بدأت يوم الخميس الماضي عملية تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية المصرية المقرر اجراؤها في اكتوبر القادم.

ويعتبر الرئيس المصري الحالي حسني مبارك الذي تولى منصبه منذ عام 1981 عقب اغتيال السادات ابرز المرشحين في هذه الدورة الانتخابية.
وقد قدم لحد الآن 15 شخصية سياسية وحزبية ترشيحاتهم الى اللجنة الخاصة بدراسة اهلية مرشحي الانتخابات الرئاسية , من ضمنهم رئيس حزب الغد ايمن نور الذي يعد اقوى مرشح منافس للرئيس المصري حسني مبارك.
ومصر التي تعتبر من اكبر البلدان العربية لعبت دورا مهما وحساسا في قضايا الشرق الاوسط والعالم العربي على مدى الخمسين عاما الماضية.
فقد سعت مصر منذ الاطاحة بالنظام الملكي في عام 1952 الى زعامة العالم العربي عن طريق نشر الافكار القومية العربية.
ولم تتراجع شعبية الزعماء المصريين بعد هزيمة مصر في حرب حزيران / يونيو 1967 بل بالعكس زادت من مشاعر القومية العربية.
وبعد وفاة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في عام 1970 والتوقيع على اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني في عام 1978 من قبل الرئيس السابق انور السادات , تعرضت مصر الى عزلة سياسية.
وبالرغم من المكانة المرموقة لمصر في العالمين الاسلامي والعربي على مدى القرون الخمسة المنصرمة , الا انها مع الاسف لم تتحرك باتجاه الديمقراطية الحقيقية ومازالت الاحكام العرفية تحكمها منذ اكثر من اربعة وعشرين عاما والتي فرضت آنذاك بسبب اغتيال انور السادات.
فالفعاليات الحزبية في مصر مازالت تحت سيطرة الحكومة وخاصة الحزب الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه حسني مبارك , مما ادى الى هروب الادمغة وتشكيل نظام حكومي مكون من التكنوقراطيين المرتبطين بالحزب الحاكم , مما زاد من عزلة مصر اكثر من السابق.
واهم تنظيم معارض للحكومة المصرية هو تنظيم جماعة الاخوان المسلمين الذي بدأ نشاطه رسميا عام الف وتسعمائة واربعة وعشرين , ولكنه قمع بشدة في عهد الرئيس الاسبق جمال عبد الناصر الذي اعدم بعض زعماء الاخوان المسلمين.
وادت الممارسات العنيفة للحكومات المصرية المتعاقبة ضد الاحزاب والجماعات السياسية الى نشوء نوع من العنف المتبادل  , وشهدت مصر خلال الاعوام الخمسة والثلاثين الماضية اعمال عنف مارستها الحكومة والجماعات السياسية المسلحة بسبب التناقض الموجود بين المجتمع والنظام الحاكم.
وقد خلفت هذه النزاعات المسلحة آلاف القتلى بين الطرفين بحيث مازالت تداعياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية يتحسسها المجتمع المصري لحد الآن.
ومن هذا المنطلق يتوقع ان يعمل حسني مبارك على ايجاد مناخ سياسي مفتوح في مصر في اطار التطورات السياسية العالمية والتوجه نحو الديمقراطية.
ومصرالتي يبدواصابتها لعنة الفراعنة تعاني من احتقان سياسي وهي على اعتاب الانتخابات الرئاسية الجديدة , وبالتاكيد فان هذه الانتخابات ستدفع مصر ذات السبعين مليون نسمة الى مفترق طريقين فاما الديمقراطية او مستقبل مجهول ومليء بالتوترات السياسية.
واذا ما جرت في مصر انتخابات حرة ومفتوحة لجميع الاطراف فان من المؤكد ان الاحزاب السياسية سواء المعارضة او المؤيدة ستلعب دورا اكثر فاعلية في الحياة السياسية المصرية.
ولكن اذا ما ادت هذه الانتخابات الى اعادة انتخاب حسني مبارك (ثمانية وسبعون عاما) لولاية خامسة , فان الاجواء السياسية بمصر ستتوتر وستؤدي بالتالي الى عزل مصر سياسيا ولن تتمكن من اداء دورها القيادي بشكل جيد في العالم العربي.
ومن الطبيعي فان مستقبل مصر هو في اطار التعاون والتعامل بين الحكومة والاحزاب السياسية , واذا ما وفرت الحكومة الارضية المناسبة لنشاط جميع الاحزاب والجماعات السياسية فان مصر ستخرج من مرحلة الاحتقان السياسي وتتحول الى انموذج لجميع الانظمة السياسية العربية./انتهى/  
    حسن هاني زاده - خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء