وقال "حسن هاني زادة" المحلل السياسي لشؤون الشرق الاوسط حول تأثيرات الثورة الاسلامية على المنطقة في اعتاب ذكرى الثلاثين من انتصارها انه قبل انتصار الثورة الاسلامية كان النظام الملكي السابق قد جعل من ايران قاعدة للاستخبارات الصهيونية والاميركية تخطط ضد مصالح الامة الاسلامية والعربية حيث عملاء الموساد والـ سي آي ايه والذين بلغ عددهم اكثر من عشرة الاف كانوا يتجسسون على الدول العربية المجاورة لايران وكان الشاه المخلوع بمثابة شرطي اقليمي للكيان الصهيوني والدول الغربية يعمل لصالح الغرب على حساب الامة الاسلامية.
فعندما بدات حرب حزيران عام 1967 تحالف الشاه الايراني المخلوع مع الكيان الصهيوني وزود هذا الكيان بكميات هائلة من النفط وحدث ما حدث في حرب حزيران كما انه في حرب رمضان عام 1973 رغم ان الدول العربية قامت بقطع امدادات النفط الى الدول الغربية واميركا دأب النظام الملكي السابق على تزويد اسرائيل واميركا بالنفط.
ولكن بعد انتصار الثورة الاسلامية اصبحت ايران ضمن الدول المعادية للكيان الصهيوني ووضعت تحرير القدس ضمن مبادي الثورة وكانت اول دولة استبدلت السفارة الاسرائيلية بالسفارة الفلسطينية خلافا لبعض الدول العربية التي رفعت العلم الاسرائيلي في عواصمها.
واضاف هاني زادة ان هذه المواقف دفعت اميركا والكيان الصهيوني وبعض الدول العربية الى ان تشعر بان الثورة الاسلامية اتت بخطاب سياسي جديد يتلاءم ومتطلبات الشعوب التي تقع تحت الهيمنة الاميركية ويتعارض ومصالح هذه الانظمة. فلذا بدأت هذه الانظمة بحياكة شتى المؤامرات ضد الثورة الاسلامية ابتداءا من الهجوم العسكري الاميركي على منطقة طبس عام 1979 وتشجيع صدام على شن هجوم ضد ايران وفرض حظر اقتصادي وضرب الطائرة المدنية الايرانية في مياه الخليج الفارسي الذي اودى بحياة 280 من ركاب الطائرة الايرانية ولكن ايران استطاعت ان تجتاز كل هذه الصعوبات حيث وضعت استراتيجية دقيقة للوصول الى قمة التقدم والازدهار بحيث باتت محط انظار الشعوب المستضعفة في العالم.
فكل الشعوب المستضعفة اصبحت تراقب عن كثب ما يحدث في ايران وترى ان طموحها وآمالها يكمن في تأسيس نظام اسلامي على نمط الجمهورية الاسلامية. فمن هذا المنطلق كانت كل الحركات الاسلامية الذي حدثت منذ عام 1979 في شتى الدول الاسلامية ومنها الانتفاضة الاسلامية في فلسطين انبثقت من خطاب الثورة الاسلامية وديناميكيتها في تحريك الشعوب المضطهدة وايقاظها من سباتها.
هذا الخطاب لاقى تجاوبا من لدى الشعوب العربية والاسلامية حيث انه بدأ يشكل خطرا على الانظمة العربية والمتخاذلة وكل الهجمة الاعلامية الشرسة ضد مبادئ الثورة الاسلامية تأتي بتمويل ودعم من هذه الانظمة التي باتت تخشى على حكمها الهش من خطر الانهيار.
وحول تأثيرات افكار مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني (رض) صرح هاني زادة بأنه لا شك ان هذه الافكار كانت ومازالت مستوحاة من ثورة الامام الحسين (ع) وترتكز على اسس اسلامية مبنية على ضرورة تحرير الانسان من الظلم والاضطهاد والعبودية وتكريم الانسان على اساس انه خليفة الله في الارض.
هذه الافكار انطلقت من تلك الاعتبارات والقيم الدينية التي انتشرت في العالم بعد بزوغ فجر الاسلام ولكنها سرعان ما اندثرت بعدما توفي النبي الكريم "ص" ولكن الامام الخميني الراحل احيا هذه القيم الدينية ووضع منهجا جديدا في الحكم الديني يواكب كل متطلبات العصر الحديث.
فهذه الافكار تعطي الحق لكل الشعوب في العالم ان تصبح متحررة من الاستعمار الخارجي وتبني حكومات مستقلة بعيدا عن التعصبات العرقية سيما وان الشعوب المسلمة وجدت ضالتها في الجمهورية الاسلامية باعتبارها اسست افضل حكم منهجي في العالم.
فيجب القول ان افكار الامام الخميني (رض) اصبحت منشورا عالميا ليس لدى الشعوب الاسلامية فحسب بل لكل الشعوب المضطهدة بغض النظر عن انتمائها الطائفي والديني وهذه الافكار خرجت عن نطاقها المحلي واصبحت منتشرة في ارجاء العالم.
لذلك علينا القول ونحن على اعتاب الذكرى الثلاثين لانتصار الثورة الاسلامية ان هذه الثورة حققت الكثير ولبت طموحات الشعوب المسلمة اذ ان كل الانجازات العلمية التي تحققت بعد انتصار هذه الثورة المجيدة كانت حكرا على الغرب ولكن ايران بفضل شعبها المثابر استطاعت ان تحقق انجازات علمية في مجال الطب والصناعات الثقيلة والنووية السلمية وصناعات تكنولوجيا النانو وهذا لم يكن ليتحقق لو لم يعتمد الشعب الايراني على ذكائه وكفاءته الذاتية.
بدوره قال انيس النقاش المحلل السياسي اللبناني ومنسق شبكة الامان الاستراتيجية حول تأثيرات الثورة الاسلامية على المنطقة "نحن نشهد اهم تأثيرات الثورة الاسلامية الايرانية هي روح الشهادة التي انتشرت في المنطقة وجعلت من شعوبنا شعوب المقاومة الشرسة تتصدى العدو الصهيوني في فلسطين وتتصدى للاحتلال في العراق وتتصدى له في كل المنطقة هذا اولا؛ ثانيا روح انبعاث اسلامي من جديد فكل الحركات الاسلامية في العالم اصبحت اكثر وعيا من قبل وتنظر الى الجمهورية الاسلامية على انها مثال للعمل الاسلامي السياسي بشكل جيد وبشكل كبير".
وحول تأثيرات الثورة الاسلامية على الساحية الدولية قال النقاش "نحن نشهد فشل المحور الاساسي للقوى الكبرى اي الولايات المتحدة في اكثر من منطقة في الشرق الاوسط وانها تريد ان تستعين بايران للخروج من المأزق الذي وقعت فيه والذي لا يتم الا من طريق الحوار ومساعدة ايران".
واضاف انه رغم كل المحاولات والتواطؤ لإسقاط النظام نجد ان الثورة الاسلامية الايرانية باقية وان اميركا الان في ورطة عسكرية واستراتيجية واقتصادية كبرى وان الكيان الصهيوني في ورطة كبرى وكل اعداء ايران يتراجعون في حين ان ايران تتقدم بمشاريعها وبناء دولتها.
وحول تأثيرات افكار الامام الخميني (رض) على شعوب المنطقة والعالم قال النقاش ان شعار المستضعفين والموت لامريكا جعلت امكانية التحرر واردة هي كانت موجودة قبل الثورة الاسلامية ولكن اخذت نفسا اسلاميا واستراتيجيا بامتياز بحيث انها كانت تراكم الانتصارات بدعم من الثورة الاسلامية وهذا تأثير اساسي.
وحول اهم انجازات الثورة اسلامية صرح المحلل السياسي اللبناني ان اهم انجاز هو ان تعطى للشعب سلطة اختيار المسؤولين في الانتخابات وهذا شيء مهم ان الثورة اعتمدت على شعب مسلم ومؤمن. فالاساس في المسألة هو الشعب المؤمن الذي يقرر مصيره في حين ان المنطقة تفتقد الى مثل هذه الروحية.
من جانبه قال "محمد صالح صدقيان" المحلل السياسي لشؤون الشرق الاوسط ورئيس مركز العربي للدراسات الايرانية حول تأثيرات الثورة الاسلامية على المنطقة والساحة الدولية انه لا شك بان الثورة الاسلامية منذ انطلاقتها عام 1979 حتى الان اثرت كثيرا سواء كان على سياسات الانظمة المختلفة في المنطقة او الاحزاب الاسلامية التي تعمل في هذه المنطقة او حتى على صعيد مستقبل شعوب المنطقة والتذكير لشعوب المنطقة بمستقبلها وبالتالي كان هناك تأثير كبير على كل الاصعدة السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية ايضا وبذلك اثبتت الثورة الاسلامية الايرانية نفسها بانها رقم فاعل ولها دور كبير لا يمكن تجاهله من اي من الدول الاقليمية او الاسرة الدولية.
وحول تأثيرات افكار الامام الخميني (رض) على شعوب المنطقة والعالم قال صدقيان ان النقطة المهمة في افكار الامام الخميني (رض) هو ان الامام الخميني (رض) استطاع ان يعيد الامل لكل المستضعفين وليس فقط للمسلمين في هذه المنطقة. هو اعطاهم الامل بانهم يستطيعون ان يثوروا بما يمتلكون من امكانيات محدودة من اجل تغيير الواقع السياسي الذي يعيشونه وهذا الامل في غاية الاهمية لان المسلمين والمستضعفين في الارض كانوا يعانون من احباط شديد وان افكار الامام الخميني(رض) اعطاهم هذا الامل.
وحول اهم انجازات الثورة الاسلامية على الصعيد الاقليمي والدولي قال صدقيان "انا اعتقد ان الثورة الاسلامية جاءت بمتبنيات واستراتيجيات واضحة جدا لذلك فان ايران تمتلك بوضوح كل من الملفات الساخنة في المنطقة وبالتالي عندما تتعاطى مع هذه الملفات. ان هذه الاستراتيجية التي تبنتها الجمهورية الاسلامية الايرانية خلال العقود الثلاثة الماضية استطاعت ان تنشئ حالة من التفاؤل لدى شعوب المنطقة وبالتالي عندما تتناغم مع حزب الله في جنوب لبنان ومع حركة حماس في فلسطين ومع بعض الدول الاقليمية انا اعتقد بانها تمتلك الكثير من خلال استراتيجيتها الواضحة للنظر الى هذه الملفات والى تطور الاوضاع في المنطقة./انتهى/
اجرى الحوار: رضا مهري