وكالة مهر للأنباء_ نسرين نجم: قبل ان يصنع العدو محتوى زائفا وانحرافيا وكاذبا، اصنعوا المحتوى الصادق والصحيح، وانقلوه الى اذهان الشباب، فالعدو منكب على هذا العمل.
نداء اطلقه سماحة الامام السيد علي الخامنئي دام ظله، وهو بحد ذاته قاعدة جوهرية في صراعنا مع العدو، سيما في هذه الايام التي تشهد اجتياحات اعلامية وغزوات نفسية وحروب تضليلية من قبل العدو لطمس الحقائق، واظهار الصهيوني بمظهر المتفوق المنتصر معتمداً بشكل رئيسي على الخلايا التي عمل على تأسيسها منذ سنوات طويلة بهدف "الخداع الاستراتيجي لعقول الشباب " وذلك من خلال الفضاء الالكتروني وما يتضمنه من منابر اعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، وتجنيد مؤثرين مشهورين في اوساط الشباب في العوالم الافتراضية لنشر وبث ما يريده العدو من افكار ومعلومات، وحتى انه تم وضع خلال معركة "طوفان الاقصى" الاف مؤلفة من الحسابات الوهمية هدفها التهويل والاحباط عند مجتمعات محور المقاومة، على سبيل المثال عندما تنشر قوات العدو بأنها توغلت داخل غزة وبأن غزة سقطت بيدهم لكسر إرادة الشعب الفلسطيني في المقاومة.
الا ان وعي هذا الشعب الجبار يجعله يعرف بأن للميدان حقائق اخرى ووقائع مختلفة، وكما يقول المثل" داوني بالتي كانت هي الاداء" فبعد ان كان سلاح "الفايسبوك" و"الإنستا" و"الاكس" _تويتر سابقا_ سلاحا موجها ضدنا وتعمل عليه الخلايا الصهيونية المتخصصة في هذا الشأن، وجدنا وبطريقة عفوية ان هناك شباب في مقتبل العمر كالشاب "عبودي" من غزة يفضح زيف ما يتم نشره من أكاذيب من قبل اعلام العدو، وكذلك الكثير من الناشطين قاموا بنفس المهمة في رفح والضفة وحتى الفلسطينين الموجودين في أميركا وأوروبا وغيرها، فقد كان هناك وعي وطني ومسؤول لمواجهة هذه الحرب الشرسة الإعلامية والنفسية، سيما ان العدو عمل على مدى عقود طويلة على اظهار صورته بأنه الشعب المضطهد المظلوم، وهذه سمفونية استخدمها عبر التاريخ لكسب ود العالم الغربي.
وللأسف كانت هذه الفكرة راسخة عند الكثير من الشعوب، الا ان أتى "طوفان الاقصى", وأظهر؛ اولا كما قال سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأن هذا الكيان المؤقت اوهن من بيت العنكبوت، وثانيا كشف الوجه الوحشي الإرهابي لهذا الكيان اللقيط، فقد بدأت الشاشات ومواقع التواصل رغم كل التعتيم الاعلامي التي مارسته الآلة الإعلامية "الصهيو اميركية" خدمة لمشاريعها التدميرية النازية القائمة على إبادة شعب بأكمله... فبدأ الوعي الجمعي يتشكل أكثر فأكثر عند هذه الشعوب مع كل مجزرة يرتكبها العدو الصهيوني بغطاء اميركي_ بريطاني ومع بعض الانظمة العربية المطبعة، وكان للمسيرات والتظاهرات والاعتصامات الحاشدة في كل اصقاع العالم، والتي لم يشهد مثلها التاريخ من قبل دعما للقضية الفلسطينية ولايقاف الحرب في غزة.
شكلت هذه التحركات صدمة لمحور الشر الذي كان يراهن ان الشعوب والشباب خاصة تم كي وعيهم حول القضية الفلسطينية، معتبرين انها اصبحت فولكلور او شعار يردد في مناسبة او احتفال هنا او هناك، ليتفاجأ بمدى قوة حضور هذه القضية في وجدان الشعوب ليس فقط العربية والإسلامية بل في أوروبا واميركا وأفريقيا واستراليا، فما حصل من اشعال الطيار الاميركي لنفسه وبزيه الرسمي رفضا للمشاركة في القتال في غزة ضد النساء والأطفال ووفاته هو من الادلة والمؤشرات الهامة على ما يحصل داخل المجتمع الاميركي من رفض لهذه الحرب ورفضه لمشاركة أميركا في الإبادة التي تحصل بحق الفلسطينيين.
ورغم كل الافلام الهوليودية التي سعى كيان الاحتلال بدعم من الشيطان الاكبر لاظهارها واللعب على تغيير اتجاهات الرأي العام وصناعة العقول كما تريد واحباط النفوس، الا ان بطولة المقاومين في غزة وعلى الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة في لبنان وبطولة اليمن والعراق احبطت هذه الافلام، لا بل ورفعت مستوى الايمان والثقة اكثر فأكثر بقيادة المقاومة وبمحور المقاومة وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية في إيران لدى شعوب محور المقاومة لا بل لدى كل الشعوب التواقة للحرية والسيادة والتخلص من الهيمنة الاميركية، فأصبح الشباب يواجهون عبر صفحاتهم ما يحصل من تزوير للوقائع وللاحداث في غزة.
بالطبع رغم اهمية ما يقوم به هؤلاء النشطاء الا ان ما يحتاجه هو العمل اكثر على صناعة الوعي بشكل اكبر عند الاجيال الناشئة بما يخص عدم التأثر بما ينشره العدو، وتناقل الاخبار المشبوهة التي تنشرها الصفحات الوهمية التابعة للعدو سيما بعد كل غارة وكل عملية عسكرية، وذلك لسحب معلومات اكثر عن الاماكن التي تم استهدافها، او عن الشخصيات التي ترمى اسمائها ك "فخ استخباراتي" وللأسف هناك الكثير ممن وقعوا في هذا الفخ، أضف الى ذلك "مصيبة التصوير" عند حصول الغارة مما دفع بسماحة الامين العام السيد حسن نصر الله باعتبار ان الهاتف هو العميل ايضا فاحذره... لذا من الضروري ان يكون هذا الهاتف سلاحا لنا وليس ضدنا.
هناك اهمية قصوى لاظهار حقيقة هذا المسخ السرطاني اي الكيان المحتل والذي يدعي انه يتجنب المدنيين، وما حصل بالامس القريب في شارع الرشيد بغزة من مجزرة امر مرعب، فقد أتى المواطنون لاستلام المساعدات فغدرتهم الالة العسكرية" الاسرائيلية" فسقط اكثر من مئة شهيد.
ومن الامور الواجب اخلاقيا وانسانيا الإضاءة عليها هو ان يتم حسن اختيار المحللين والمختصين في الشؤون السياسية والعسكرية والاستراتيجية ممن يمتلكون فعلا معلومات وقراءات وتحليلات تصيب الهدف الرئيس من وراء هذه الإطلالات، لا ان يكونوا كما البعض ببغائين هدفهم الظهور الاعلامي و"الترندات".
أضف الى ذلك من الواجب في هذه الحرب ايلاء اهمية قصوى لعلم النفس الاجتماعي لدراسة فعلية وعملية عميقة لاساليب تفكير المجتمع الصهيوني وثغراته وهنا نذكر ما قاله سماحة الامام السيد الخامنئي دام ظله: "عندما تعرفون العدو، اعرفوا نقاط ضعفه ومكامن عجزه" سيما المجتمع الصهيوني هو عبارة عن مجموعات من جنسيات مختلفة اجتمعوا واحتلوا هذه الارض المقدسة، اي لا هوية ولا انتماء لهم، وهذا ما شاهدناه عند بدء عملية طوفان الاقصى كيف ان عشرات الالاف من المستوطنين تركوا فلسطين المحتلة، فقد تم جمعهم على ارض فلسطين تحت عنوان مزيف وتاريخ مصنوع بغرف العصابات الصهيونية المتطرفة السوداء مع شركائهم الاميركيين والبريطانيين.
اذن من الضروري تعميم مفهوم الانتصار عبر تعزيز الوعي لدى الجماهير، وتعريف شعوب العالم بشكل دائم بما يحصل من ابادة منظمة ومجازر دائمة بحق النساء والأطفال والمسنين، وايضا ما يحصل من جرائم من قبل العدو في الجنوب اللبناني.
في الختام من يؤمن ويتمسك ويثق بخط ونهج المقاومة لا يمكن لأي عدو ان يهزمه، هذا الطوفان من تداعياته "النفس اجتماعية السياسية" الهامة: رفض الهيمنة الاميركية، رفض الخضوع للابتزاز، وهذا الطوفان وما رافقه من مقاومة بطولية عزز الصلابة عند الشعوب لمواجهة الالة التدميرية الاميركية الصهيونية والاعتماد على النفس، والتحدث بقوة، والمطالبة بالحرية وبالحقوق بكل صرامة وحزم.
/انتهى/
تعليقك