في فترة يبدو فيها أن الشركات الكبرى في كاليفورنيا لا تقدم إنجازات تقنية جديدة وأنها قد دخلت في دائرة التكرار، يتشكل نوع جديد من السينما في مجال الرسوم المتحركة، الذي يهزم الأمريكيين في جانبين؛ تجاريًا وتقنيًا.

وأفادت وكالة مهر للأنباء أنه عندما تحدث مهدي جعفري جوزاني، منتج فيلم الرسوم المتحركة "أسطورة سبهر"، في مؤتمر صحفي بمناسبة مهرجان فجر السينمائي في فبراير، قال: "أود أن أقدم لكم تقريرًا عن أداء الرسوم المتحركة؛ في الوقت الحالي، هناك فيلم رسوم متحركة إيراني مرشح لجائزة الأوسكار. ثلاثة أفلام رسوم متحركة تُعرض حاليًا في دور السينما، وأربعة أفلام أخرى في مهرجان فجر السينمائي. هذه الأحداث هي أخبار جيدة لصناعة الرسوم المتحركة في إيران." لا يقتصر الأمر على الكلمات في مؤتمر صحفي، بل عندما سُئل كل من المخرجين أو المنتجين في مهرجان فجر عن وضع الرسوم المتحركة الحالي، كانوا يشيرون إلى وجود فيلم رسوم متحركة إيراني في الأوسكار ونجاح الأفلام المعروضة، وكأن هذا الحدث وقع لأعمالهم الشخصية.

واليوم، فاز فيلم "في ظل السرو" بجائزة الأوسكار، لتصبح السينما التي كانت تفتخر بحضورها في أفضل المهرجانات الدولية قد انتصرت في معركة صعبة، حيث كان أبرز منافسيها الشركات متعددة الجنسيات، اليابانيون، والفرنسيون. والواقع أن الآمال في فوز الفيلم بجائزة كانت ضعيفة للغاية في البداية.

فيلم الرسوم المتحركة "في ظل السرو" للمخرجين شيرين سوهاني وحسين ملائمي قد تعرض للهزيمة في العديد من المهرجانات أمام منافسين من الشركات متعددة الجنسيات. على سبيل المثال، في مهرجان "أني"، خسر أمام فيلم "WANDER TO WONDER" للمخرجة نينا غانتس الهولندية. ومع ذلك، لاقت فكرة الفيلم الجذابة وعالمه المختلف اهتماماً في الأوسكار. تدور قصة "في ظل السرو" حول أب وابنته يعيشان بالقرب من السواحل الجنوبية للبلاد. يعاني الأب من اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة الحرب، بينما ترغب ابنته في تركه. ولكن، تتغير القصة بشكل مفاجئ مع ظهور حوت على الشاطئ، ليجد الشخصيات أنفسهم في موقف جديد.

"في ظل السرو" ليس نتاجًا للسياسة

بالطبع، هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها عرض فيلم إيراني في قسم الرسوم المتحركة القصيرة في الأوسكار؛ العام الماضي أيضًا تم ترشيح فيلم (Our Uniform) للأوسكار، لكن لم يفز بجائزة. ومع ذلك، هناك فرق جوهري بين "زيّنا" و "في ظل السرو"؛ فيلم الرسوم المتحركة الفائز بجائزة الأوسكار لعام 2025 لا يحتوي على أي بُعد سياسي في العمل ذاته. كان "زيّنا" قد تناول قضية الحجاب، بينما "في ظل السرو" هو مجرد قصة قصيرة بدون أي ادعاءات خارجية. هذا يُظهر أن الرسوم المتحركة الإيرانية فازت في منافسة عادلة، وأن القضايا السياسية لم تلعب دورًا في هذا النجاح.

"في ظل السرو" هو نتيجة من تجارب الفشل والنجاح

فيلم "في ظل السرو" هو نتيجة لتوجه عام؛ توجه يواصل التحسن في مجال الرسوم المتحركة خلال السنوات القليلة الماضية، حيث أظهرت بعض الأعمال التجارية مثل "الصبي الدلفيني" و "الطفل الذكي" مبيعات بملايين الدولارات في الخارج، بينما فاز أعمال أقل تكلفة مثل "في ظل السرو" بجائزة الأوسكار. في وقت يبدو أن الشركات الكبرى في كاليفورنيا ليس لديها اكتشافات تقنية جديدة وتكرر نفسها، يتشكل نوع جديد من السينما في مجال الرسوم المتحركة، الذي يهزم الأمريكيين تجاريًا وتقنيًا. أفلام مثل "جريان" (Flow) و"في ظل السرو" حققت فشلًا تقنيًا للرسوم المتحركة الأمريكية، كما أن الفيلم الصيني "نيجا2" حقق أرقامًا مذهلة وسجل أرقامًا قياسية تجارية لصناعة الرسوم المتحركة.

من الناحية التقنية، استخدم فيلم "في ظل السرو" أحد أصعب التقنيات في صناعة الرسوم المتحركة، حيث تم استخدام تقنية الرسم ثنائي الأبعاد وتوليد الصور فريمًا فريمًا، ليخلق فيلمًا مميزًا مدته 20 دقيقة. هذا يعني أن كل دقيقة من هذا الفيلم استغرق إنتاجها حوالي 157,680 دقيقة. ومع ذلك، قال فريق إنتاج "في ظل السرو" في شكوى أن الإنتاج كان يجب أن يستغرق أقل من 4 سنوات، ولكن بسبب التضخم والتنسيق غير الجيد، استغرق العمل سنتين إضافيتين.

الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد في إيران أصبحت ناضجة منذ سنوات

لقد شهدت صناعة الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد في إيران نضوجًا ملحوظًا على مر السنين، حيث تم تدريب فرق متخصصة في استوديوهات الرسوم المتحركة المختلفة. ومع ذلك، لا يزال تطور الرسوم المتحركة ثنائية الأبعاد في إيران يسير بوتيرة بطيئة. في مهرجان فجر لهذا العام، كان فيلم "جولييت والملك" هو العمل الوحيد في فئة الرسوم المتحركة ثنائية الأبعاد، وهو فيلم استغرق نحو ست سنوات لإتمامه. في حين أن السينما العالمية قد عادت إلى استخدام تقنيات ثنائية الأبعاد، حتى في الأعمال ثلاثية الأبعاد.

المستقبل المشرق لصناعة الرسوم المتحركة الإيرانية

على الرغم من التحديات، أصبح يُنظر الآن إلى الرسوم المتحركة الإيرانية بجدية على الساحة الدولية، خاصة بعد فوز فيلم "في ظل السرو" بجائزة الأوسكار. يمكن القول اليوم إن إيران أصبحت واحدة من اللاعبين الرئيسيين في صناعة الرسوم المتحركة العالمية، قادرة على منافسة الأفلام الأمريكية ذات الميزانيات العالية والاستوديوهات الأوروبية الكبرى. ومع ذلك، لا يزال من الضروري أن تقدم الحكومة والمجتمع الصناعي الدعم اللازم لهؤلاء الفنانين، والمساهمة في تسريع إنتاج المزيد من الأعمال ذات الجودة العالية.

/انتهى/