من المقرر ان يصل الرئيس السوري بشار الاسد غدا الاحد الى طهران في زيارة رسمية للجمهورية الاسلامية الايرانية.

وسيبحث الرئيس السوري خلال هذه الزيارة مع المسؤولين الايرانيين اوجه التعاون المشترك بين طهران ودمشق في مختلق المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
وخلال الخمس وعشرين عاما الماضية واجه كلا البلدين ايران وسوريا هجمة اعلامية الامريكية شرسة بسبب مواقفهما المبدئية ضد الكيان الصهيوني ومقاومتهما للتغلغل الصهيوني في المنطقة.
فسوريا التي تقع في قلب منطقة الشرق الاوسط المتازمة , لعبت دورا فعالا للغاية في قضايا المنطقة المهمة منذ استلام الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد مقاليد الحكم في عام 1970.
كما ان حضور سوريا الفعال في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وحركة عدم الانحياز كان له تاثير كبير في اتخاذ القرارات الاقليمية والدولية الهامة.
وقد سعى المرحوم حافظ الاسد باعتباره شخصية عملية وواقعية في العالم العربي طوال فترة حكمه خلال ثلاثين عاما الى تصحيح مواقف الدول العربية تجاه الثورة الاسلامية في ايران.
فقد اتخذت العديد من الدول العربية في المنطقة بعد انتصار الثورة الاسلامية مواقف عدائية ضد الثورة الاسلامية , ولكن المرحوم حافظ الاسد كان يصف دوما الجمهورية الاسلامية الايرانية بانها عمق استراتيجي للعالم العربي.
وقد اعلن الرئيس السوري الفقيد معارضته للعدوان الذي شنه نظام صدام على الجمهورية الاسلامية الايرانية بالرغم من وجود المشتركات الحزبية بين بغداد ودمشق, وقطعت العلاقات بين سوريا والعراق ابان فترة حكم الدكتاتور العراقي المخلوع.
وعلى صعيد القضايا الاقليمية اتخذ الرئيس السوري الراحل موقف حذرا حيال الدخول في مفاوضات مع الكيان الصهيوني بصورة منفردة لانه كان يعتقد ان الدول العربية اذا تفاوضت مع الكيان الصهيوني بشكل جماعي فانها تستطيع ان تدافع عن مواقفها بقوة.
وللاسف منذ عام 1991 عندما انعقد مؤتمر مدريد بمشاركة الدول العربية والكيان الصهيوني , فان الدول العربية دخلت المفاوضات بشكل منفرد والتي ادت بالتالي الى التوقيع على اتفاقية اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني والتي ادت الى تضييع حقوق الشعب الفلسطيني.
وبعد وفاة المرحوم حافظ الاسد واصل نجله بشار الاسد سياسة والده المبدئية ونجح في الحفاظ على مكانة سوريا في المنطقة.
وقد حاول الغرب بزعامة امريكا فرض عزلة سياسية على سوريا بواسطة الصاق محتلف انواع التهم بها بسبب رفض بشار الاسد التسوية مع الكيان الصهيوني.
ومارست امريكا والاتحاد الاوروبي وفرنسا تحديدا ضغوطا على مجلس الامن الدولي من اجل اصدار القرار 1559 القاضي بضرورة خروج القوات السورية من الارضي اللبنانية.
وكان الهدف من استصدار هذا القرار في الحقيقة هو اضعاف محو المقاومة بين طهران ودمشق وبيروت تمهيدا لاعادة النفوذ الصهيوني مجددا الى المنطقة.
ولم تؤد هذه المحاولات المحمومة والضغوطات المتزايدة الى تفكيك محور طهران ودمشق وبيروت وانما زادت من التنسيق بين الدول الثلاث.
وفي كل الاحوال فان زيارة الرئيس السوري الى طهران ستسفر عن معطيات هامة سواء على الصعيد السياسي او الاقتصادي بالنسبة لكل من ايران وسوريا ولبنان لان هذه الدول الثلاث بحاجة الى مزيد من التعاون فيما بينها في ضوء الاوضاع الراهنة الاقليمية والعالمية.
فالقضية العراقية والتهديدات الصهيونية ضد المنطقة ولبنان ستكون في صلب المحادثات بين الرئيسين الايراني محمود احمدي نجاد والسوري بشار الاسد , ويتعين على البلدين الاستفادة من القضية العراقية كنقطة قوة لمواصلة التعاون الاقليمي.
    حسن هاني زاده – خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء