واخيرا وبعد مضي اربعة اشهر قدم ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري تقريره الى امين عام الامم المتحدة كوفي عنان .

وقد اتهم ميليس في تقريره المكون من 53 صفحة عددا من المسؤولين السوريين واللبنانيين بالضلوع في حادثة اغتيال الحريري في 14 شباط / فبراير الماضي.
ووصفت الحكومة السورية هذا التقرير بانه مسيس وغير محايد وطالبت بمواصلة التحقيق حول ملابسات اغتيال الحريري.
وبالرغم من ان تقرير ميليس اعد على اساس مجموعة من الافكار غير الحقيقية ولكن يبدو انه تم الاخذ بنظر الاعتبار بالجوانب السياسية  على حساب بقية الجوانب.
تجدر الاشارة الى ان رفيق الحريري كان شخصية معروفة تحظى باحترام الاسرة الدولية ولكن تدخل امريكا وفرنسا والامم المتحدة في تشكيل لجنة التقصي عن الحقائق امر ملفت للانتباه.
فالمعروف ان شخصيات سياسية عديدة في العالم اغتيلت خلال مراحل مختلفة الا ان الامم المتحدة والمجتمع الدولي لم يقم اي منهما بتشكيل لجنة للتحقيق في هذه الاغتيالات.
ان الاهتمام المتزايد بقضية اغتيال رفيق الحريري  يدل على وجود مخطط دولي قيد التنفيذ لمحاصرة سوريا سياسيا وتفكيك محورطهران - دمشق - بيروت.
والسبب في ذلك يعود الى ان سوريا هي المتضرر الاكبر من باقي البلدان من حادثة اغتيال الحريري رئيس وزراء لبنان الاسبق , لان الحريري كان من الشخصيات اللبنانية الحليفة لسوريا والتي تثق به ولا يوجد دليل على ان جريمة الاغتيال قامت بها سوريا.
وللاسف فان تقرير مليس استند الى عدة مسائل ثانوية مثل مكالمة هاتفية بين احد مسؤولي جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية مع الرئيس اللبناني اميل لحود قبيل حادثة اغتيال الحريري واحتمال مشاركة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة التي يتزعمها احمد جبريل في التعرف على مسار تنقلات رئيس وزراء لبنان الاسبق.
ان كتابة تقرير ميليس بهذه الطريقة يفقد قيمته القانونية من ناحية الحقوق الدولية لانه بدون القبض على المتهمين وتسجيل اعترافاتهم وتقديمهم رسميا في محكمة محلية او دولية لايمكن توجيه الاتهامات الى الآخرين على سلسة من الفرضيات.
والمسالة الاخرى التي تثير الشكوك حول تقرير ميليس هو هل تستطيع الامم المتحدة التحقيق في الاغتيالات السياسية التي حدثت في دول مستقلة تملك قضاء مستقلا , واذا كان كذلك فاي  من بنود ميثاق الامم المتحدة تاسست على ضوئه لجنة ميليس للتحقيق.
واذا كانت المنظمة الدولية لديها هذه الامكانية فلماذا لم تشكل لجان للتحقيق في قضايا قتل الرئيس المصري السابق انور السادت المشبوهة وكذلك اغتيال اولاف بالمه رئيس وزراء السويد الاسبق وسيد عباس الموسوي الامين العام السابق لحزب الله والرئيسين اللبنانيين السابقين بشير الجميل ورينيه معوض؟
ومن هذا المنطلق وبالتاكيد على انزال اقصى العقوبات بالجناة الذين ارتكبوا جريمة اغتيال الحريري , الا ان التحقيقات حول ملابسات جريمة الاغتيال يجب ان لا تتحول الى اداة لممارسة الضغوط وتصفية الحسابات مع بعض الدول المعارضة للسياسة الامريكية.
ومن المؤكد ان تقرير ميليس الى الامم المتحدة سيمهد الارضية لاصدار قرار ضد سوريا وتحريك القوى المعارضة للرئيس اللبناني اميل لحود , وهذا الامر لن يساهم في حل ازمة المنطقة وانما سيفسح المجال امام الكيان الصهيوني لممارسة الضغوط السياسية والدعائية ضد الدول المستقلة بالمنطقة.
وفي الوقت الحاضر فان اسرائيل هي من اكثر الانظمة في العالم اعربت عن ارتياحها لتقرير ميليس لان فرض العزلة السياسية على سوريا سيصب بمصلحة اسرائيل , وهذا الامر لن يساعد في استتباب الامن والاستقرار في المنطقة خاصة وان دول المنطقة بحاجة الى التعاون والتعامل اكثر من اي وقت مضى./انتهى/
       حسن هاني زاده - خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء