بدأت العاصمة السورية دمشق تستعد لاستضافة زعماء الدول العربية خلال اجتماع القمة في نهاية شهر مارس الجاري وهي قمة ذات اهمية بالغة من الناحية الجغرافية والتاريخية.

فمن الناحية الجغرافية فان دمشق تعتبر من اقدم العواصم العربية اذ لعبت دورا بارزا في لم الشمل العربي ومواجهة المد الصهيوني وتمثل قمة النضال العربي الاسرائيلي.
وكانت سوريا باعتبارها دولة عربية واسلامية تشكل حلقة الوصل التي ربطت وما زالت تربط الدول العربية بالدول الاسلامية وواجهت ضغوطات دولية بسبب مواقفها الرافضة للتطبيع العربي الصهيوني لكنها بقيت صامدة وشامخة في وجه الرياح العاتية.
ومن المستغرب ان سوريا وسيما بعد رحيل الرئيس حافظ الاسد واجهت شتى المؤامرات ليس من جانب الكيان الاسرائيلي فحسب بل من جانب اشقائها العرب الذين يحيكون شتى المؤامرات لعزل سوريا عن محيطها العربي والاقليمي خدمة لمصالح الدول الاستعمارية.
وكان للاعلام العربي اليد العليا في بث شتى الدعايات المغرضة ضد سوريا وكأن هذه الدعايات تصاغ في غرفة واحدة يشرف عليها الاميركان والصهاينة.
فهذا الاعلام يرسم صورة غير واقعية عن المجتمع السوري ويبرز بعض الجوانب السلبية التي هي موجودة اساسا في كل المجتمعات ويتجاهل الجانب الايجابي في  المجتمع السوري.
ومن الناحية التاريخية فان سوريا منذ الاستقلال عام 1946 وحتى الآن لعبت دورا هاما في الحفاظ على وحدة الصف العربي والاسلامي وحشد الرأي العام ضد مؤامرات الكيان الصهيوني.
ولهذا تعرضت سوريا الى ضغوطات خارجية لثنيها عن مواقفها الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
والظروف التي تحيط بالمنطقة سيما احداث غزة والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وازمة الانتخابات الرئاسية في لبنان وتداعيات اغتيال المناضل الشهيد عماد مغنية تتطلب قرارات حاسمة ومصيرية على اعلى المستويات رغم ان المؤشرات تدل على ان بعض الدول العربية التي تعبث بأمن لبنان تسعى الى عرقلة اجتماع قمة دمشق لسببين:
السبب الاول يعود الى وجود محور تعاون اقليمي يربط طهران ودمشق وبيروت وهذا المحور لا يروق لبعض الدول العربية التي تسعى من خلال حلفائها في بيروت الى قطع التواصل الاستراتيجي بين العواصم الثلاث من اجل اثارة النعرات الطائفية في لبنان.
والسبب الآخر وجود بعض الوجوه السياسية المشبوهة في التيارات الموجودة على الساحة اللبنانية والتي تعمل لقطع الترابط بين الشعبين السوري واللبناني وتوسيع الهوة بين البلدين الجارين حيث ازدادت هذه المحاولات بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
فبعد عملية اغتيال الحريري في 14 شباط عام 2005 وجه الاعلام العربي شتى الاتهامات ضد دمشق رغم ان كل المؤشرات تدل على ان رفيق الحريري اغتيل على يد الموساد.
واليوم حينما تستعد سوريا لاستضافة القمة العربية بدأ الاعلام العربي يقدم صورة قاتمة عن سوريا للايحاء بان دمشق غير مؤهلة لاستضافة القمة العربية القادمة.
ولكن هل هذا الاعلام يخدم المصلحة العربية؟ بالتأكيد ان الخط العام للاعلام العربي والذي يسعى الى ايجاد شرخ في الصف الاسلامي والعربي يخدم مصلحة الاعداء اكثر مما يخدم المصلحة العربية.
وعلاوة على محاولات بعض قادة الدول العربية التي تنتهج سياسة معادية لسوريا لثني قادة البلدان العربية الاخرى عن المشاركة في قمة دمشق فثمة مجموعة في لبنان تعمل ليلا نهارا لعرقلة المساعي الرامية الى انتخاب رئيس لبناني توافقي حتى نهاية شهر مارس الجاري.
وهذه المجموعة تسعى لافشال قمة الدول العربية في دمشق بايعاز من تلك الدول العربية المعادية لسوريا من خلال وضع شروط تعجيزية امام التيار المناهض الذي يسعى الى انتخاب رئيس لبناني توافقي قبل نهاية الشهر الجاري ليستطيع هذا الرئيس ان يطرح مشاكل الشعب اللبناني في القمة.
ولهذا السبب فكل المحاولات ترمي الى ان يكون التمثيل العربي في القمة ادنى من مستوى القادة حتى لا يكتب النجاح للقمة المرتقبة.
ومن هذا المنطلق فان بعض الاصوات التي تصدأت منذ سنوات ولا توجد لها آذان صاغية لا في سوريا ولا في العالم العربي ظلت تنادي من تحت برج ايفل ومن خلال مقابلات يائسة مع وكالة يونايتد برس انترناشيونال (التي تمتلكها العائلة المالكة في السعودية) لمقاطعة القمة العربية القادمة.
ولكن رغم كل هذه المحاولات فان دمشق سواء شارك كل قادة الدول العربية في القمة ام لم يشاركوا فان لها الكلمة المسموعة على المستوى الشعبي والمهم هو ان تحشد الرأي العام الاسلامي والعربي ضد سياسات الكيان الصهوني وتحبط المؤامرات الاميركية والغربية في المنطقة .
اذن قمة دمشق بغض النظر عن مستوى التمثيل العربي ستكون قمة ناجحة وسوف تتخذ قرارات مصيرية على المستوى الاقليمي والدولي تعود لمصلحة الشعبين الفلسطيني واللبناني .
حسن هاني زاده –  خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء