فهل هذه المناورات التي حملت اسم النبي الاعظم "ص" وجرت بمشاركة احفاد سلمان الفارسي في مياه الخليج الفارسي تحمل دلالات تاريخية ام هذه التسميات جاءت بشكل عفوي واعتباطي ، دون مفهوم تاريخي وسياسي ؟
الجواب بطبيعة الحال كلا لان هذه المناورات بغض النظر عن اسبابها وتداعياتها فانها تحمل رسالة تاريخية للعالم عامة وللامة الاسلامية خاصة مفادها ان احفاد سلمان الفارسي سيعيدون الامجاد الى الامة الاسلامية بعد مئات السنين من الخمول والوهن والانبطاح التي اصابت هذه الامة.
لقد كان سلمان الفارسي والذي اصبح من اقرب المقربين الى الرسول الاعظم "ص" وتشرف باحراز اعلى وسام منحه اياه الرسول حينما وصفه بالقول "سلمان منا اهل البيت " قد كرس جل خبرته وحنكته وعبقريته العسكرية في غزوة الخندق وما تلتها من حروب تحت خدمة الرسول (ص) والخلفاء لنصرة الاسلام ودحر عدوان الاعداء.
وبفضل هذه العبقرية العسكرية الفريدة استطاعت الجيوش الاسلامية بعد وفاة الرسول "ص" ان تقهر اعتى جيوش العالم آنذاك حيث كانت الفتوحات الاسلامية جلها ان لم تكن كلها مدانة للقائد البطل والصحابي المخلص سلمان الفارسي.
وبما ان التاريخ يعيد نفسه فهاهنا اليوم احفاد هذا البطل العسكري اي سلمان الفارسي ساروا على خطى جدهم الفذ ليعيدوا المجد والخلود الى الامة الاسلامية.
هذه الامة التي من المؤسف بات شغلها الشاغل تهجين الجمال وانتخاب ملكة جمال الابل والسهر في الملاهي وقضاء الليالي الملاح في البلدان الغربية رغم ان شعوبا اخرى من هذه الامة مثل الشعب الفلسطيني والعراقي والافغاني تقبع تحت نير احتلال الصهاينة والامريكان.
لم يكن سلمان الفارسي في هذا الزمن الرديء حيا ليعيد المجد الى هذه الامة ولكن احفاد سلمان من خلال مناوراتهم العسكرية وصواريخهم المعقدة والفتاكة قالوا "ها نحن لها".
اليوم الكيان الصهيوني واميركا تسرحان وتمرحان في ارض الله الواسعة وتتحكمان بمصائر الامة من خلال ترسانتهما العسكرية وكأن هذه الامة اصبحت هياكل عظمية لا ارادة لها من اجل وضع حد لاستهتارات اسرائيل واميركا.
وفي الوقت الحاضر فان الحالة الاسلامية والعربية متردية جدا والكيان الاسرائيلي اصبح القوة الوحيدة المهيمنة في المنطقة ولابد ان تكون هنالك قوة اكثر شراسة وفتكا لردع الغول الصهيوني الذي بات يجتاح المنطقة ويقتل سكانها.
وبما ان الكيان الصهيوني لا يفهم الا لغة القوة ولا توجد قوة تضاهي ترسانة اسرائيل النووية فمن الطبيعي ان تأتي سياسة توازن الرعب لتحل محل سياسة توازن القوة لان اسرائيل مدعومة من الدول الغربية واميركا وكل هاجس هذه الدول ضمان امن الكيان الصهيوني على حساب الامة الاسلامية والعربية وبالتالي تطبيق مقولة توازن القوة يبدو امرا مستحيلا.
واليوم فان مياه الخليج الفارسي شهدت مناورات عارمة لم يشهد مثيل لها في تاريخ المنطقة حيث قام احفاد سلمان الفارسي بهذه المناورات لايفاد رسالة واضحة وغير مشفرة الى اميركا والكيان الصهيوني معا.
هذه الرسالة استوعبتها اسرائيل اولا واميركا ثانيا حيث تغيرت لهجة الخطاب الاميركي والصهيوني على حد سواء تجاه ايران بعد هذه المناورات مباشرة.
وبعد اطلاق صواريخ شهاب 3 انسحبت ناقلة الطائرات الاميركية العملاقه "أبراهام لينكولن" من الخليج الفارسي وخفف قادة الكيان الصهيوني من حدة لهجتهم تجاه ايران بحيث اعلن وزير الحرب الاسرائيلي ايهود باراك ان اسرائيل لا تنوي مهاجمة ايران.
فاذن من ينتقد هذه المناورات اما ان يكون مدفوعا من اميركا والكيان الصهيوني ام يكون جاهلا لا يعرف ابجدية السياسة الخارجية وتعقيدات توازن القوى في العالم.
وفي الوقت الراهن فان العالم بات يعيش تحت وطأة شريعة الغاب التي اصبحت الشريعة الوحيدة التي تحكم العالم وتقتل الضعيف وتفتك بمن لا حول له ولا قوة.
هذه الشريعة فرضتها اميركا على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بحيث اصبح شعار الادارات الاميركية المتعاقبة هي "من ليس معنا فهو ضدنا" , ومن هذا المنطلق وهذا المنطق ايضا بات العالم تحت الهيمنة الاميركية وربيبتها اسرائيل.
فاذن لا حياة لمن تنادي واحفاد سلمان الفارسي آثروا ان يبقوا احياء شامخين وصامدين كالنسور على الجبال الشماء للانقضاض على اعداء الامة الاسلامية حينما تقتضي الامور وتدق الاجراس.
حسن هاني زاده – خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء