وكانت كلمة الرئيس الايراني في مؤتمر جنيف قد حملت هموم وشجون مليار ونصف المليار من المسلمين الذين عانوا ومازالوا يعانون منذ 6 عقود من العنصرية الصهيونية في العالم والشرق الاوسط بالتحديد.
كان بإمكان الرئيس احمدي نجاد خلال مؤتمر جنيف ان يلقي خطابا معتدلا ويبتعد عن استخدام انتقادات قاسية للكيان الصهيوني والغرب لكي يتجنب شرور هذه الدول شأنه في ذلك شأن رؤساء الانظمة العربية المتخاذلة التي باتت تتفرج من بروجها المشيدة على الجرائم البشعة التي يرتكبها الكيان الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
لكن الرئيس الايراني ارتأى ان يوصل هموم الامتين الاسلامية الى العالم من خلال هذا الخطاب الذي اثار حنق وغضب قادة اللوبي الصهيوني الذين خططوا بكل ما اوتوا من قوة لكي يمنعوا الرئيس احمدي نجاد من إلقاء كلمته التاريخية.
كان باستطاعة الرئيس الايراني ان يتخذ سياسة مهادنة تجاه الغرب ويرسم صورة مخملية ومنقحة عن ايران من خلال مسايرته لاميركا والغرب مثلما فعل ذلك الملك العربي والمدعي بأنه "خادم الحرمين الشريفين" حيث صافح رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز في مؤتمر الاديان في نيويورك وشرب كأس النخب مع الرئيس الاميركي السابق جورج بوش في الوقت الذي كانت الدبابات الاسرائيلية تقتل ابناء الشعب الفلسطيني في غزة.
كان بوسع الرئيس الايراني ان يضع مصلحة بلده فوق مصالح الامة العربية ويقول "ما دخلنا نحن الايرانيين بقضايا العالم العربي وهمومه، ما دخلنا بالقضية الفلسطينية في هذا الزمن الذي تخلت فيه الانظمة العربية عن قضية الشعب الفسلطيني وفتحت الابواب على مصراعيها مع الكيان الاسرائيلي".
كان بإمكان الرئيس احمدي نجاد ان ينتهج خطابا اكثر ملاءمة مع سياسات اميركا والغرب والكيان الصهيوني ويبني علاقات مميزة مع الاتحاد الاوروبي "ويا دار ما دخلك شر".
فهنالك قيم واخلاق ودين ومسؤولية تجاه الامة الاسلامية والامة العربية اصبحت ضمن اسس ومبادئ الثورة الاسلامية لا يستطيع احد في ايران ان يتجاهلها حيث اضحت القضية الفلسطينية في صلب اهتمامات طهران في سياستها الخارجية.
فمؤتمر جنيف لمناهضة العنصرية كان فرصة سانحة للرئيس الايراني الذي استخدم منصة مؤتمر جنيف ليكشف عن الوجه الحقيقي لتلك الدول الغربية التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان من جهة ولكنها تدعم العنصرية الصهيونية والتمييز من جهة اخرى.
وكان خروج مجموعة من مندوبي الدول الغربية من قاعة المؤتمر خلال خطاب الرئيس احمدي نجاد خطأ فادح ارتكبته الكتلة الاوروبية حيث ان العالم الاسلامي ادرك مدى عنصرية الدول الاوروبية وموالاتها المستميتة للكيان الصهيوني العنصري.
ولكن بمنأى عن الخطاب التاريخي للرئيس الايراني في جنيف وبعيدا عن مدى تأثيراته على العالم الحر فإنه من المؤسف ان بعض وسائل الاعلام العربي باتت تكيل الاساءات الى الرئيس الايراني وتزعم بان حضور احمدي نجاد في مؤتمر جنيف كان نكسة للحكومة الايرانية.
فالإعلام العربي العميل وبدلا من مساندة الرئيس الايراني وتقدير مواقفه الشجاعة اصبح يكرر اسطوانات الاعلام الصهيوني ويرسم صورة مزيفة وغير واقعية عن خطاب الرئيس احمدي نجاد ويعتبر هذا الخطاب بأنه لا يسمن ولا يغني من جوع.
هذا الاعلام المتمثل بالاعلام السعودي والمصري المعادي للامتين الاسلامية والعربية اصبح يتهجم على الرئيس الايراني زاعما ان على الرئيس احمدي نجاد وبدلا من إلقاء خطابات نارية وثورية ان يرسل جيشه الى الاراضي المحتلة ويحارب الكيان الصهيوني بالسلاح لا بالكلمة.
هذا الكلام الذي تكرر عدة مرات على صدر صفحات الصحف السعودية والمصرية يعتبر مثيرا للسخرية وبعيدا عن الواقع العربي الموجود في المنطقة حيث هنالك اسئلة تطرح نفسها وهي: كيف يستطيع الجيش الايراني ان يذهب الى فلسطين في حين ان النظام المصري يمنع حتى دخول المواد الغذائية والادوية الى اهالي غزة؟.
كيف يمكن للجيش الايراني ان يذهب لمحاربة الكيان الاسرائيلي في الوقت الذي يقوم النظام المصري بسجن شاب لبناني متحمس ينتمي الى حزب الله اسمه سامي شهاب تطوع لإيصال الادوية والمواد الغذائية الى الشعب الفلسطيني؟.
هنالك مئات الآلاف من الشبان الايرانيين المتطوعين للقتال الى جانب الشعب الفلسطيني في غزة ضد الكيان المحتل ولكن من يفتح حدود رفح لدخول هؤلاء الشبان الى فلسطين؟.
اذن الرئيس الايراني ودون اي مجاملة انتصر على اعداء الامة من خلال خطابه الذي فضح الغرب والكيان الصهيوني في الوقت الذي يخشى قادة الانظمة العربية المتخاذلة ان يقوموا بتوجيه اي انتقاد ضد العنصرية الصهيونية ومن هذا المنطلق ومن خلال الصمت المريب الذي ينتهجه قادة الانظمة العربية الهشة فقد كان الرئيس الايراني هو الفارس الوحيد الذي شهر سيفه بكل شجاعة في وجه اعداء هذه الامة وانتصر عليهم بفضل خطابه الشجاع./انتهى/
حسن هاني زاده – خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء
تاريخ النشر: ٢٢ أبريل ٢٠٠٩ - ١٥:٣٩
فضح الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد خلال خطابه المدوي والتاريخي في مؤتمر جنيف لمكافحة العنصرية زيف ادعاءات الدول الغربية بشأن مقارعتها ومكافحتها المزعومة للعنصرية والتمييز العنصري، حيث اماط اللثام عن الوجه الحقيقي لتلك الدول التي لم تستطع ان تتحمل سماع كلمة الحق التي جاءت على لسان رئيس دولة مسلمة.