واضاف سماحتة الذي كان يتحدث خلال خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية، وحشد كبير من المؤمنين قائلا ان المشهد الفلسطيني يختصر الواقع العربي والإسلامي بكامله، في صورة نشطاء دوليين يحملون أطرافاً صناعية إلى جسدٍ بُترت أطرافه من خلال الاحتلال والحصار التجويعي، والذي يُشارك فيه بعض العرب إلى جانب إسرائيل.
واضاف العلامه فضل الله :إذا كان الشعب الفلسطيني قد عرف كيف يتعامل مع الاحتلال، وكيف يكسر شوكته بصموده وجهاده، فإنَّ حصار الإخوة لا يخفف منه أن تنطلق اللقاءات الحوارية هناك في مصر، لأن الحوار يحتاج إلى مقدّمات، ونريد لمصر أن تتمرد على ضغوط العدو والضغوط الأميركية لتتحرك في خط المقدّمات العملية عبر فتح المعابر إلى غزة رغماً عن أنف الاحتلال.
واكد: إننا نتطلّع إلى الأمة كلها من النافذة الفلسطينية، لأن فلسطين كانت وستبقى القاعدة التي يمكن من خلالها أن يرتفع البنيان الإسلامي والعربي، أو أن يتعرَّض للسقوط والانهيار، ولذلك فإننا نرى في الحفريات الصهيونية في موقع المسجد الأقصى الخطر الداهم على بنيان المسجد، لا بل على البنية العربية والإسلامية برمَّتها، لأنّ ما يفعله الصهاينة ليس هدماً لحائط أو إسقاطاً لجدار في المسجد الذي بارك الله حوله، ولكنهم يعملون لهدم البنيان الإسلامي والعربي كله على رؤوس ساكنيه.
.دعا العلامه فضل الله الامه الاسلاميه الي مواجهه الخطر الصهيوني قائلا : إننا ندعو المسلمين في العالم إلى مواجهة هذا الخطر الصهيوني الداهم بالمسؤولية الإسلامية الكبرى، لأن المسجد الأقصى ليس مجرد موقع فلسطيني، بل هو موقع إسلامي، وليس مجرد موقع في الجغرافيا، ولكنه مكانة في القلوب والنفوس، الأمر الذي يستدعي حركةً إعلاميةً وسياسيةً وضغوطاً هائلةً لكفّ يد اليهود الغاصبين، ونحن في الوقت نفسه نسأل الدول العربية التي تقيم علاقات مع العدو في العلن أو في السر.
وتسائل سماحته بالقول: هل باتت فلسطين خارج نطاق حساباتكم بالكامل؟ وهل خرج المسجد الأقصى نهائياً من جدول أعمالكم حتى تمتنعوا عن القيام ولو بحركة سياسية بهلوانية فيها رائحة تهديد بالمقاطعة؟!
إنَّ المشكلة تكمن في أن الطبقة السياسية العربية والإسلامية بعامة لا تحترم مقدّساتها، في الوقت الذي تقدّس إسرائيل خرافاتها، ولا تعير هذه الطبقة اهتماماً لأجيال فلسطينية تموت في السجون وتحت سياط الجلادين، أو تحت ضغط الحصار والتجويع، لأن "من يهن يسهل الهوان عليه"، ولأن "الجامعة العربية" أصبحت جامعة المشاكل والتناقضات العربية، كما أن "منظمة المؤتمر الإسلامي" انسحبت من مسؤولياتها الإسلامية، وبات الواقع العربي والإسلامي مختصراً في بيانات تصدر ـ وقد لا تصدر إلا بمرسوم ـ وكلمات يهذي بها فلان وعلان، فيما تترك المسألة "لإسرائيل" لكي تصادر المياه والأرض، وتواصل زحفها الاستيطاني، وتعتقل الآلاف من الفلسطينيين، حتى إذا أطلقت العشرات منهم صفّق لها العالم المخادع، وهلّل لها الواقع العربي الرسمي المهادن.
وتطرق العلامه فضل الله الي الزياره التي قامت بها وزيره الخارجيه الاميركيه رايس الي المنطقه قائلا :وسط هذا المشهد المأساوي والانهزامي، تعود قائدة محور الاعتدال العربي "رايس" إلى المنطقة، وإلى فلسطين بالذات، لتعلن أن تسلّح سوريا يقلقها، بعد أيام معدودات على الإعلان الأميركي عن ربط "إسرائيل" بالمنظومة الصاروخية الأميركية، ولتتحدث عن تشجيعها للمفاوضات في المنطقة، وحلّ مشكلة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، مع علم الجميع أن هذه المفاوضات باتت تمثل أسلوباً أميركياً تخديرياً في الوقت الضائع الذي لا تفكر فيه إدارة بوش إلا بإنهاء القضية الفلسطينية، وتدمير الواقع العربي والإسلامي، وتمهيد السبيل ـ عبر ذلك ـ لرئيس جمهوري جديد يعبر إلى البيت الأبيض على رابية من الجثث العربية والإسلامية.
واشار الي الواقع الفلسطيني الموجود قائلا لاسبيل امام الفلسطينيين الا بمواجهة هذا الواقع الدولي المتآمر، وهذا الواقع الاحتلالي الغاشم، من خلال تمسك الشعب الفلسطيني بوحدته ولذلك فنحن نرحّب باللقاءات الحوارية وكل المحاولات لجمع الفصائل الفلسطينية، ولكننا نحذّر من ربط هذه اللقاءات بعجلة التفاوض مع العدو، أو بعجلة الأنظمة العربية، لأنها أنظمة ما أطلقت عليه أمريكا "الاعتدال" الذي لا تـنظر إليه إلا من نافذة الهزيمة والاستسلام، في الوقت الذي يتطلّع الفلسطينيون إلى فصائل متحدة متعاونة في خط التحرير، ورفع كاهل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية عن صدر الشعب الفلسطيني المعطاء، الصامد، الصابر.
واشار الي الاوضاع في افغانستان قائلا علينا الا نغفل عن مأساة الشعب الأفغاني المظلوم والجريح، والذي دأب الاحتلال الأميركي وقوات الأطلسي على إدخاله في سلسلة من المجازر المتنقّلة، والتي كان آخرها مجزرة "هرات" التي سقط فيها ما يزيد على تسعين قتيلاً جلّهم من الأطفال والنّساء والشيوخ، في دليلٍ آخر على استهتار قوى الاحتلال الأميركي والأطلسي بأرواح المدنيين الأفغان، واحتقارهم للمستضعفين من هذا الشعب، وربما كانت نظرتهم إليه لا تختلف عن نظرة أحد حاخامات العدوّ الذي وصف المسلمين والعرب بأنهم "حشرات وأفاعي يجب التخلّص منها".
وندد العلامه فضل الله بتصريحات بعض الاوساط في لبنان التي تحاول الي زعزعه الاستقرار قائلا إننا نرفض الحديث عن فتنة لا وجود لها بالمعنى الدقيق إلا في أذهان بعض المشتغلين في السياسة، أو حتى في السلك الديني في لبنان، ونريد لهؤلاء أن يتقوا الله في كلامهم الذي يمثل المسعى الأساس لإحداث فتنة في الواقع، ونحن نستغرب كل هذه السرعة في سحب كلمات الوئام والتودد والمحبة من التداول لحساب كلمات الفتنة التي تُستخرج من القاموس السياسي والديني، لإشعال الواقع بها أو لجعله رهينةً لها.
واضاف سماحته : إننا ندعو العقلاء إلى أن يبتعدوا عن إعطاء هذا الواقع الصفة المذهبية، وندعو الطبقة السياسية الرسمية أو غير الرسمية إلى الكف عن المطالبة بحقوقها في الدائرة الطائفية أو المذهبية، حيث نستمع إلى من يطالب بحقوق المسيحيين في تنوّعاتهم المذهبية في الوظائف والمواقع، مع الجدل في مسألة الزعامة، ومن يطالب بحقوق المسلمين في تنوّعاتهم المذهبية مع الإثارة المذهبية في الواقع الإسلامي، بما يثير الحقد ويُسقط روح الوحدة والتفاهم حول المبادئ الثابتة في الخط الإسلامي.
واشار ايل الذكري الثلاثين لاختطاف الامام موسي الصدر قائلا أننا نستذكر في هذه الأيام الجريمة الكبرى التي تمثلت في اختطاف سماحة السيد موسى الصدر ورفيقيه والتي أريد لها أن لا يكشف النقاب عن تفاصيلها.
واضاف : أننا نؤكد في هذه المناسبة أن المسؤؤلية تقع على عاتقنا جميعا في الاستمرار بملاحقة المجرمين الذين خططوا لجريمتهم التي أرادت أخفاء علم إسلامي وركن لبناني يمثل العلم والعطاء والانفتاح والوحدة على جميع المستويات.
كما نؤكد انه لا يكفي ان تتحرك الملاحقة على المستويات الإعلامية ،بل لا بد من التحرك وعلى مستوى العالم العربي والإسلامي كله لكشف الحقيقة والمجرمين. /انتهي /
تاريخ النشر: ٢٩ أغسطس ٢٠٠٨ - ١٦:٤٣
دعا المرجع الديني العلامه السيد محمد حسين فضل الله المسلمين الي الوحده والتكاتف لمواجهه الخطر الصهيوني ومساعده الشعب الفلسطيني