وقال الدكتور حطيط في حديث لوكالة مهر للأنباء حول آخر مستجدات الاحداث في الشرق الأوسط ان الغرب بقيادة اميركا ومعه اتباعه الاقليميون يعيشون حالة ارباك وتخبط شديد بعد افتضاح امرهم في العراق وسورية من وجهين: الأول عجزهم او اخفاقهم في تحقيق اهداف مشروعهم العدواني في سورية عبر اسقاطها والحاقها بالفلك الأميركي كما هو حال دول الخليج (الفارسي) الفاقدة لكل ما يسمى استقلال وسيادة وكرامة وطنية، وعدم تمكن اميركا من العودة الى العراق بصيغة الاحتلال المقنع تحت ستار محاربة داعش.
واضاف: الثاني فضيحة التحالف الغربي بقيادة اميركا في ادعائه انه يحارب داعش حيث تبين انه لا يفعل شيئا يؤذي هذا التنظيم الإرهابي في حين ان روسيا وبأقل من أشهر ثلاثة تمكنت من الاجهاز على نصف قدرات هذا التنظيم موضحا ان اميركا تخشى ان تستمر العمليات الروسية السورية المنسقة الى حد الوصول الى حرمان داعش من أي قوة هجومية او حتى قدرة عسكرية مؤثرة في الميدان السوري.
وتعليقا على تشكيل ما يسمى ب"التحالف الاسلامي لمكافحة داعش" قال : لمعالجة هذه الإخفاقات تحاول اميركا تشكيل قوى برية من الدول الإسلامية السنية من اجل قطع الطريق على روسيا والعراق وسورية ومحور المقاومة ومنعهم من تحقيق انتصار نهائي كامل.
وتابع: لكن لا أتصور ان اميركا ستنجح في مشروعها لأكثر من اعتبار خاصة وان تشكيل تلك القوة ليس يسيرا ثم ان الرفض السوري والعراقي لوجود هذه القوة على أراضيهما بات واضحا وعالي السقف.
وردا على سؤال مراسل وكالة مهر للأنباء حول معلومات تشير الى استعداد سوريا لاجراء عمليات تحريرية واسعة بمشاركة اللجان الشعبية وحلفائها الاقليمية اشار الى انه ليست تلك المعلومات او تلك التسريبات بعيدة عن الواقع او عما يجري في الميدان لكن يجب ان لا نفرط في هذا الشأن ونحمل الأمور أكثر مما تحتمل معتقدا ان المعمول به حاليا هو خطة استنقاذ الجزء الأهم من سورية في الأشهر الثلاثة المقبلة أي بحدود الربيع المقبل.
واضاف انه خلال هذه الفترة يبدو ان الخطة المعتمدة تبتغي الوصول الى تحرير ريف دمشق واستعادة ادلب وريفها والانتهاء من ريف اللاذقية وصولا الى ريفي حماه وحلب وقد تكون حلب ضمن مجموعة اهداف هذه الخطة أي باختصار ترمي الخطة الراهنة الى طرد المسلحين كليا من غرب خط درعا دمشق حمص حماه حلب وابعادهم عنه بمسافة تتراوح بين 30 و60 كلم شرقا ونعتقد ان قدرات القوى المدافعة عن سورية كافية لصنع هذا الإنجاز في المدة المذكورة.
وبخصوص احتمال مواجهة مباشرة بين حلفاء امريكا والسعودية من جهة وحلفاء روسيا وإيران من جهة أخرى قال الخبير الاستراتيجي اللبناني: حتى اللحظة نستبعد أي مواجهة عسكرية جدية وفعلية بين محور المقاومة وتحالف بني سعود المسمى تحالف إسلامي ضد الإرهاب. مع اننا على يقين بان السعودية أنشأت هذا التحالف بإملاء أميركي من اجل مواجهة محور المقاومة.
ورأى انه سبب استبعاد المواجهة ليس عائدا الى وعي السعودية وحرصها وهي المتميزة في سلوكياتها الحاضرة بالحمق والانتحار الذاتي، بل عائد الى عجز التحالف السعودي في المدى المنظور عن تشكيل القوى التي تستطيع ان تنزل الى الميدان واثقة من قدراتها القتالية مؤكدا على انه إذا تبين لأميركا ان الحل الوحيد لاستنقاذ شيء لها في المنطقة لن يكون الا بهذه المواجهة فقد تدفع اليها. اما الان فأننا نستبعد تلك المواجهة لأسباب عملانية وسياسية.
واعتبر حطيط ان المنطقة كل متكامل مترابط وهي مسرح استراتيجي وعسكري واحد بالنظر لمخطط العدوان (اميركا) وبالتالي ما يحدث في بقعة من الإقليم يرتد بشكل او باخر على ما عداه من المناطق فالكل يتأثر بالجزء والكل ولا مجال لأعمال نظريات حمقاء من قبيل القول النأي بالنفس كما طرح في لبنان مثلا.
واعرب عن اعتقاده بان الملف اللبناني والحركة السياسية في لبنان ستبقى معطلة بالتجميد الحالي حتى تتضح مآلات الأمور بشكل نهائي في المنطقة، وتركيا ستتلقى اثار النار التي تضطرم في المنطقة وستشتد عزلتها الإقليمية كما ما قد يدفعها الى ارتكاب حماقات عسكرية غير محسوبة. ولفت الى ان إسرائيل ستبقى المستفيد الأول مما يجري في المنطقة ولولا قلقها من وجود حزب الله وتنامي قدراته العسكرية لكانت ادعت انها تعيش أفضل ايامها منذ اغتصابها لفلسطين كما وتساهم الان الانتفاضة الفلسطينية الثالثة في رفع معدل القلق والارباك الإسرائيلي بشكل يمكن الباحث من البناء عليه مستقبلا.
وحول رؤيته بخصوص اوضاع سوريا والعراق بشكل عام قال العميد المتقاعد اللبناني انه لا زالت كل من العراق و سورية تحت وطأة مخاطر الإرهاب ومشاريع التقسيم المعدة لهما من قبل الغرب، لكن الثبات والصمود والمواجهة الدفاعية التي تمارسها كل من الدولتين حققت حتى الان مكاسب هامة لجهة جعل المعتدي في وضع يشعر معه ان نجاحه في مشاريعه فيهما امر بالغ الصعوبة.
واردف قائلا: مع المساعدة الروسية ونجاح القوى السورية والقوى الحليفة في الميدان بشكل واضح خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ابعد شبح التقسيم عن سورية بشكل كبير لكن امر العراق ليس كذلك خاصة مع إصرار اميركي على تسليح السنة ومخاطبتهم مباشرة لإقامة كيان سياسي خاص بهم في مواجهة الشيعة الى جانب الاكراد.
حطيط: تم ابعاد شبح التقسيم عن سوريا بشكل كبير بعد المساعدة الروسية ونجاح القوى السورية والقوى الحليفة في الميدان خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة
وبشأن مستقبل الدولتين العراقية والسورية اضاف انه "في المدى المنظور نرى ان البلدين سيستمران في المواجهة للمحافظة على وحدتهما واستقلالهما دون ان نخفي خشية ما في العراق. ولفت الى ان سورية باتت تمتلك من المقومات والإمكانات التي تجعلها تطمئن الى حد بعيد الى وحدتها "لكن طبعا هناك تغيرات هامة ستطال النظام السياسي القائم دون ان يكون لذلك انعكاس مؤثر على موقع سورية الجيوسياسي ودورها الاستراتيجي في المنطقة باعتبارها ركن من اركان محور المقاومة".
وفي معرض رده على سؤال وكالة مهر للأنباء حول اسباب توغل الجيش التركي في العراق قال: نرى ان تركيا تريد ان تحجز لنفسها موقعا متقدما على الأرض العراقية يمكنها من الحصول على حصة في الأرض العراقية في حال تم التقسيم لاحقا او يمنحها ورقة تفاوضية تمكنها من الحصول على بعض المكاسب الخاصة في العراق إذا تم الحل السياسي بصيغة معينة.
ورأى ان انقرة لجأت الى هذا الامر بعد الفشل الذي أصابها في سورية فشلا انتهى بها الى اقفال الأجواء السورية بوجهها بعد اسقاطها للطائرة سوخوي 24 الروسية معتبرا ان تركيا تخشى ان يصيبها في العراق ما أصابها في سورية فتطوق وتعزل من الجنوب والشرق.
وتعليقا على الانضواء التركي في التحالف السعودي اعتبر ان مرده رغبة تركيا في علاقات دافئة مع السعودية في الوقت الذي تزداد عزلتها في الإقليم مرجحاً ان هذا الانضواء سيكون شكليا لا فعالية له لان تركيا لن تعمل تحت امرة السعودية .
أجرى الحوار: محمد مظهري
تعليقك