ان حادثه الاغتيال المؤلمة لرئيس مجلس الحكم الانتقالي العراقي عز الدين سليم في المنطقة الامنية ببغداد المعروفة باسم المنطقة "الخضراء" وهجوم قوات الاحتلال الامريكي على العتبات المقدسة في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة وحدوث التفجيرات الارهابية في مدينتي كربلاء والكاظمية يوم عاشوراء واطلاق النار المتكرر على منزل المرجع الكبير آية الله السيستاني في مدينة النجف الاشرف , تشير بمجملها الى وجود مؤامرة منسقة لابادة الشيعة.
ان الاحداث التي وقعت خلال الاشهر الماضية في العراق تدل على ان امريكا وبمساعدة بعض الدول العربية في المنطقة وجماعة "ابو مصعب الزرقاوي" الارهابية تحاول تصفية القادة السياسيين والدينيين الشيعة من اجل فرض عزلة على شيعة العراق بشكل تدريجي.
فاغتيال آية الله السيد "محمد باقر الحكيم" الرئيس السابق للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق في حادثة الجمعة الدامية في النجف الاشرف واغتيال "عقيله الهاشمي" العضوة الشيعية في مجلس الحكم ومحاولة اغتيال "موفق الربيعي" و"احمد الجلبي" و"ابراهيم الجعفري" الاعضاء الشيعة في المجلس وكذلك اقالة "نوري البدران" وزير الداخلية العراقي هي في الواقع قسم من السيناريو الذي تسعى الى تنفيذه الولايات المتحدة للحيلولة دون تسلم شيعة العراق مقاليد الحكم.
وفي الحقيقة فان امريكا نجحت بتنفيذ هذا السيناريو عام 1991 عندما سمحت لنظام صدام بقمع دموي للانتفاضة الشيعية في جنوب العراق.
ففي ذلك العام وبعد ان تزلزل حكم صدام اثر هزيمة جيشه في الكويت قام شيعة العراق بانتفاضة شعبان المعروفة والتي سيطروا فيها على 14 محافظة من محافظات العراق ولكن امريكا اعطت الضوء الاخضر لصدام لسحق شيعة العراق بكل وحشية.
وخلال حملة نظام صدام لقمع الانتفاضة في جنوب العراق , اقدم على تنفيذ مجازر جماعية اودت بحياة 150 الف شيعي بريء وتشريد مئات الالوف منهم وانتهاك حرمة العتبات المقدسة في مدينتي النجف الاشرف وكربلاء المقدسة.
ان هذه الحادثة الغريبة والمؤلمة في نفس الوقت، تبين ان امريكا وتحت تاثير ايحاءات عدد من الدول العربية في المنطقة لا ترغب بان يؤدي الشيعة وهم اغلبية الشعب العراقي دورا فاعلا في ادارة شؤون العراق.
فمنذ عدة اشهر حينما شعرت قوات الاحتلال بانها غير قادرة على السيطرة على اوضاع العراق, قامت بايجاد اشتباكات شكلية في مدينة الفلوجة عن طريق استفزاز سكانها , وبموازاة ذلك اتخذت الدول العربية موقفا منسقا اعلنوا فيه دعمهم الواسع لاهالي هذه المدينة السنية.
وتزامنا مع ذلك التقى الحاكم الامريكي للعراق "بول بريمر" مع 1500 من كبار اعضاء حزب البعث العراقي المعتقلين وطلب منهم الاستعداد لتسلم السلطة وتسيير دفة الامور في العراق.
وفي هذا السياق تم اطلاق سراح الجنرال "ماهر عبد الرشيد التكريتي" والجنرال "سلطان هاشم احمد التكريتي" من قادة النظام المخلوع واللذان يمتلكان خبره واسعه في ارتكاب مجازر جماعية ضد الشيعة , حيث ملا على تنظيم عشائرتكريت.
وبعد المفاوضات التي اجرتها قوات الاحتلال مع اهالي الفلوجة , عين الحاكم المدني الامريكي "بول بريمر" كلا من الجنرال "طاهر حبوش" والجنرال "جاسم صالح" من الاعضاء البارزين في النظام السابق لتولى الشؤون الادارية والامنية في الفلوجة على الرغم من معارضة اعضاء مجلس الحكم الانتقالي العراقي.
وقامت القوات الامريكية المعتدية بحجة نزع اسلحة جيش المهدي بفرض حصار على مدينتي النجف الاشرف وكربلاء المقدسة وانتهاك حرمة العتبات الشيعية المقدسة وقتل العشرات من سكان المدينتين.
وتزامنا مع هذه التحركات فان امريكا عملت على فسح المجال سواء بشكل مباشر او غير مباشر لعناصر جماعة "ابو مصعب الزرقاوي" الارهابي المشبوه احد زعماء تنظيم القاعدة لتنفيذ تفجيرات في الاماكن الدينية الشيعية واغتيال زعماء الشيعة السياسيين والدينيين.
وبلا ريب فان القاء القبض على اعضاء تنظيم القاعدة الذين يسرحون في العراق بكل حرية في الوقت الحاضر وينفذون مختلف الاعمال الارهابية , لا يبدو مشكلة عسيرة بالنسبة لقوات الاحتلال , فلو ان امريكا لم تنزع اسلحة فيلق بدر التابع للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية , وسلمت مسؤولية امن المناطق الشيعية في العراق الى فيلق بدر لما كانت تقع مثل هذه الحوادث بالتاكيد ولتم ضمان الامن في مختلف مدن العراق بدون اية خسائر.
ولكن نزع اسلحة فيلق بدر والهجوم على الاماكن المقدسة بذريعة وجود جيش المهدي هي مقدمة لتنفذ امريكا ، المراحل الاخري من مؤامراتها التي تحيكها ضد ابناء الشيعه في العراق .
وفي الوقت الذي لم يتبق سوى 40 يوما لنقل السلطة من قبل قوات الاحتلال الى حكومة عراقية مؤقتة , فان امريكا مازالت مستمرة بسياستها الراميه الي تصفية زعماء الشيعة.
وبالتاكيد فان تنظيم القاعدة الارهابي وبضوء اخضر من امريكا سيصعد من ممارساته الارهابية والتي ستتركز على القادة السياسيين والدينيين لشيعة العراق.
ومن هذا المنطلق لا يوجد الا حل واحد للحفاظ على العتبات المقدسة وحراسة بيوت المراجع الدينية من خطر هجمات القاعدة الارهابية والمحافظة على حياة زعماء الشيعة السياسيين ,أ لا وهو تشكيل قوة دفاعية منظمة من شباب الشيعة الملتزم.
وفي غير تلك الحالة فان العالم سيشهد على مدى 40 يوما الباقية لنقل السلطة الى حكومة عراقية , عمليات اغتيال بقية الزعماء السياسيين للشيعة وحتى مراجع التقليد والعودة التدريجية للاعضاء السابقين بحزب البعث الى السلطة./انتهى/
حسن هاني زاده خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء
تاريخ النشر: ١٨ مايو ٢٠٠٤ - ١٨:٣٤
ادى انفجار سيارة مفخخة امس قرب احد القواعد العسكرية الامريكية في بغداد الى مقتل عدد من الشخصيات السياسية العراقية من ضمنها عز الدين سليم الرئيس الدوري لمجلس الحكم الانتقالي العراقي.