وفيما يلي النص الكامل لكلمة قائد الثورة الاسلامية المعظم كما اوردتها وكالة مهر للانباء نقلا عن الموقع الاعلامي لمكتب حفظ ونشر آثار سماحة آية الله العظمى الخامنئي:
بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم هو ذكرى مولد الرسول الاكرم محمد المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) وكذلك ذكرى مولد الامام جعفر الصادق (عليه الصلاة والسلام) ,وفي الحقيقة فان هذا اليوم يعتبر عيدا كبيرا للامة الاسلامية.
اولا اقدم تهاني الى الامة الاسلامية الكبرى والشعب الايراني العزيز والحضور المحترم وخاصة الضيوف والاخوة غير الايرانيين المتواجدين في هذا اللقاء , وثانيا بمناسبة تكريم شخصية الرسول الاكرم (ص) لدينا نحن المسلمون احاديث كثيرة لنقولها فيما بيننا ونناقشها, لان رسول الاسلام هو معلم جميع الخصال الحسنة ومعلم العدالة والانسانية والمعرفة والاخوة ومعلم النضج والتكامل والتطور الدائمي للبشرية الى نهاية التاريخ. متى تتصور البشرية ان بامكانها الاستغناء عن هذه الدروس القيمة؟ ان البشرية في الوقت الحاضر كانت دوما بحاجة الى دروس وتعاليم رسول الاسلام (ص).
ان ما اريد ان ابينه في هذا الاجتماع الذي يحضره نخب الامة الاسلامية هي قضية الوحدة والاتحاد بين المسلمين , ان العالم الاسلامي والامة الاسلامية يواجهان حاليا مآسي كبيرة, صحيح ان العديد من هذه المآسي نجمت من عند انفسنا نحن المسلمون , فلقد تقاعسنا وتكاسلنا وانغمسنا بالملذات الدنيوية والانانية ولم نسير على طريق الامة الاسلامية باتجاه قمة التكامل الانساني , يجب ان نعود ونتحرك ونتوب , لكن مما لا شك فيه ان قسما مهما جدا من هذا التخلف والمآسي والمشكلات في العهود الاخيرة ناجمة عن نظام الباطل العالمي في الماضي والحاضر, النظام العالمي الجديد نظام سلطوي , نظام يعتمد على القوة , ليس نظاما لحياة انسانية بل نظام لحياة الغابة.
لاحظوا الوضع الحالي للاسلام ! منذ سنوات مديدة ونحن نتذكر دوما القضية الفلسطينية باعتبارها جرح عميق في الجسد الاسلامي , والآن اضيف العراق ايضا ! لاحظوا ان السلطويين باعتمادهم على القوة ماذا يفعلون , جميع الشعارات غير المنطقية والخاطئة وبالاعتماد على القوة والسلاح والسلطة السياسية والمالية يطرحوها وينفذوها في العالم بشكل شعارات منطقية قابلة للدفاع. الجرائم التي هي في عرف جميع شعوب العالم تعتبر جناية وجرما , يرتكبوها بشكل علني وفي بعض الاحيان يجملوها ويضعون اسما لها , في حين انهم يعلمون ان لايوجد احد يقبلها , ولكنهم احيانا لايضعون حتى اسما وقناعا عليها, الحكومة الصهيونية الغاصبة تعلن صراحة انها تغتال النخب الفلسطينية والادارة الامريكية تعلن دعمها لها ايضا بشكل رسمي وعلني ! هذا هو الوضع الحالي للنظام العالمي.
الارهاب - الذي باتت مكافحته ذريعة للادارة الامريكية المستكبرة من اجل فرض سلطتها وممارسة الغطرسة - تعتبرها صراحة عملا مسموحا به ومشروعا , وتحقق عمليا من خلال اداء الحكام الصهاينة , من خلال الاعتماد على القوة والسلطة والسلاح , واحتلال العراق عسكريا واهانة واذلال شعب حضاري عريق يعد جريمة دولية , ولكنهم ينفونها بشكل سافر تحت مسميات حقوق الانسان والدفاع عن الديمقراطية والحرية , بحيث لا يوجد احد في الدنيا يصدقهم , لان تصرفات المحتلين داخل العراق تثبت عكس ذلك ومن الواضح انهم لا يكترثون لحقوق الانسان ولا يعيرون اهمية لحق الشعب لانتخاب حكومته , فهم يعينون الحاكم ويضعون القانون ويعاقبون اي متجاوز للقانون بدون اية محاكمة , وطبعا عن طريق عقوبة القتل , لاحظوا ماذا يحدث في العراق! هذا هو الوضع الحالي للامة الاسلامية.
الامة الاسلامية ذنبها الوحيد هو انها تقع في منطقة تمتلك ثروات غنية , لان عجلة الحضارة العالمية المعاصرة تتوقف حركتها على الامكانيات المتوفرة في هذه المنطقة من العالم, والتي اصبحت محل طمع ونهب القوى التي تعتبر ارتكاب اي شكل من اشكال الجريمة مسموح لها في هذا الصعيد, هذا هو وضع الامة الاسلامية ! ا لا تستطيع الامة الاسلامية ان تدافع عن نفسها في مواجهة هذه الاطماع السلطوية ؟ الجواب هو اننا نستطيع الدفاع , فلدينا وسائل عديدة من اجل الدفاع عن حقنا وكياننا , فنحن امة كبيرة ونمتلك ثروات هائلة ولدينا افراد بارزون لديهم طاقة معنوية تمنح الناس قدرة التصدي للمتغطرسين , لدينا ثقافة وحضارة عريقة قل نظيرها في العالم , لدينا العديد من الامكانيات , وعلى هذا الاساس بامكانا الدفاع , لكن لماذا لا ندافع ؟ لماذا لا نتمكن من فعل اي شيء عمليا؟ لاننا غير متحدين , لانهم فرقونا بشتى الذرائع , ان الجيش المنظم العظيم والمستعد باسم الامة الاسلامية قسموها الى مجموعات همها التناحر والاقتتال فيما بينها , في هذه الظروف يصبح من الواضح ان هذا الجيش لا فائدة منه.
آن الاوان في الوقت الحاضر ان يعيد العالم الاسلامي النظر في ادائه , ان يفكر بجدية في قضية الوحدة , ان التهديدات الامريكية حاليا لا تستهدف بلد واحد او بلدين بل تسيتهدف الجميع , في الوقت الحاضر تهديدات الراسماليين الصهاينة الذين يحركون الادارة الامريكية الحاكمة , لا يكتفون باتبلاع قسم من المنطقة , بل يريدون ابتلاع المنطقة برمتها , ويعلنون هذا صراحة في الوقت الحاضر, "مشروع الشرق الاوسط الكبير" ليس له مفهوم سوى هذا , فمنذ اكثر من خمسين عاما عندما تاسس الكيان الصهيوني الغاصب , ومنذ حوالي مائة عام تبلور هذا الفكر في المحافل الغربية والاوروبية , وكانت نواياهم ابتلاع هذه المنطقة ونهبها لانها ضرورية لهم, وليس مهما بالنسبة لهم سكان المنطقة , فالجميع مستهدف بالتهديدات, فحين يكون الجميع مستهدفون فاكثر الحلول منطقية هو ان يفكر الجميع ويتعاضدوا , ان نصيحتنا ومطالبتنا الجادة من الدول والشعوب الاسلامية هو ان يفكروا ويهتموا بهذا الموضوع وهو بحاجة الى جهود وتمهيدات , يجب التمهيد لها, طبعا العدو سوف لايبقى مكتوف اليدين وسيستخدم وسائله القديمة في اثارة الفرقة , سيستغل القوميات والمذاهب والطوائف والمواضيع التي اكد الاسلام على عدم تضخيمها , فسيعمل الاعداء على تضخيم تلك القضايا.
الاسلام اكد ان القوميات ليست معيارا للتمايز والهوية , "ان اكرمكم عند الله اتقاكم" , الاسلام اكد على الاخوة المسلمون يجب ان يتعاملوا فيما بينهم بسلوك اخوي , لم يقل ان الاخوة من اهل السنة او الشيعة ام من مذهب آخر , بل قال المسلمون "انما المؤمنون اخوة". فكل من يؤمن بهذا القرآن وهذا الدين وهذه القبلة هو مؤمن , وهم اخوة وهذا ما يقوله لنا الاسلام, لكننا نخفي الخناجر وراءنا لنطعن صدور الاخوان! في جميع المجالات يوجد مقصرون , يجب التصدي لهم ومواجهتهم , ان الامة الاسلامية بحاجة في الوقت الحاضر الى الوحدة من اجل انقاذ نفسها ورفع راية الاسلام , اي منطق في مواجهة هذه القضايا بامكانه المقاومة لكي يثير الاختلاف ؟ الوحدة مقدمة على جميع الضروريات والاولويات ؟ لماذا لا نفهم ضرورة الاتحاد بين المسلمين؟ ان المسؤولية على عاتقنا وهذه المرحلة مرحلة حساسة , اذا تمكن الاعداء من ممارسة سلطتهم والاستيلاء على المنطقة , فان العالم الاسلامي سيتأخر مائة عام آخر مثلما حدث في فترة الاستعمار , وسيزيد الفارق بين الامة الاسلامية والعالم الصناعي الحديث , يجب ان علينا ان نعطي الاجابة , فنحن اليوم نتحمل المسؤولية , فالدول والنخب والشخصيات الثقافية والدينية في الوقت الحاضر مسؤولة , فجميعنا مسؤولون ازاء وحدة العالم الاسلامي, امامنا العظيم (رضوان الله تعالى عليه ) كان من اهم احاديثه قبل انتصار الثورة والى آخر حياته ويؤكد عليها هي وحدة الامة الاسلامية , اتحاد المسلمين وعدم تضخيم المشكلات الهامشية , ونلاحظ وندرك حاليا ان هذه النصيحة كانت صائبة وحكيمة للغاية.
اسأل الله تعالى ببركة الروح الطاهرة لخاتم الانبياء (ص) وجهاد هذه الشخصية الفريدة وافضل ابناء آدم وجهاد المسلمين العظام والروح الطاهرة للامام جعفر الصادق ( عليه الصلاة والسلام) والمساعي التي بذلها , ان يوقظنا من الغفلة ويهدينا الصراط المستقيم , ويمنحنا الوعي والقدرة بما هو تكليفنا , وان شاء الله يعيد شر اعداء الامة الاسلامية الى انفسهم./انتهى/
تاريخ النشر: ٧ مايو ٢٠٠٤ - ٢١:٠٢
اكد قائد الثورة الاسلامية لدى استقباله صباح اليوم الضيوف المشاركين في مؤتمر الوحدة الاسلامية , ضرورة وحدة الامة الاسلامية مضيفا : ان الامة الاسلامية بحاجة الى الوحدة من اجل سموها ورفع راية الاسلام وحل المشكلات , وهذه القضية تعتبر في مقدمة الضروريات والاولويات.