انتقد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية القوى الكبرى المهيمنة على الساحة الدولية وحملها مسؤولية ما يجري من مشاكل وازمات متفاقمة تعاني منها الشعوب في مختلف انحاء العالم.

وافادت وكالة مهر للانباء ان الرئيس محمود احمدي نجاد ألقى خطابا مساء الثلاثاء (بتوقيت نيويورك) في الاجتماع الثالث والستين للجمعية العامة لمنظمة الامم المتحدة شرح فيه مواقف ووجهات نظر الجمهورية الاسلامية الايرانية بشأن القضايا الاقليمية والدولية، مؤكدا ان الشعب الايراني والكثير من الشعوب والحكومات تعارض الاطماع التوسعية والتوجهات العدوانية لبعض القوى الكبرى والاستكبار العالمي.
وأشار احمدي نجاد الى انه تحدث خلال مشاركاته طيلة السنوات الثلاث الماضية في اجتماعات الجمعية العامة عن وجود امل كبير بمستقبل زاهر للبشرية من خلال اتباع بعض السبل لإقرار السلام الدائم ونشر المحبة والتعاون، الا انه في المقابل فان بعض القوى الكبرى تعمل على انتهاك حقوق الشعوب وممارسة الظلم على اغلبية المجتمع العالمي بما في ذلك شعوب العراق وفلسطين وافغانستان ولبنان وشعوب افريقيا وامريكا اللاتينية وآسيا، فضلا عن التحديات الاجتماعية من قبيل المساعي الحميمة لتدمير كيان الاسرة وتدمير الثقافات والاساءة للقيم السامية، اضافة الى تجاهل الالتزامات وتنامي سباق التسلح وانعدام العدالة في المعادلات الدولية وعجز الانظمة الحاكمة في العالم عن اصلاح الاوضاع.
واضاف رئيس الجمهورية انه مع وقوع الاحداث الجديدة، برز العجز وظهر تفاقم الاوضاع اكثر من قبل، الا انه في نفس الوقت فان بارقة الامل التي نشأت من صميم افكار وايمان الشعوب اصبحت اكثر قوة واصلب عودا، مبشرة بغد جميل ومشرق.
وشدد الرئيس احمدي نجاد على ان الاسباب الرئيسية للمشكلات السائدة في العالم، تعود الى نوعية النظرة الى الانسان والعالم، مشيرا الى اهمية مواضيع من قبيل العبودية والحرية والعدالة في هذا المجال، موضحا انه ما دام المعتدي وبفضل القدرة المالية والسياسية والاعلامية لا يطاله العقاب بل أنه يعتبر صاحب الحق، وما دامت الحروب التي تستعبد الشعوب، تثار من اجل كسب الاصوات في الانتخابات، فان المشكلات العالمية لن تحل بل تأخذ في الاتساع والتفاقم.
وعرض احمدي نجاد الوضع الراهن في الساحة الدولية، بدءا من العراق وانتهاء بالازمة في القوقاز، مرورا بافغانستان وفلسطين ولبنان وامريكا اللاتنية وافريقيا وآسيا، وكلها بسبب تدخلات بعض القوى الكبرى في شؤون الشعوب الاخرى، منتقدا منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن لعجزهما عن تقديم الحلول العادلة، لانهما اصبحتا تحت هيمنة القوى الكبرى.
وتطرق الى احتدام سباق التسلح في العالم، وانتاج وتخزين الاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل والتهديد باستخدامها ونشر الدرع الصاروخية، الامر الذي زاد في عدم استقرار الاوضاع.
وبشأن الموضوع النووي الايراني، اكد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية انه رغم الاعتراف بحقوق الشعوب بما فيها الشعب الايراني في انتاج الوقود النووي للاغراض السلمية، ورغم شفافية نشاطاته النووية، والتعاون التام مع مفتشي الوكالة الدولية واعلام هذه الاخيرة مرارا عن عدم انحراف النشاطات النووية الايرانية عن المسار السلمي، الا ان بعض القوى المتغطرسة التي تمتلك اسلحة الدمار الشامل ولا تشرف اي منظمة دولية على نشاطاتها، ورغم وجود مجزرتي هيروشيما وناكازاكي في سجل احد هذه القوى، تسعى لعرقلة النشاطات النووية الايرانية السلمية من خلال اثارة مزاعم واهية واستخدام اوراق ضغط سياسية واقتصادية، وممارسة ضغوط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتابع ان هذه القوى لا تعارض السلاح النووي، وانما تعارض تقدم الشعوب، وتريد احتكار التقنيات المتطورة كوسيلة لفرض ارادتها على الشعوب، الا ان الشعب الايراني وبالتوكل على الله وبمساعدة الاصدقاء وقف امام القوى المتغطرسة وصان ولا يزال وسيصون حقوقه المشروعة بكل قوة وعزم.
وشدد على ان الشعب الايراني هو اهل الحوار لكنه رفض وسيرفض الاطماع والمطاليب غير القانونية، واضاف انه آن الاوان لتقدم الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى المجتمع الدولي تقريرا واضحا وشفافا بشأن الاشراف على نزع اسلحة القوى الكبرى ونشاطاتها النووية، وان يتم تشكيل لجنة لنزع السلاح النووي من قبل الدول المستقلة للاشراف على الاسلحة النووية لدى هذه القوى.
وشدد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية ان الكيان الصهيوني اصبح في هاوية السقوط الحتمي، ولا يوجد سبيل لانقاذه وحماته، مضيفا ان الجمهورية الاسلامية الايرانية تحترم تماما المقاومة التي يبديها  الشعب الفلسطيني المضطهد، وتدعمها، وستقدم الى الامين العام للامم المتحدة خطتها الانسانية لحل القضية الفلسطينية والمتمثلة في اجراء استفتاء يشمل جميع الفلسطينيين من اجل تعيين نوع نظام الحكم في كل فلسطين.
واردف ان حقوق الانسان في اميركا واوروبا اصبحت العوبة بيد قلة قليلة مخادعة تسمى الصهيونية، وذلك من خلال ما تملكه من اموال ضخمة واعلام واسع وهيمنة على مراكز القرار، حيث ان مرشحي الرئاسة او رئاسة الوزراء في بعض البلدان يسعون للحصول على الدعم المالي والاعلامي من الصهيونية العالمية قبل كسب التأييد الشعبي.
وأضاف ان الامبراطورية الامريكية وصلت الى نهاية المطاف وعلى الحكام القادمين ان يحدوا من نطاق التدخل الامريكي ويحصروه داخل حدودهم.
وقال احمدي نجاد مخاطبا الدول المتقدمة المهيمنة على المعادلات العالمية: السبيل الوحيد للخلاص هو الطريق الالهي المستقيم، والا فان يد القدرة الالهية المتمثلة في الشعوب ستضيق عليكم الخناق وستنهي تسلطكم وهيمنتكم، داعيا هذه القوى الى ان تحترم الشعوب وتصلح ماضيها، معلنا استعداد الشعب الايراني لبذل العون في هذا المجال من اجل الخروج من هذا الوضع الراهن وإرساء السلام العالمي.
وتابع الرئيس احمدي نجاد ان الفرصة لا زالت سانحة لاصلاح الامور في الساحة العالمية، مضيفا انه بحمد الله هناك امل ينمو على الساحة العالمية، وهو يتمثل في رغبة عامة الشعوب بالعدالة والمحبة للاخرين، وهناك مقاومة عالمية عامة امام الاطماع والعدوان والانانيات والغطرسة، والكل يبحث عن معادلات انسانية جديدة وعادلة.
وفي ختام خطابه وجه رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية الدعوة الى كل رؤساء وشعوب العالم قائلا: "تعالوا لنضع يدا بيد ولننشر فكر المقاومة امام الظلم والاقلية الجائرة، وندعم كل ما هو جيد واكثرية الصالحين"، معربا عن امله بانهاء آلام الشعوب ومعاناتهم وازدهار العدالة والمحبة./انتهى/