حيث بدأت كنائب لمسؤول العقيدة والثقافة في الحركة ، ثم أصبحت مسؤول العقيدة والثقافة في الحركة ، لكن مع اختفاء الإمام السيد موسى الصدر ، تركت الحركة واستمريت بالنشاطات الثقافية الأخرى من خلال اللجان الإسلامية التي عملت معها إلى أن جاءت فترة تكوين الحزب سنة 1982 ، حيث تخلَّى الجميع عن الأطر التي كانت لديهم ، ودخلنا في حزب الله كإطار جامع ، ومن وقتها أمارس هذا الدور في الحزب ، وكنت من الأشخاص الذين ساهموا في تأسيس الحزب وتدرجت في عدة مواقع ، حيث لم أكن في المرحلة الأولى في أول شورى شُكّلت ولم أكن عضواً فيها , ولكن كنت عضواً في الشورى الثانية ، ثم في سنة 1990 تقريباً أصبحت رئيساً للمجلس التنفيذي بعد أن كنت نائباً لرئيسه ، وابتداء من سنة 1991 مع وجود سماحة السيد عباس الموسوي (رض) أصبحت نائباً للأمين العام ، ولكن لم يمكث سماحته في الأمانة العامة إلاَّ بضعة أشهر حيث استشهد بعد ذلك , فجاء سماحة السيد حسن نصرالله في شباط 1992 ، وإلى جانب كوني نائباً للأمين العام للحزب تسلمت مسؤولية العمل النيابي والعمل الحكومي ، بحيث أشرف على الأخوة النواب وأتابع إدارة شؤونهم ، وكذلك لجنة العمل الحكومي التي تتابع شؤون الوزارات المختلفة.
وتابع الشيخ نعيم قاسم قائلا : توجد مدارس علمية في لبنان، وأنا في البداية درست بطريقتين: درستُ في المعهد الشرعي الإسلامي الذي كان يشرف عليه سماحة السيد محمد حسين فضل الله وكان فيه عدد من العلماء القديرين ، وفي مرحلة أخرى درست عند بعض الشخصيات العلمائية عند سماحة الشيخ أسعد فنيش والشيخ محسن عطوي والسيد علي الأمين والشيخ حسن طراد والسيد عباس الموسوي ، وفي بحث الخارج درست فترة طويلة عند سماحة السيد محمد حسين فضل الله.
وحول الشخصيات التي تركت اثرا عليه قال نائب الامين العام لحزب الله : لقد تأثرت كثيراً بشخصية السيد محمد باقر الصدر (رض) وقد طالعت كتبه ودرست بعضها بتعمق خاصة كتابيّ "فلسفتنا" و "اقتصادنا"، وتعمقت فيهما بشكل كبير، وهذا كان في المراحل الأولى يعني سنة 1971 تقريباً ، أي منذ كنت في الجامعة , إضافة إلى دراساتي الحوزوية ، وقد أثّر فيَّ أيضاً بدماثة خلقه وطريقة تعاطيه سماحة السيد محمد حسين فضل الله بالأسلوب العام ، وعندما برزت شخصية الإمام الخميني(رض) أحسستُ بحالة من الذوبان في هذه الشخصية ، وقد طالعت كتبه وتابعت محاضراته بدقة كبيرة ، وكان له الأثر العميق في تكوين شخصيتي الحالية.
وردا على سؤال حول طبيعة العمل الثقافي والفكري والعسكري والميداني لحزب الله قال الشيخ نعيم قاسم : عندما بدأت التزامي في سنة 1969 ، كانت الساحة بحاجة إلى تربية وتعبئة ثقافية ولم يكن هناك نشاط جهادي ، ولم يكن هناك أيضاً نشاط سياسي ، ومن الطبيعي أن يعبّر الإنسان عن المضمون الثقافي بنشاط ثقافي ونشاط تعبوي تربوي ، من هنا كانت لدي محاضرات مبكرة وكثيرة في سنة 1973 وما بعدها ، وكنت أعطي عدداً من الدروس في المسجد ، وبعض المحاضرات للشباب ورواد المسجد والتي لم تكن جماهيرية ولم تكن كبيرة وواسعة ، وإنما من محيطي حيث أستطيع أن أؤثر , وكذلك بعض الكلمات التي ألقيتها في مناسبات عاشوراء أو شهر رمضان المبارك أو ما شابه ، وكان أول عمل سياسي مباشر وظاهر هو ما حصل مع حركة أمل في سنة 1975 ، ومع ذلك أهتميت فيها بالجانب الثقافي أكثر ، لذا استلمت مسؤولية العقيدة والثقافة واستمريت بهذا النشاط , في فترة سنة 1977 أسّست مع مجموعة من الأخوة جمعية التعليم الديني الإسلامي , وكان الهدف الأساسي منها هو نشر مدرسي الدين في المدارس , حيث شعرنا أن هناك حاجة لهذا الموضوع والأنظمة اللبنانية تسمح بهذا الأمر، أوليت جهدي في التأسيس وبعد ذلك استمر بحمد الله تعالى مع عدد من الأخوة الأكفاء الذين تابعوا هذا المسار , ثم كبر النشاط السياسي بشكل كبير جداً عام 1982 يعني بعد تأسيس حزب الله ، وكبر أيضاً النشاط المكثّف بسبب موضوع المقاومة وظروف المقاومة ، لكن حرصت في كل هذه المراحل وحتى هذه اللحظة ألا أنقطع عن المحاضرات الثقافية والعمل الثقافي إضافة إلى العمل السياسي والعمل الجهادي , لأني أعتبر أن هذا الأمر مفتاح وأساس للعملية التربوية والتعبوية ، وهو منسجم تماماً مع مسار الحزب ، لذا تلاحظ مثلاً أني كتبت مجموعة من الكتب ذات الطابع التثقيفي التربوي ، وقد تعمّدت اختيار الموضوعات التي لها طابع تربوي أكثر من الموضوعات التي لها طابع ثقافي بحت.
كذلك كتبت في الموضوع السياسي عندما كتبت عن حزب الله ، وفي آنٍ معاً أمارس نشاطاتي المختلفة التي لها كل ما لحزب الله من أنشطة متنوعة ثقافية وسياسية وجهادية وما شابه ذلك ، وأنا لا أرى هذا الأمر غريباً ، لأنه إذا كانت منطلقاتنا منطلقات فكرية وثقافية فيجب أن تبقى هذه حاضرة في توجيه الأمة ، وأقول بكل صراحة ما زلت إلى اليوم أعطي دروساً ثقافية لا تبرز في وسائل الإعلام ، لأن الإعلام يُركز عادة على المواقف السياسية وعلى الدور الجهادي ، لأني أعتبر أن هذا التثقيف أساسي للوصول إلى الموقف السياسي والموقف الجهادي./ انتهي /