كتبت المختصٌة اللبنانية في علم النفس الاجتماعي، أ.نسرين نجم، مقالا في حضرة السيد حسن نصر الله، جاء فيه: العدو لم يفهم مبدأ محاربة الظلم والطغيان في عقيدتنا لذلك وهم أنه باستهدافه سماحة السيد حسن نصر الله قد قضى على المقاومة ولم يدرك أن هذا المشروع لاينتهى عند شخص رغم عظمته.

وكالة مهر للأنباء_ نسرين نجم: اعتبر العدو الصهيوني انه باغتيال الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله (رض) قد قضى بذلك على المقاومة، وخلق عدم ثقة وشرخا بينها وبين بيئتها، معتقدا انه في حال اغتال القائد القدوة فإن هذا المجتمع وهذا التنظيم سيتفكك وينهار، لقد نظر العدو الصهيوني من نظرة عسكرية تقليدية نمطية، وحتى هذه الساعة لم يفهم البعد النفس الاجتماعي الايماني لمبدأ من مبادىء عقيدتنا الا وهو محاربة الظلم والطغيان، وبأن هذا المشروع لا يقف وينتهي عند شخص، واذا نظرنا من جانب آخر فإن هذه العقيدة هي التي تقوي وتحفز رابط التفاعل والتواصل والتضامن والوحدة بين ابناء هذه العقيدة على اختلاف مشاربهم الفكرية والايمانية.

الى استشهاد سيدنا الاقدس، عمل العدو وبمساعدة امريكية وبتواطىء من عملاء الداخل الى محاولات لكي الوعي قبل التشييع، فلم يتركوا طريقة او اسلوب او وسيلة الا واستعملوها لمحاولة تفشيل التأبيين العظيم، تارة يتحدثون عن هجوم صهيوني وشيك بلحظة التشييع رافق ذلك دعوات من ابواق متصهينة داخلية تدعوهم الى قتل اكبر عدد من المشيعيين، فقد وصل الحقد الدفين بهؤلاء للتمني بأن تكون كراسي المدرجات مهيئة للتفجير كما حصل في عملية البيجرز، وبعدها انتقلوا الى منع اللبنانيين من القدوم لبلدهم (حادثة الطائرة الايرانية ومنعها من الهبوط بمطار بيروت) ومن ثم التضييق بشتى الوسائل على بيئة المقاومة، عدا عن الاضاليل والشائعات التي حاولت وعملت على ان تخلق فتنة سنية شيعية، اضف الى ذلك عوامل اخرى لا يسعنا في هذه المقالة ذكرها، شكلت الى جانب حزننا المؤجل منذ خمسة اشهر على استشهاد سماحته وصفيه حافزا ودافعا اكثر فأكثر لنظهر ولائنا المطلق لهذا الخط ولهذه المسيرة، ودفعت بكل الشرفاء من المغتربين اللبنانيين ومن ايران والعراق واليمن والكويت وتونس واكثر من 80 دولة اوروبية وعربية لان تشارك في يوم من ايام الله، يوم تجديد البيعة والولاء لسيد شهداء الامة (رض) فقد بلغ عدد المشيعيين تبعا لفرانس برس حوالي مليون وثمانمئة الف مشيع، بينما قدرت رويترز اكثر من مليون مشارك، واشار موقع "انتل سكاي" بأن التقديرات الرسمية تشير الى مشاركة 1.4 مليون شخص في التشييع" وهذا يمثل 26.4٪ من اجمالي سكان لبنان (5.3 مليون نسمة) وهو اعلى معدلات المشاركة في التشييع على مستوى العالم" ولفت الى ان " بهذا الاقبال يصبح تشييع نصر الله هو الاكبر في تاريخ لبنان، ويصنف من بين الاكثر اهمية في العالم من حيث المشاركة مقارنة بحجم السكان".
بالفعل لم يكن يوما عاديا، فقد حضر الى مكان التشييع المدينة الرياضية عدد كبير من المشيعيين قبل يوم ويومين وحتى منذ ساعات الصباح الاولى من كل حدب وصوب، منهم من قضى ليلته بالعراء رغم برودة الطقس، ومنهم من اتى سيرا على الاقدام من البقاع والجنوب رغم الثلج والمطر، فقد امتلأت مدرجات المدينة الرياضية عن بكرة ابيها قبل ساعات طويلة من بدء التأبيين، رغم ان هذه البيئة لا تزال تلملم جراحها من أهوال الحرب والفقد والدمار، فالكثير ممن شارك لا زالوا يبحثون عن ابنائهم واحبابهم تحت الركام الا انهم ابوا الا ان يشاركوا كتحية وفاء وحب لهذا القائد التاريخي، أتوا حاملين الحب لهذه الشخصية الاستثنائية القيادية التي تخطت جغرافيا الوطن لتسكن في قلب كل حر، وقد اتى من كل فج أقوام متنوعة الجنسيات والأديان والملل لتشارك بالتشييع.
هذا الوعي الجمعي بالمقاومة والوفاء لسيدها الشهيد الكبير تجلى ايضا عندما قام العدو الصهيوني بحركة استعراضية فاشلة أثناء التشييع حيث حلقت طائراته الحربية وعلى علو منخفض جدا فوق رؤوس المشيعيين على مرتين، متوهما انه بهذه الحركة البهلوانية السخيفة سيدب الخوف والهلع بين الناس وبالتالي سيفشل التشييع، فأتاه الرد صاعقا حازما حاسما قويا أدهشه وأدهش كل المراقبين بأن المشيعيين لم يخافوا ولم يبرحوا امكنتهم لا بل بقوا في اماكنهم رافعين القبضات مطلقين شعارات:" هيهات منا الذلة، والموت لاسرائيل"..
هذه الحاضنة الشعبية غير المحصورة بطائفة أو بمذهب أو بمنطقة محصنة بذخيرة عقائدية فكرية دينية ايمانية ملفتة، وقد نجح سيد شهداء الامة رض وعلى مدى تواجده في الامانة العامة لأكثر من ثلاثين عاما على تعزيز وبلورة هذه الثقافة وهذا الفكر الاسلامي المحمدي الاصيل الذي كان موجودا في المجتمع لكنه جوهر أكثر وتم صقله بخطاباته (رض) التي أصبحت وصايا مقدسة لا بل دستور يتضمن كل جوانب الحياة وحتى درب الوصول للآخرة بإيمان ويسر وتيسير.
انه يوم تاريخي بامتياز لشخصية قل مثيلها ولا يمكن ان تتكرر مرتين.

/انتهى/