تاريخ النشر: ١٤ ديسمبر ٢٠٠٥ - ١٦:١٨

عملية الاغتيال المروعة التي اودت بحياة جبران تويني عضو مجلس النواب ورئيس تحرير صحيفة النهار الواسعة الانتشار تعتبر احدى الحوادث الاليمة التي تركت اثرا سلبا علي اوضاع لبنان في هذا الظرف الدقيق .

فالازمة السياسية اللبنانية التي حدثت بعد اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الاسبق في فبراير العام الجاري هي جزء من سيناريو خطير دبرته امريكا والكيان الصهيوني بصورة مشتركة لاثارة الازمات المصطنعة في منطقة الشرق الاوسط.
كما ان تبني مجلس الامن الدولي للقرار رقم الف وخمسمائة وتسعة وخمسين والتي اضطرت من خلاله سوريا الى سحب قواتها من الاراضي اللبنانية الامر الذي ترك فراغا امنيا في لبنان.
فمجلس الامن الدولي وكذلك امريكا والاتحاد الاوروبي لم ياخذوا بنظر الاعتبار المخاطر التي تهدد لبنان ولم يقدموا آليات تضمن الامن في هذا البلد في مواجهة التهديدات الاسرائيلية ضد دول المنطقة وخاصة لبنان.
ومن الواضح ان الهدف من المصادقة على القرار الف وخمسمائة وتسعة وخمسين هو اخراج القوات السورية من لبنان ونزع سلاح المقاومة اللبنانية وهو ما يخدم الكيان الصهيوني لانه سيمهد الارضية لعوده مرتزقة هذا الكيان الى الساحة السياسية اللبنانية.
فالانتخابات البرلمانية في لبنان والفوز غير المتوقع لبعض الرموز السياسية المنبوذة هو دليل بارز على محاولات امريكا والغرب لدفع لبنان باتحاد ازمة داخلية جديدة.
وبعد العملية الاجرامية في اغتيال رفيق الحريري صدر القرار الف وستمائة وست وثلاثين الرامي الي تشكيل لجنة تحقيق دولية برئاسة ديتليف ميليس تحت اشراف امين عام الامم المتحدة وهو ما اعطى الازمة اللبنانية بعدا دوليا , حيث وجه ميليس اتهامات الى سوريا دون الاخذ بالحسبان الظروف الحساسة والهشة في لبنان.
وبالرغم من ان ملف اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق مازال يكتنفه الغموض من الناحية القضائية ولكن من الواضح ان هناك محاولات لتسييس ملف اغتيال رفيق الحريري.
وفي هذه الاثناء فان الكيان الصهيوني استغل المناخ السياسي في لبنان وقام بالتخطيط لسلسلة عمليات اغتيال استهدفت شخصيات سياسية واعلامية لبنانية من بينها الصحفي "سمير قصير" والسياسي "جورج حاوي" ومحاوله اغتيال الاعلامية "مي شدياق" لاثارة اجواء من سوء الظن ضد سوريا.
يذكر ان انه جرت في السبعينات من القرن الماضي سلسلة عمليات اغتيال مماثلة نفذها جهاز المخابرات الاسرائيلي "الموساد" ضد شخصيات لبنانية وفلسطينية ادت الى مصرع العديد من الزعماء السياسيين والحزبيين.
فالمعلومات المتوفرة تشير الى ان الموساد له خبرة واسعة في التخطيط لهذا النوع من عمليات الاغتيال بدون ان يترك اي اثر على تورطه فيها.
والسؤال المطروح حاليا ما هو هدف اسرائيل من اغتيال الشخصيات اللبنانية وماهي الخطوة الاخرى التي ستقدم عليها؟.
انه من المؤكد ان الهدف الاول هو تشديد سوء الظن تجاه المقاومة اللبنانية وسوريا لتتمكن من خلالها قطع اية صلة سياسية ومعنوية بين دمشق بيروت.
والخطوة التالية للكيان الصهيوني هو محاولته لنزع سلاح المقاومة الاسلامية في لبنان لان اسرائيل ارغمت في عام 2000 على سحب قواتها من جنوب لبنان نتيجة الضربات العسكرية التي وجهتها المقاومة الاسلامية , وتعتزم في هذه المرحلة التواجد على الساحة السياسية في لبنان عن طريق احزابها العميلة.
ومما لا شك فيه فان عمليات اغتيال الشخصيات السياسية والمؤثرة في لبنان ستتواصل في المستقبل وهذه الاغتيالات لاتستهدف مجموعة او فئة معينه بحد ذاتها , لانه لا فرق بالنسبة للكيان الصهيوني بين مسيحي ومسلم او شيعي وسني وانما غايتها زعزعة استقرار لبنان.
ان الوسيلة التي تخرج لبنان في هذه المرحلة العصيبة والخطيرة من مازقه الحالي هو يقظة واتحاد جميع القوى السياسية اللبنانية , اذ ان اي اختلاف وفرقة سيؤدي الى اعادة التواجد العسكري والنفوذ السياسي الصهيوني في لبنان , وهذا السيناريو هو ما يحاول تنفيذه قادة الكيان الصهيوني./انتهى/
    حسن هاني زاده – خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء