اثارت صور المعتقلين العراقيين في سجن ابو غريب الرهيب وهم يتعرضون للتعذيب باساليب وحشية من قبل الجنود الامريكين موجة من السخط والغضب في انحاء العالم.

ان سجن "ابو غريب" الذي يعد من أسوأ سجون العالم واكثرها رعبا كان يستخدم من قبل النظام البعثي العراقي لتعذيب الاحرار العراقيين باساليب القرون الوسطى.
وقد لقي مئات الآلاف من الابرياء حياتهم في هذا المعتقل بتهمة معارضة استبداد نظام صدام القمعي.
ان وجود انواع اجهزة التعذيب التي زودها الغرب وامريكا نظام حزب البعث على مدى 35 عاما من حكمه , يبين ان المعايير الانسانية لا مكان لها في قاموس الغرب وامريكا والشيء الوحيد الذي يهتمون به هو المصالح المادية.
وبعد الاطاحة بنظام صدام في ابريل / نيسان العام الماضي زعم الرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير انه تم ازالة معتقلات التعذيب والسجون في العراق الى الابد وان الديمقراطية الحقيقة ستقام في العراق.
ومع بث هذه الصور لاول مرة الاسبوع الماضي من محطة تلفزيون " سي بي اس"  الامريكية فان هذا السؤال يطرح نفسه هل كان "بول بريمر" الحاكم المدني الامريكي  والجنرال "ريكاردو سانشيز" قائد القوات الامريكية في العراق يعلمان بوجود التعذيب في سجن ابو غريب ام لا ؟
فاذا كانا يعلمان ولم يمنعا استمرار التعذيب في هذا المعتقل فيجب محاكمتهما وفقا للمادة 4 من اتفاقية جنيف.
هذه المادة تنص على احترام حقوق مواطني البلد المحتل وان القوات المحتلة لا يحق لها ممارسة التعذيب ضد مواطني البلد المحتل وفي حالة ارتكاب مثل هذه الاعمال فان اعلى مسؤول سياسي وعسكري لقوات الاحتلال يتحمل مسؤولية عمليات التعذيب.
ولكن اذا لم يكن بريمر وسانشيز يعلمان بوجود عمليات التعذيب فسيعتبر هذا قصور وتهاون في اداء واجبهم , لان هذين الشخصين مسؤولين عن احلال الامن في العراق وعليهما تحمل المسؤولية.
ومن جهة اخرى كيف امكن تصوير عمليات تعذيب المعتقلين في سجن "ابو غريب" وبثه من محطة تلفزيون مقربة من ساسة البيت الابيض في حين ان "البنتاغون" لديه اشراف تام على اي شكل من اشكال التصوير في المناطق التي تحتلها امريكا؟
هل ان البيت الابيض والبنتاغون لديهم هدف آخر لبث هذه الصور والتي اثارت الاستياء العام ضد الجنود الامريكييين؟.
وبالتاكيد فان هذه الحركة الدعائية تسعى الى تحقيق اهداف اخرى ويبدو ان مخرجي "هوليود" وساسة البيت الابيض لهم دور في تهيئة هذه المشاهد "الكوميدية- التراجيدية".
ان هدف امريكا واضح وان الشعب العراقي على الاقل يعرف جيدا ان امريكا تعتزم من خلال كسب عطف شعوب العالم لصالح المعتقلين والذين اغلبهم من الاعضاء السابقين لحزب البعث, العمل على اطلاق سراحهم حتى لا تواجه احتجاجات من قبل الشعب العراقي.
ومن جهة اخرى فان البنتاغون يحاول من خلال بث صور تعذيب المعتقلين في سجن ابو غريب ومحاسبة مرتكبي ممارسات التعذيب , ان يثبت انه يحترم حقوق الانسان , وخاصة ان جورج بوش ينوي وهو على اعتاب الانتخابات الرئاسية الامريكية ان يحسن صورته في مجال حقوق الانسان ويظهر نفسه بانه مدافع عن حقوق الانسان.
والسبب في ذلك يعود الى ان شعوب العالم غاضبة بشدة على السلوك اللاانساني للجنود الامريكيين مع الشعب العراقي خلال عام على من احتلال العراق.
وعلى كل حال فان المشاهد المؤلمة التي بثت مؤخرا عن تعذيب المعتقلين العراقيين تبين ان الديمقراطية الامريكية قد عمت من "غوانتانامو" الى "ابو غريب" وافغانستان وفلسطين وهو الشيء الذي وعد به بوش العام الماضي لدى احتلال العراق./انتهى/
                                  حسن هاني زاده خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء