عقد في تونس مواخرا مؤتمر القمة العربية بعد اشهر من الخلافات حول جدول اعماله.

والتئمت هذه القمة بدون مشاركة عدد من قادة الدول العربية مثل السعودية والكويت والبحرين واليمن والسودان والعراق والامارات وسلطنة عمان.
وبحث اجتماع القمة الذي انعقد علي مدي يومين قضايا العراق وفلسطين والحظر الاقتصادي الامريكي على سوريا والاصلاحات السياسية في الدول العربية.
ولو ان اجتماع تونس اختتم بدون ان يكون هناك تلاسن كلامي كما جرت العادة عليه في القمم السابقة ولكن الخلافات في وجهات النظر من جهة وسيف ديموكليس الامريكي من جهة اخرى قد خيم على الاجواء المشحونة في الاجتماع.
الزعيم الليبي شارك في مراسم افتتاح القمة ولكنه غادر الاجتماع بعد فتره وجيزة مما اعطى تصورا بان الاجتماع لن يخرج بنتائج ايجابية.
العقيد معمر القذافي اكد للمراسلين بعد مغادرته قاعة الاجتماع على مشروعه لحل ازمة الشرق الاوسط والقاضي بتشكيل دولة اسرائيلية فلسطينية مشتركة في الاراضي المحتلة يطلق عليها اسم "اسراطين".
واثناء هذا الاجتماع الذي وصفه العديد من المحللين العرب بانه "اعلان نعي الجامعة العربية" , بعث رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات من مقره المحاصر في رام الله , كلمته المسجلة تلفزيونيا اكد فيها التزامه بخطة خارطة الطريق.
ودانت القمة العربية في بيانها الختامي الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين في الاراضي المحتلة كما اعتبرت ان ارسال قوات عربية الى الاعراق لارساء الامن يجب ان يكون بقرار من الامم المتحدة.
ومن القضايا الاخرى التي اشار البيان الختامي للقمة العربية اليها هو تكراره معزوفة "الجزر الثلاث" وتاييد الدول العربية للامارات في ادعائها مالكية الجزر الايرانية الثلاث. 
وبما ان طرح قضية الجزر الايرانية الثلاث يهدف الى اثارة ازمة جديدة في المنطقة , الا انه  يبدو ان الحكام العرب يحاولون اعطاء اهمية اكبر لقضايا هامشية وقليلة الاهمية ،بدلا من مناقشة القضايا الحيويه والاستراتيجية.
وبشان الحظر الاقتصادي على سوريا , فان القمة العربية اكتفت باعلان تضامنها مع سوريا دون ادانة الاستفزازات الامريكية والاسرائيلية ضد سوريا.
وفي الحقيقة فان مشكلة الحكام العرب في الظروف الراهنة هي مشكلة هيكلية الحكم ،لان الحكام العرب مازالوا يتعاملون مع شعوبهم وفق التقاليد الجاهلية والخارجة عن المعايير العالمية في الوقت الحاضر , وهذا مايستدعي ان ينتبه له زعماء الدول العربية.
ان من اهم التحديات التي تواجه الحكام العرب في الوقت الراهن هي عدم وجود روابط عقلانية وديمقراطية بين الحاكم وشعبه واستخدام وسائل القمع والاضطهاد للتصدي للمطالب الشعبية.
ومن جهة اخرى فان الزعماء العرب يحاولون تحقيق هدف واحد في علاقاتهم الدولية وهو استرضاء امريكا , والسير باتجاه لا يلحق سيف "ديموكليس" الامريكي الضرر بهم.
وعلى هذا الاساس فان على الحكام العرب ان يحلوا مشاكلهم مع شعوبهم قبل ان يبحثوا القضايا الاقليمية والدولية في اجتماعاتهم القادمة، ليتمكنوا من خلال تمتعهم بقاعدة شعبية من معالجة باقي المشكلات خارج حدودهم.
ان مستقبل العالم العربي في ضوء وجود هوة عميقة بين الحكام والشعوب وفقدان نظام حكم قائم على اسس ديمقراطية , هو مستقبل مظلم ينعدم فيه بارقة امل من وجهة نظر المراقبين السياسيين.
وعلى اي حال فان النظرة الواقعية للزعماء العرب الى احتياجات شعوبهم واعادة النظر بشكال اساسي في انظمة الحكم , هي الحقيقة الملحة التي يحتاجها هؤلاء الحكام, وفي غير تلك الحالة فان القادة العرب سيظلون يعانون من مشاكلهم العويصة علي مدي التاريخ ./انتهى/ 
                    حسن هاني زاده - خبير الشؤون العربية بوكالة مهر للانباء