وفيما يلي نص رسالة الحص حسبما نقلتها وكالة مهر للانباء عن موقع انباء الاخباري : "ذاعت البشرى إلى اللبنانيين : وزراء الخارجية العرب قادمون إلى لبنان . أهلاً وسهلاً بكم سياحاً . الحرب قضت على موسم الاصطياف الواعد . وبوجودكم معنا سنشعر ببعض التعويض يصلنا . ولكن ، عفواً . لن يتسنى لنا أن نعرض أمامكم اللوحات الطبيعية الخلابة ، فلم يعد عندنا أحراج من الصنوبر تمتعون النظر بها ، ولا جبال خضراء ولا وديان غنّاء ولا شلالات تشنّف الآذان وتدغدغ الأبصار ، ولا عصافير تزقزق على الأغصان ولا شاطئ تداعبه رقرقة المياه وتشع الشمس عليه بنورها الوهّاج . لم يعد عندنا إلا حرائق وخرائب . سوف نصطحبكم إلى ضاحية بيروت الجنوبية ، إلى صيدا ، إلى صور ، إلى القاع ، إلى بعلبك ، إلى قانا ، إلى جبيل ، حيث تقفون على أطلال الجسور المدمّرة ، على ركام المباني السكنية المهدّمة على رؤوس قاطنيها ، على المستشفيات المحطمة ، على حطام المرافق والطرقات وسائر مرافق البنى التحتية. وسوف نتجول معكم في مراكز النازحين : في المباني المهجورة ، في مباني المدارس الرسمية والخاصة ، في العراء ، في الحدائق العامة . وستجدون النازح الأبي الصامد يتطلع إلى من يهديه ويهدي أطفاله جرعة ماء ووجبة طعام ويزوّد الشيوخ والعجزة بعقاقير الأمراض المزمنة . بعد هذه الجولة على مسرح المآسي والفواجع ستجتمعون ، وتتبادلون الانطباعات والآراء ، وقد نلحظ في عيون بعضكم دمعة تترقرق ، أو غصة في حلق بعضكم تخنق كلمة حق ، وذهولاً يخيم على وجوه بعضكم وراءه تساؤل المفجوع : كيف يمكن أن يكون ما كان من جلد للإنسان والإنسانية في لبنان تحت سمع الدولة العظمى وبصرها وهي التي تتشدّق بالقيم الحضارية والإنسانية وتتغنّى بالحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان. وهي ، أي الدولة العظمى ، تتحكم بالقرار العربي والدولي . فلا تسمح على المستوى الدولي بصدور قرار بوقف النار كي تستمر المجزرة الرهيبة ، ولا تسمح للدول العربية بعقد قمة توحد موقف الأمة وتضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ قرار يُنقذ الإنسان في لبنان ويمنح الطفل في بلدنا الصغير فرصة العيش الكريم الحرّ ، لا بل فرصة الحياة ، أو حتى فرصة البقاء .
إننا إذ نرحب بوزراء الخارجية العرب ، وهم أشقاؤنا وأحباؤنا ، لا نراهن على نتائج أو قرارات حاسمة تصدر عنهم ، لأننا ندرك سلفاً أنه غير مسموح لهم بذلك . وأخشى ما نخشاه أن يُوظف اجتماعهم في بيروت لإضفاء التغطية أو الشرعية العربية على قرارات تُطبخ في الكواليس الدولية برعاية أميركية أو بالأحرى بإملاء من الدولة العظمى . ونرجو أن يكون إلمامكم علينا غداة زيارة الأمين العام المساعد لوزارة الخارجية الأميركية دايفيد ولش مجرد صدفة .
إننا نريد من أشقائنا العرب أن يعلموا أن باستطاعتهم التخلي عنّا في محنتنا ، فلا حول لنا ولا قوة في ذلك ، ولكنهم لا يستطيعون أن يفرضوا علينا ما لا نشاء لأنفسنا في شأن مصيري . إننا نصرّ على وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار ، كما نصرّ على تحرير مزارع شبعا وتبادل الأسرى وضمانات مقنعه تحول دون مواصلة العدو الصهيوني اعتداءاته علينا براً وجواً وبحراً كما كان قبل الحرب . أما القوة الدولية ، وهي محور الكثير من المناقشات حالياً ، فسوف نحدد موقفنا منها عندما نطّلع على معطياتها : المهام المنوطة بها وتكوين القوة وحجمها وانتشارها وإمرتها . ونحن نصرّ على انتشارها على جانبي الحدود . فهي يجب أن تكون لحمايتنا من إسرائيل وليس لحماية إسرائيل منّا . وذلك خلافاً لما يدور في خلد محتكري القرار الدولي . على الرغم من تخلي السلطات العربية الرسمية عنا في محنتنا فإننا لن نتخلّى عن رهاننا على الأخوّة العربية . ونحن نرى عيّنات من أصدق المشاعر الأخوية تجاهنا في الشارع العربي ، تُطلق من حناجر المواطنين العرب الطيبين ، لا بل من قلوبهم . واعلموا يا أصحاب المعالي أنكم مستهدفون مباشرة بما يتعرض له لبنان من مشاريع فتن وتفتيت .
إن ما ينفذ في لبنان هو حلقة من سلسلة شملت فلسطين والعراق ، ولسوف تشمل كل قطر من أقطاركم ما لم تتداركوا الأمر انطلاقاً من بلدنا لبنان . لكم منا أخلص التحيات والتمنيات ، وفقكم الله إلى ما فيه خير الأمة"./انتهى/
تاريخ النشر: ٥ أغسطس ٢٠٠٦ - ١٧:١٠
وجه رئيس الوزراء اللبناني الاسبق سليم الحص كتابا مفتوحا إلى وزراء الخارجية العرب دعاهم فيها الى العمل الى حماية لبنان من اسرائيل وليس العكس.