآخر لتعهداته

وأكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن إطار الاتفاق النووي لا يزال ساريا من منظور إيران، وأن عودة إيران إلى التزاماتها كانت تستند إلى هذا الإطار. ومع ذلك، أشار إلى أن المزايا التي كان من المفترض أن تحصل عليها إيران لم تُترجم إلى فوائد ملموسة، مؤكدا أن الفرصة الرئيسية لا تزال قائمة ضمن الجدول الزمني المتفق عليه، لكن تنفيذ الالتزامات الإيرانية يظل مشروطا بتنفيذ الطرف الآخر لتعهداته.

وفيما يتعلق بالتهديد باستخدام آلية "سناب باك" (إعادة فرض العقوبات تلقائيًا)، أوضح إسلامي أن اتخاذ أي قرار في هذا الشأن سيتم في إطار محدد ومدروس، مشددًا على أن العودة إلى الالتزامات النووية مرهونة بتنفيذ الطرف الآخر لالتزاماته. وأضاف: "من هذه النقطة فصاعدًا، يجب على الأطراف المفاوضة تقديم إجابات واضحة على التساؤلات المطروحة".

أما بشأن سياسات الولايات المتحدة، فقد أشار مساعد الرئيس إلى أن نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان مختلفًا على مستوى العالم، مشيرًا إلى ضرورة الانتظار لتقييم الفرص والتهديدات المستقبلية. وأكد أن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تبذل قصارى جهدها لضمان أن تتخذ فرق التفاوض قراراتها في الوقت المناسب، بما يخدم المصالح الوطنية لإيران.

التهديدات الإسرائيلية وموقف إيران

وأكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن الكيان الصهيوني لا يلتزم بأي قوانين دولية، مشددا على أن إيران أكدت مرارًا أن كيانا غير عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يملك الحق في تهديد دولة أخرى. وأشار إلى أن مندوب إيران في الأمم المتحدة تابع هذا الموضوع عدة مرات رسميا.

وفيما يتعلق بإجراءات الردع الإيرانية ضد التهديدات الإسرائيلية، أوضح إسلامي أن القوات المسلحة الإيرانية تمتلك قدرات دفاعية قوية لحماية البلاد، وأن البنية التحتية النووية تم تصميمها بحيث تكون أقل عرضة للضرر وأقل إتاحة للأعداء. وأكد أن "إسرائيل"، التي تمارس التهديدات المستمرة، ستتلقى ردًا حاسمًا في حال ارتكبت أي "حماقة"، لافتًا إلى أن الصناعات الإيرانية تتمتع بدرجة عالية من الأمن والحماية.

وتحدث رئيس منظمة الطاقة الذرية عن أهمية الماء الثقيل، مشيرا إلى أنه عنصر حيوي في العديد من المجالات العلمية والصناعية، حيث يوجد حوالي 300 مشتق من الماء الثقيل يُستخدم في صناعات مثل أشباه الموصلات، الإلكترونيات، الأدوية، وغيرها.

إيران بصدد افتتاح منشأة لإنتاج الميثانول خلال الأيام القادمة

وكشف أن إيران بصدد افتتاح منشأة لإنتاج الميثانول خلال الأيام القادمة، وهو منتج يستخدم في صناعة الأدوية، موضحا أن إيران أصبحت واحدة من الدول الرائدة في هذا المجال، حيث تبلغ قيمة كل طن من الماء الثقيل حوالي 1.2 مليون دولار. وأشار إلى أن بعض مشتقات الماء الثقيل يصل سعر كل غرام منها إلى 10,000 دولار، مما يعني أن إيران تمتلك "محيطا غير محدود" من الفرص الاقتصادية في هذا المجال.

وبشأن إنتاج الطاقة الكهربائية من المحطات النووية، أوضح إسلامي أن هناك تأخيرا في تنفيذ بعض المشاريع النووية بسبب بعض التحديات، إلا أن الجهود مستمرة منذ عام 2021 لتنفيذ توجيهات القيادة.

وأشار إلى أن الهدف هو الوصول إلى 20,000 ميغاواط من الطاقة النووية بحلول عام 2041، في حين أن إيران تمتلك حاليا قدرة إنتاجية تبلغ 1,000 ميغاواط، ومن المخطط أن ترتفع إلى 3,000 ميغاواط قريبا.

أما عن تقدم العمل في مفاعلات بوشهر 2 و 3، فقد أكد إسلامي أن المشروع يسير بسرعة عالية خلال العامين الماضيين، مشيرا إلى أن العام الجاري شهد تحقيق أرقام قياسية في التنفيذ.

وأوضح أن هناك التزاما صارما بالجدول الزمني لإنجاز المشروع، مشيرا إلى أنه في الشهر الماضي وحده، تم تنفيذ عملية صب 22,000 متر مكعب من الخرسانة يوميا، ما يعكس التقدم السريع في تنفيذ المشروع.

/انتهى/