أفادت وكالة مهر للأنباء أن الصهاينة ركزوا في هذه الخطة معظم هجماتهم على خيام اللاجئين ومراكز الاستيطان، وفي هذا الإطار يستخدمون أسلحة مختلفة محرمة دولياً ولا يوجد أي مبرر لاستخدامها. إن خيام اللاجئين ومراكز إيوائهم تحولت بسبب هذه الهجمات إلى "أفران حرق جثث". لأن حتى الآن احترقت في هذه الحرائق جثث العشرات من الشهداء بينهم نساء وأطفال، ومعظمهم لم يتم التعرف عليهم نتيجة استخدام الكيان الغاصب الصواريخ والقنابل الحرارية في هذه الهجمات.
ورغم الظروف الإنسانية الصعبة للغاية التي يعيشها اللاجئون، من انعدام الخدمات الأساسية والجوع المستمر في الخيام، فإن القصف الصهيوني لا يفرق بين النساء والأطفال والمرضى وكبار السن، بل حولهم جميعاً إلى أهداف عسكرية مشروعة.
خطة متعمدة
مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة قال لوكالة الأنباء الفلسطينية "صفا" إن ما نشهده في الأيام الأخيرة، هو تصعيد غير مسبوق في وحشية الإبادة الجماعية والعدوان الإسرائيلي على القطاع.
ويوضح الثوابتة أن هذا التصعيد الخطير يتجسد في المجازر الجماعية المتتالية التي تستهدف المدنيين العزل في منازلهم ومراكز نزوحهم، وحتى في خيام الإيواء.
ويضيف أن "الاحتلال يمارس الإبادة الجماعية ويتبع سياسة ممنهجة لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا في صفوف المدنيين، كوسيلة للضغط السياسي والعسكري والنفسي، ومحاولة كسر إرادة الشعب الفلسطيني".
"هذه المجازر ليست عشوائية، بل مخططة ومتعمدة، هدفها الأساسي هو إبادة مجتمعية تستهدف الوجود الفلسطيني في قطاع غزة، من خلال بث الرعب، وإحداث صدمة جماعية، ودفع شعبنا الفلسطيني نحو الاستسلام أو التهجير القسري".
ومنذ استئناف العدوان على غزة في 18 آذار/ مارس الماضي، ارتكب جيش الاحتلال أكثر من 34 مجزرة دامية بحق المدنيين. وفق الثوابتة
ويبين أن حصيلة الشهداء الذين وصلوا إلى المستشفيات بلغت 2111 شهيدًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، و5483 مصابًا، بعضها في حالة حرجة، فضلًا عن أن هناك قرابة 1000 شهيد ما بين مفقودين أو تحت الأنقاض لم تتمكن الطواقم من انتشالهم، بسبب استمرار القصف وخطورة الوصول إلى أماكن الاستهداف.
ويشير إلى أن هذه الأرقام تُؤكد أن الاحتلال يشن حرب إبادة جماعية مكتملة الأركان بحق الشعب الفلسطيني في القطاع.
ويتعمد الاحتلال، وفقًا للثوابتة، تكثيف استهدافه لخيام النازحين ومراكز الإيواء، بما يعكس نية واضحة لدى الاحتلال في توسيع نطاق القتل ليشمل حتى من هُجّروا قسرًا ويُفترض أنهم في "أماكن آمنة".
ويرى الثوابتة أن هذا السلوك الإجرامي يمثل انتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، وخرقًا فاضحًا لكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تحظر استهداف المدنيين والأماكن المحمية.
ويضيف أن استخدام الاحتلال لأسلحة متفجرة وحارقة، تؤدي إلى تفحم أجساد الضحايا وتقطيعها، يؤكد الطابع الانتقامي والإبادي لهذه الجرائم، لافتًا إلى أن بعض الإصابات تصل إلى المستشفيات بحالات تشويه كاملة، وحروق شاملة للجسم، مما يُصعّب حتى عملية التعرف على الجثامين.
وضع مأساوي
وفي ظل تزاد أعداد الشهداء والمصابين، تعاني المستشفيات في القطاع وضعًا مأساويًا للغاية، مع نقص الإمكانات والمستلزمات الطبية، بسبب استمرار إغلاق المعابر ومنع دخولها للقطاع منذ الثاني من مارس الماضي.
ويوضح مدير عام المكتب الإعلامي أن المنشآت الطبية تعاني شللًا شبه كامل، نتيجة للضغط الهائل في أعداد المصابين، والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات، إلى جانب استهداف مباشر أو غير مباشر للمرافق الصحية.
ويلفت إلى أن الكوادر الطبية تعمل فوق طاقتها منذ 18 شهرًا متواصلًا، كما أن غرف العمليات والعناية المكثفة ممتلئة، ويتم إجراء العديد من العمليات في ظروف غير إنسانية وبإمكانيات شحيحة، بل ويتم أحيانًا اللجوء إلى بتر الأطراف دون تخدير كافٍ بسبب نفاد المواد الأساسية.
كل ذلك يؤكد أننا أمام كارثة صحية مركبة تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا لوقف العدوان وتوفير الحماية للمستشفيات والفرق الطبية.
ويصف الثوابتة الوضع الإنساني في القطاع بأنه "كارثي بكل المقاييس"؛ قائلًا: "هناك انهيار كامل في كافة القطاعات، خصوصًا الصحية والإنسانية، في ظل استمرار الحصار، واستهداف البنى التحتية، وتعمد الاحتلال حرمان شعبنا الفلسطيني من أساسيات الحياة، مما يجعل القطاع بأكمله منطقة منكوبة بامتياز".
إبادة لا تتوقف
وأما رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي يقول إن الاحتلال يستخدم أسلحة محرمة دوليًا دون تمييز أو وجود لأي مبرر في استهدافه لخيام النازحين ومراكز الإيواء وما تبقى من مباني ومنشآت في القطاع.
ويوضح عبد العاطي في حديث لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يواصل جريمة الإبادة الجماعية بحق المدنيين في القطاع، بما ذلك استمرار اغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية لليوم 54 على التوالي.
ويبين أن الاحتلال تسبب منذ خرقه لاتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس، باستشهاد قرابة 2000 مواطن، وجرح أكثر من 5000 آخرين، بما يرفع عدد ضحايا حرب الإبادة الجماعية المستمرة لأكثر من 65 ألف شهيد ومفقود وأكثر من 117 ألف جريح، 65 % منهم أطفال ونساء، عدا عن تدمير 88% من مباني ومساكن ومنشأت القطاع والبني التحتية.
ويشير إلى أن أعداد النازحين قسرًا ترتفع يوميًا، في ظل الاستهداف اليومي للمدنيين وارتكاب المجازر بحقهم بمختلف أنواع الأسلحة المحرمة، وتعمد قتلهم وإصابتهم في الخيام ومراكز الإيواء المزدحمة، وما تبقي من بيوت وتدميرها على رؤوس من فيها.
و"هذا ما جعل السكان يعيشون ضمن مساحة تقل عن ثلث مساحة القطاع، وسط انتشار الجوع والعطش والأمراض والأوبئة الصحية، في ظل انهيار الخدمات الصحية والإنسانية ومنع جمع القمامة المتكدسة قرب تجمعات السكان". وفق عبد العاطي
ويحذر من أن استمرار الحصار على قطاع غزة ومنع دخول المساعدات الإنسانية والمعدات والأدوية والمستلزمات الطبية يُنذر بانهيار الأوضاع الإنسانية وتعريض حياة المدنيين وخاصة المرضي والجرحى الى مخاطر فادحة لا يمكن تدارك عواقبها.
ويطالب عبد العاطي المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية والدول الثالثة وأحرار العالم بالتحرك العاجل لوقف جرائم الإبادة الجماعية وضمان تدفق المساعدات الإنسانية لسكان غزة قبل فوات الأوان، وممارسة كافة أشكال التضامن مع ضحايا الإبادة.
/انتهى/
تعليقك