تصاعد موجة العنف في العراق وعجز بول بريمر على السيطرة على الاوضاع في هذا البلد قد ادى الى ان يكتنف الغموض الانتخابات الرئاسية الامريكية المقبلة.

الاحتجاجات الدامية الاخيرة في بغداد وكربلاء والنجف والفلوجة والبصرة وقعت بينما يحتفظ جورج بوش في الظروف الراهنة بورقتين رابحتين للفوز بالانتخابات الرئاسية الامريكية.
الورقة الاولى هي العراق حيث ان الاستقرار والحفاظ على الامن في هذا البلد وتسليم السلطة بهدوء الى منتخبي الشعب العراقي ورحيل الجيش الامريكي عن العراق مع حفظ ماء الوجه تعد احد العناصر التي بالامكان ضمان تجديد فوز جورج بوش في الانتخابات الرئاسية.
ان الاداء العنيف للحاكم المدني الامريكي في العراق وهجوم قوات التحالف على المدنيين في مدن كربلاء والنجف وبغداد قد ادى الى نتائج غير متوخاة على السياسة الخارجية الامريكية وستغير بطبيعة الحال مسار الانتخابات القادمة في الولايات المتحدة.
وفي حقيقة الامر فان ادارة شؤون العراق في مثل هذه الظروف تعتبر كالسير وسط حقل الغام لان الوضع السياسي والاجتماعي المعقد يستلزم التعامل مع الاحداث غير المتوقعة بتدبير وحنكة.
فلو ان بول بريمر كان قد استفاد من التجربة السياسية والادارية لاعضاء مجلس الحكم الانتقالي العراقي ونفوذ الزعماء الدينيين ومراجع الشيعة في تعامله مع الاحداث الدامية التي وقعت في العراق الاسبوع الماضي , لتمكن بسرعة من احتواء الازمة دون وقوع خسائر فادحة.
ولكن للاسف فان الحاكم المدني الامريكي اتخذ اجراءات غير منطقية  دون الاخذ بنظر الاعتبار الظروف الاجتماعية والدينية في العراق مما عقد الاوضاع اكثر من السابق. 
ان اعتقال الشخصيات الدينية العراقية والتعامل العنيف مع الازمات الراهنة وعدم الاكتراث بدور مراجع الشيعة في العراق , صعب  من مواصلة بريمر في مهامه مما سيترك تاثيرا سلبيا على مصير الانتخابات الامريكية بالنسبة للحزب الجمهوري.
وفي الوقت الحاضر ونظرا لان احتواء الازمة الراهنة في العراق تستدعي اتخاذ سلسلة من الاساليب المعقولة والمنطقية , فان السبيل الوحيد الذي يستطيع بول بريمر من خلاله الحد من اتساع نطاق هذه الازمة هو اعطاء مزيد من الصلاحيات الى مجلس الحكم الانتقالي العراقي لحل هذه المشكلة واجراء مفاوضات مباشرة مع الاطراف المتصارعة دون اللجوء الى القوة.
واذا ما اراد الحاكم المدني الامريكي ان يتصدى للعنف بالعنف فان العراق بالتاكيد سيواجه في المستقبل ازمة استثنائية من الممكن ان تمتد الى باقي دول المنطقة وسيصبح السيطرة عليها امرا عسيرا جدا.
وفي الظروف الحالية فان الجماعات المتطرفة الاخرى التي لاتريد الاستقرار في العراق سوف تتسلل الى البلاد وستحول العراق الى ساحة للانتقام من القوات الامريكية والتحالف من خلال تشكيل ائتلاف غير متجانس للجماعات المتطرفة.
الورقة الرابحة الاخرى التي ستؤثر على الانتخابات الامريكية المقبلة هي قضية اعتقال اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة والتي يبدو ان جميع محاولات "المحافظون الجدد" وخاصة وزير الدفاع دونالد رامسفلد ومساعد وزير الخارجية ريتشارد آرميتاج ومساعد وزير الدفاع بول وولفويتز ومستشارة الامن القومي الامريكي كوندوليزا رايس مصممون على القاء القبض على اسامة بن لادن قبل الذكرى السنوية لاحداث 11 سبتمبر وبداية الانتخابات الرئاسية الامريكية.
وعلى اي حال فان الذي سيحدد مصير بوش بشكل رئيسي هي الاوضاع الراهنة في العراق بحيث ان الازمة الحالية اذا لم تحل بشكل سلمي فان الحزب الديمقراطي سيفوز حتما في الانتخابات الرئلسية ويهزم الحزب الجمهوري.
ربما لم يكن تنبؤ احد الخبراء السياسيين العرب مبالغا فيه حين قال ان النجف وكربلاء ستحدد لاول مرة في التاريخ مصير الانتخابات الامريكية , لان جورج بوش في الوقت الراهن يتحرك على حد السيف بشان قضايا العراق./انتهى/
                        حسن هاني زاده خبير القضايا الدولية بوكالة مهر للانباء