بدأت اميركا تتجه نحو استخدام لغة التهديد ضد جيران العراق اذ ان خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش الاخير يوحي بان القوات الاميركية اصبحت في مأزق حقيقي ولذلك حاول بوش ان يجد مبررا لفشله الذريع بالسيطرة على الوضع الامني المتردي في العراق.

واسباب فشل الادارة الاميركية وقواتها في العراق يوعز الى عدم معرفة اميركا بمجريات الاحداث في المنطقة والعراق بالتحديد.
فحينما احتلت القوات الاميركية العراق واسقطت الديكتاتور من خلال انتصار سهل تخيلت انها تستطيع ان تتحكم بالعراق دون اي رادع لكن الحظ لم يحالفها اذ ان هذه القوات لم تكن لديها استراتيجية واضحة في العراق.
فباتت الادارة الاميركية تتخبط في اتخاذ القرارات المناسبة تارة وتتهم دول الجوار بمساعدة الارهابيين تارة اخرى لكن الحقيقة ان بوصلة الادارة الامريكية معطوبة كليا ولا يمكنها ان ترسم الطريق الصحيح لقادة البيت الابيض.
وفي ضوء الاخطاء القاتلة التي ارتكبتها القيادة السياسية والعسكرية الاميركية في العراق تمكن الارهابيون العرب من التسلل الى كل مناطق العراق حيث كان قرار الحاكم المدني الاميركي بول بريمر بتجميد عملية اجتثاث البعث قد اتاح فرصة للبعثيين بالتقاط انفاسهم واعداد خطة مروعة لتشكيل حلف مع ارهابيي العرب لزعزعة الاستقرار في العراق.
وركزت الادارة الاميركية اهتمامها على ضبط الحدود العراقية المتاخمة لايران في حين ان الارهابيين العرب يتغلغلون في العراق عبر حدود السعودية والاردن وهذه من اهم الاخطاء التي ارتكبتها اميركا.
ورغم ان بوش اعترف خلال خطابه بالاخطاء التي ارتكبها الا انه ارتكب خطأ آخر وهو توجيه تهديدات ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية ، الرقم الاصعب في المعادلات السياسية الاقليمية والدولية.
وحشد بوش ووزير دفاعه غيتس اسطولهما البحري في الخليج الفارسي لتخويف الشعب الايراني لكن هذا القرار يعد من اكبر الاخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة عبر التاريخ.
لماذا ؟ لان ايران تختلف حاليا مع ايران في عقد الثمانينات من القرن الماضي حيث انها اصبحت قوة اقليمية لا يمكن تجاهلها في اي قرار اقليمي او دولي لانها هي التي تتمسك في الوقت الراهن بخيوط تحريك الاجندة السياسية اللازمة في المنطقة.
وايران اصبحت قوة عسكرية ضاربة ولها امتدادات عقائدية تبدأ من الشرق الاوسط الى جنوب شرق آسيا وحتى غرب افريقيا وقد وضعت كل الاحتمالات في الحسبان.
وفي ضوء هذه المتغيرات والمستجدات يجب على الادارة الاميركية ان تعيد سياساتها في المنطقة والعراق وتتخذ الدروس والعبر من اخطائها الماضية وتعيد المياه الى مجاريها الطبيعية.
فاول قرار يمكن ان تتخذه اميركا هو ان تعي بان الشيعة في الشرق الاوسط هم الاغلبية واستنادا الى ذلك لا يمكن تجاهلهم ولا تهميش دورهم حتى وان كانت العروش من نصيب الاقلية السنية في المنطقة.
والثاني ان الارهاب نشأ اصلا في بيئة خصبة يستمد جذوره من ينابيع التعليم الديني المبني على العصبية العربية الجاهلية ولا يمكن اجتثاث هذه النبتة الخبيثة الا من خلال الاستعانة بالاغلبية الشيعية المتنورة والاصلاحية الموجودة في المنطقة.
والثالث ان الحل الامثل للسيطرة على الارهاب تطبيق النظام الفيدرالي في العراق الذي يعطي الصلاحيات اللازمة لكل مكونات الشعب العراقي ان يأخذ حقوقه المشروعة وفق التركيبة الديموغرافية.
والرابع ان على اميركا شاءت ام ابت ان تقيم حوارا مع دول الجوار وان تستعين بهذه الدول لاحلال الامن في العراق وفق نفوذها السياسي والديني في هذا البلد وفي غير تلك الحالة ستكون استراتيجية بوش الجديدة محكومة بالفشل والتهديدات التي يطلقها قادة اميركا ضد ايران ستكون زوبعة في فنجان لان الادارة الاميركية لا يمكنها الخلاص من ورطة العراق من خلال التلويح بشن هجوم على ايران.
    حسن هاني زاده –  خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء