ففي ايران تجاوزت نسبة المشاركة اكثر من سبعين بالمائة من عدد الافراد الذين تتوفر لديهم شروط الانتخاب من اجمالي عدد السكان البالغ تعداهم قرابة السبعة واربعين مليون نسمة بينما بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات العراقية ستين بالمائة.
وبما ان الانتخابات في العالم تعتبر عملية روتينية لكن اجراء انتخابات حرة ونزيهة في هذين البلدين بعيدا عن سيف ديموكليس الانظمة المتسلطة قد تحدث هزات في المنطقة.
فالانتخابات الرئاسية الايرانية اذهلت المحللين السياسيين على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ورغم كثافة الدعايات الاعلامية الغربية والامريكية والعربية التي حرضت الايرانيين على مقاطعة الانتخابات , الا ان الشعب الايراني اثبت من خلال حضوره الحماسي عند صناديق الاقتراع تضامنه ووحدته الوطنية في مواجهة القوى المعادية لايران.
وهذا الحضور الجماهيري كانت له رسالة خاصة الا وهي الحفاظ على الوحدة الوطنية من اجل الدفاع عن اهداف الثورة ومواجهة التهديدات الاجنبية.
فالشعب الايراني دافع بصلابة عن ثورته وعلى مدى ثمانية اعوام من الحرب العدوانية التي شنها النظام الصدامي ضد ايران وقدم آلاف الشهداء , وحقق انتصارات كاسحة.
واليوم وبعد مرور ستة عشر عاما على نهاية الحرب الصدامية فان الشعب الايراني واجه حربا شعواء شنتها اجهزة الدعاية الامريكية والغربية ضد ثورته , تبدو اخطر بكثير من الحرب العسكرية لان العدو يستخدم فيها وسائل معقدة ويسخر اجهزة اعلامه المرئية والمقروءة والمكتوبة للنيل من الاهداف السامية للثورة الاسلامية.
فالتصريحات الاخيرة للرئيس الامريكي جورج بوش والناطق باسم خارجيته ريتشارد باول ووصفهما للانتخابات الايرانية بانها غير ديمقراطية, تعتبر مثالا بارزا على تدخل حكام البيت الابيض في الشؤون الداخلية لبلد مستقل كايران.
فالادعاءات الاخيرة للمسؤولين الامريكيين تستهدف الاساءة الى الشعب الايراني , والا فان مسالة الانتخابات تعتبر شانا داخليا صرفا , كما ان ايران تعتبر ضمن مجموعة الدول المتقدمة في العالم في مجال الديمقراطية والسيادة الشعبية بدون اية مبالغة.
ومن الطبيعي فان الشعب الايراني وبالاخص الجيل الثالث للثورة الذي يتمتع بقدرة تحليلة عالية لا يطيق مثل هذه التدخلات الصلفة , وقد رد على بوش وباوجر ردا حاسما في انتخابات السابع عشر من يونيو/حزيران.
ان هذا الحضور الشعبي في الانتخابات يحمل مفهوما عميقا وهو ان الشعب الايراني بالرغم من تنوع قومياته واختلاف وجهات نظره حول القضايا السياسية الا انه متفق حول قضية واحدة وهي الدفاع عن منجزات الثورة والحفاظ على نظام الجمهورية الاسلامية.
والمثال الواضح لذلك هو المشاركة الحماسية لاهالي محافظة خوزستان البطلة في الانتخابات الرئاسية , فاستنادا الى التقارير الاولية فان نسبة مشاركة سكان محافظة خوزستان تجاوزت الثمانين بالمائة بالرغم من الحملة الدعائية الواسعة التي شنتها وسائل الاعلام الغربية والعربية وتهديدات القوى المعادية للثورة بمقاطعة الانتخابات.
وعلى الصعيد الداخلي فان النتائج الاولية لهذه الانتخابات بينت ان ايا من استطلاعات الراي التي اجريت خلال الاشهر الماضية لا تتطابق مع حقائق وتوجهات الشعب الايراني , فالايرانيون ومن خلال انتخابهم المرشح المفضل اثبتوا انهم سئموا من النزاعات الحزبية والفئوية , ويريدون حياة هادئة بعيدا عن الجدل السياسي والمنازعات الحزبية.
ان الفائز بالانتخابات الرئاسية ايا كان يجب ان يدرك المفهوم العميق لهذه الرسالة , وان يوجه برامجه المستقبلية للبلاد بحيث يعزز من مكانة ايران سواء على الصعيد الداخلي او الدولي.
وعلى اي حال فان انتخابات السابع عشر من يونيو / حزيران تعتبر منعطفا في تاريخ ايران لان الحضور الحماسي للشعب والمشاركة الوطنية لتقرير المصير كانت اشبه بالمعجزة.
هذه الانتخابات يجب ان تكون عبرة للبيت الابيض والغرب حتى يتجنبوا اطلاق الاحكام المسبقة حول الشعب الايراني , وعليهم ان يعرفوا ان الايرانيين اناس صنعوا المعجزات على مدى التاريخ , ولا تستطيع اية قوة وتحت اي ظرف كان ان تنال من وحدة الشعب الايراني وتضامنه الوطني.
لقد كانت انتخابات الجمعة الماضية معجزة سياسية ادهشت جميع المحللين والمراقبين في الداخل والخارج لان هذه المشاركة الاستثنائية قد عززت مشروعية نظام الجمهورية الاسلامية في العالم , ووطدت الامن الوطني في ايران وبرهنت على ان جميع التحليلات بشان الشعب الايراني كانت خاطئة تماما./انتهى/
حسن هاني زاده - خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء