اكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان انتصار الثورة الاسلامية التي أسقطت الشاه، أدت إلى مرحلة جديدة في إيران، حيث تركت بصماتها بشكل واضح على المنطقة بأسرها، فما قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران يختلف عن ما بعد الانتصار.

        وقال الشيخ نعيم قاسم في مقابلة مع وكالة مهر للانباء بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ايران ان عودة الامام الخميني الى ايران من باريس وانتصار الثورة الاسلامية المباركة التي أسقطت الشاه، أدت إلى مرحلة جديدة في إيران، حيث تركت بصماتها بشكل واضح على المنطقة بأسرها، فما قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران يختلف عن ما بعد الانتصار. واضاف: قد رأينا كيف أن متغيرات كثيرة في المنطقة حدثت، منها أن أمريكا لم تعد مسيطرة على إيران، وأن إسرائيل فقدت حليفًا أساسيًا، وحدثت بعد ذلك تطورات انعكست على واقع المنطقة منها سقوط منظومة الاتحاد السوفياتي وتفككه، وكذلك بداية تحركات واضطرابات مختلفة في المنطقة، ثم بعد ذلك انتصارات مهمة سجلها حزب الله على إسرائيل وكذلك حماس والجهاد الإسلامي من غزة في فلسطين.
واستطرد الشيخ نعيم الى  تاريخ شباط معتبرا انه تاريخ مجيد بالنسبة لقيام إيران الثورة وانعكاسات هذا القيام على المنطقة بأسرها وكذلك 16 شباط سنة 1984 استشهد الشهيد الشيخ راغب حرب، وبعده في سنة 1992 استشهد الشهيد السيد عباس الموسوي(رض)، وبعدها في شباط سنة 2008 استشهد الشهيد القائد الحاج عماد مغنية(رض)، موضحا ان هؤلاء الشهداء الثلاثة قتلتهم إسرائيل لأنهم كانوا يشكلون القوة المعنوية والمادية المؤثرة في انتصارات المقاومة الإسلامية وفي تغيرات حقيقية على مستوى لبنان والمنطقة، فشهداء قادة المقاومة هم شهداء التغيير وليسوا مجرد شهداء عابرين.
وتابع: الحمد لله استطاعت هذه المقاومة التي قادها أمثال هؤلاء القادة الشهداء أن تحدث تغيرات جذرية في المنطقة أهمها القناعة بإمكانية التحرير في مواجهة إسرائيل، وحصول هذا التحرير في جنوب لبنان، وكذلك اشتعال المقاومة الفلسطينية مجددًا وقناعة كل المنطقة بأن إسرائيل قابلة للزوال.
وقال الشيخ نعيم قاسم في معرض رده على سؤال:" ما الذي تغير عالمياً، وقاد العالم الغربي إلى التفاهم مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟":كان الهدف الرئيس من محاصرة إيران اقتصاديًا وسياسيًا، وفرض العقوبات عليها من قبل أمريكا والغرب بشكل عام لإسقاط تجربة إيران وإضعاف حضورها في الداخل والخارج، ولكن تبين أن إيران عضت على جراحها وتماسكت في الداخل، وتجاوزت حروبًا متنقلة في المنطقة وحرب كبيرة عليها هي الحرب المفروضة من العراق بإدارة دولية لمدة ثماني سنوات، وفي هذه الأثناء استطاعت إيران أن تتقدم علميًا وأن تعالج مشاكلها الاقتصادية، وأن تخطو خطوات إلى الأمام رغم الحصار، بل جعلها الحصار تلجأ إلى أساليب ذاتية، والأساليب الذاتية عادةً ما تكون طويلة الأمد ونفعها مستمر وهذا ما خفف من ارتباط الاقتصاد الإيراني بالاقتصاد العالمي والتقدم العلمي الإيراني بالتقدم العلمي العالمي.
واشار الى انه وجد الغرب وعلى رأسه أمريكا أن إيران تتقدم أكثر فأكثر فلا بدَّ من أن يوضع حد لإمكانية أن تتخلص إيران من كل القيود التي يرغب بها العالم المستكبر، إضافة إلى أن إيران مؤثرة في قضايا المنطقة بشكل كبير، ولا بدَّ من التنسيق معها، من هنا لجأ الغرب إلى فتح كوة في الجدار اسمها المباحثات النووية والاتفاق النووي الأخير المؤقت، من أجل فتح المجال أمام معالجات لم يعد الغرب قادراً على القيام بها بمعزل عن إيران.
3وحول مكانة المقاومة الاسلامية في هذا التفاهم الغربي الإيراني وما يشهده العالم العربي من متغيرات صرح نائب الامين العام لحزب الله: لا يوجد ربط بين الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب والمقاومة في لبنان، لان المقاومة اليوم في لبنان لها هدف واضح هو تحرير الأرض وحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية والأهداف التوسعية الإسرائيلية، ومناصرة المقاومة الفلسطينية في مشروعها من أجل حقها في التحرير، وهذا الأمر لم يتغير وليس مرتبطًا ببعض التفاهمات التي لها علاقة بشؤون سياسية أخرى، فالمقاومة حقٌ مشروع والأرض المغتصبة لا حل لها إلاَّ بالتحرير.
واضاف:  أما ما يشهده العالم العربي من متغيرات فبالتأكيد سيؤثر على وضع المقاومة وواقعها، من ناحية دعمها أو مناصرتها وليس من ناحية اتجاهها، فاتجاه المقاومة هو اتجاه التحرير، ولكن الظروف المحيطة قد تبطئ بعض أعمال المقاومة، خاصة ما يحصل في مصر والوضع المرتبط بين مصر وفلسطين، وهذه أمور تتطلب أن تُدرس جيدًا من أجل مد المقاومة بالمزيد من الالتفاف الشعبي العربي وحتى الحكومي بما يساعد على تنشيط حركة المقاومة  في مواجهة إسرائيل.
وبخصوص تقييمه حول اثر الثورة الاسلامية على تجربة المقاومة وانتصاراتها خلال عامي 2000 و2006 قال الشيخ نعيم قاسم: قيمة الثورة الإسلامية المباركة في إيران أنها بثت روح المقاومة والتغيير، وثبتت خط ومنهج الإمام الخميني(قده)، الذي يؤمن بنصرة الحق وواجب التضحية من أجله، ويؤمن بأن وجوب تحرير الأرض المحتلة من قبل إسرائيل أمرٌ لا مفر منه ويجب أن يكون.
ولفت الى ان المقاومة الإسلامية في لبنان هكذا انطلقت بهذه الروحية وهذه التربية  وهذا النهج، مبينا: وقد رأينا كيف أن عمليات المقاومة والصبر عليها والتضحيات الكثيرة التي قدمت منذ سنة 1982 قد أدَّت إلى انتصار العام 2000م، وعندما حصل الانتصار عام 2000 لم تهدأ المقاومة لأنها اعتبرت أن الانتصار مرحلة وليس نهاية المطاف، ولذا كانت الاستعدادات قائمة على قاعدة احتمال أن تعتدي إسرائيل لمرة أخرى، وبالفعل حصل العدوان الإسرائيلي في تموز سنة 2006م، وكانت المقاومة الإسلامية جاهزة بالمرصاد، واستطاعت بحمد الله تعالى أن تحقق نجاحًا مهمًا في منع تحقيق العدو لأهدافه واعترافه بالهزيمة واستمرارية المقاومة شامخة قوية تمتلك قوة ردع كافية تتوازن في مواجهة المشروع الإسرائيلي، وهذا كله من بركات تلك التعبئة المهمة التي بثها الإمام الخميني(قده).
وردا على سؤال حول الصورة التي يرسم حزب الله لواقع المقاومة اليوم تحت الضغوطات الدولية (لائحة الارهاب) والاقليمية (الحرب على سوريا) ومحلية (تشويه تاريخها) قال نعيم قاسم: حزب الله في موقع متقدم على المستوى العملي وعلى المستوى السياسي ويتصدر الصورة بشكل واضح في مواجهة المشروع الإسرائيلي من ناحية، وفي الحرص على انتقال لبنان إلى مشروع الدولة الحقيقية من ناحية ثانية، وفي مواجهة الخطر التكفيري الآتي عبر سوريا من ناحية ثالثة، وهذا الواقع للمقاومة اليوم فيه تحديات متعددة، ولكن صمود وحكمة وإدارة هذه الملفات المختلفة من قبل قيادة المقاومة وكذلك من قبل مجاهديه في الأداء العملي، جعل حزب الله في موقع الحامي للساحة في مواجهة المشروع الإسرائيلي، والذي وضع حدودًا من تمدد الأزمة السورية إلى لبنان وبشكل كبير، وكذلك حزب الله في حالة جهوزية كاملة لأي تحديات ممكنة، واعتبر ان اليوم المقاومة في وضع جهوزية والحضور الفعال في كل ما يصاغ من مشاريع سواء في لبنان أو في المنطقة بما يؤثر على لبنان.
وتعليقا على بعض وجهات النظر تقترح بدائل اخرى للمشاركة العسكرية في سوريا بدعوى الحفاظ على إنجازات المقاومة قال المسؤول الكبير في حزب الله: ان المشاركة العسكرية في سوريا هي جزءٌ من الضرورة الملحة التي نشأت بعد اشتعال الأزمة السورية بحوالي السنة والنصف تقريبًا، وذلك بسبب التطورات التي حصلت هناك، والتي بدأت تشكل خطرًا كبيرًا على لبنان ومقاومته.
وتابع ان حضور مقاتلين من أكثر من ثمانين بلد، ووجود حشد دولي سياسي ولوجستي من أجل قلب النظام في سوريا ليكون نظامًا مواليًا لإسرائيل، والهدف الكبير لضرب خزان المقاومة ومركز عبور القدرات اللوجستية إليها، إضافة إلى التهديد الذي أعلنته الجماعات التكفيرية باستهداف لبنان لاحقًا كلها عوامل تقتضي أن نكون في موقع الدفاع، وأن لا ننتظر أن يدخل هؤلاء إلى بيوتنا وشوارعنا وبلدنا، وبالتالي كان القتال في سوريا هو قتال دفاعي ليحمي ظهر المقاومة ومنطقة عبور إمكاناتها، وكذلك ليوقف الخطر التكفيري من ناحية والأمريكي الإسرائيلي من ناحية أخرى من أن يصبح مباشرًا في مواجهة حزب الله ولبنان.
كما واكد: على هذا الأساس نحن لا نعتبر أن التدخل في سوريا قد أضر بتاريخ وجهاد وإنجازات المقاومة، فهذا الذي يحصل اليوم هو جزءٌ أيضًا من جهاد المقاومة وتحصينها وليس أمرًا خارجًا عنها، وإنْ كان بشكل غير مباشر، ذلك أن التحديات كبيرة ولا بدَّ من التصدي لها.
وفيما يتعلق بحماية المقاومة والحفاظ عليها تلبية حاجات بيئتها الحاضنة اشار الشيخ نعيم الى انه معلومٌ عند الجميع فإننا كحزب الله عملنا في الواقع الداخلي سواء في المشاركة في الانتخابات النيابية وفي الحكومة أو في تأمين خدمات الناس قبل الحكومة وبعدها بالخدمات الذاتية، سواء عبر مؤسسة جهاد البناء أو الهيئة الصحية الإسلامية، أو مشاريع إعانة وإعالة الفقراء أو إمداد الإمام الخميني، أو كل هذه الخطوات التي كانت تحرص في الواقع على الاهتمام بمقاومتنا وشعبنا، وكل المواقع الجغرافيا المختلفة سواء فيما يتعلق بقضايا الزراعة أو الصحة أو التربية أو المسائل المختلفة التي نستطيع القيام بها، ونحن نعلم أن هذه الوظيفة التي نقوم بها هي جزء من إيماننا وديننا، ونوه الى التلازم بين المقاومة والإعانة الشعبية تلازم أساسي في مسيرة حزب الله، والكل يعلم مدى الاهتمام الخدماتي والداخلي بما تيسر جنبًا إلى جنب مع الاهتمام المقاوم في مواجهة إسرائيل.
وقال في معرض رده على سؤال "كيف أثرت عملية اغتيال الشهيدين الحاج عماد مغنية والشهيد الحاج حسان اللقيس على جهوزية المقاومة؟"ان شهداء المقاومة الإسلامية وعلى رأسهم الشهيد القائد الحاج عماد مغنية والشهيد القائد الحاج حسان اللقيس هم شهداء الجهاد الحقيقي وشهداء صنع المستقبل والانتصارات، وهؤلاء بأشخاصهم وطريقة حياتهم، والتضحيات التي قدموها يمثلون القدوة والنموذج، ولولا أمثال هؤلاء الشهداء لما انتصرت المقاومة الإسلامية هذه الانتصارات العظيمة، وكل قائد من القادة وكل مجاهد من المجاهدين له دور في عائلته وحيِّه ومنطقته وفي داخل تركيبة المقاومة أيضًا، بناءًا عليه نحن نعتبر أن هؤلاء المجاهدين القادة الشهداء زرعوا وأسسوا وأصبحت المقاومة اليوم ممتدة الأطراف، ولها قدرات منسقة وإدارة دقيقة وحاسمة.
أمَّا بالنسبة الى عملية الاغتيال اشار الشيخ نعيم الى: انها في الواقع تشد عزيمتنا أكثر، وتضعنا أمام مسؤولية  الدماء التي عرجت إلى السماء، وهذه مسؤولية إضافية، فمن ظن أن قتل المجاهدين القادة يُضعف المسيرة مخطئ تمامًا لأن كل شهيد يسقط يولِّد المزيد من المجاهدين ومشاريع الشهداء والزخم والقوة إلى الأمام.
كما ولفت الى وعد الأمين العام السيد حسن نصر الله أن ثأر المقاومين للشهيدين "مغنية واللقيس" سيغير وجه المنطقة وقال: "تعوَّد الناس أن يسمعوا كلمة الصدق من سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله(حفظه الله ورعاه)،" و اعتبر ان مسألة الثأر للقادة وعلى رأسهم الشهيد مغنية والشهيد اللقيس مسألة قائمة وثابتة، ,إنما يرتبط الأمر بالظروف الموضوعية وبتقدير القيادة في التوقيت المناسب مضيفا بان الوعد يبقى وعدًا وهو على طريق التنفيذ بحسب الظروف الملائمة والله هو الموفق.
وتعليقا على "مصافحة دول الخليج الفارسي مع لعدو الإسرائيلي واحتمال بقاء المقاومة وحيدة في رفع "سلاح "المقاومة بوجه إسرائيل" تساءل المسؤول البارز في الحزب "متى كانت المقاومة محاطة بدعم الأنظمة العربية والإسلامية؟" وتابع: للأسف هناك تخاذل كبير وبالحد الأدنى هناك ابتعاد من قبل الغالبية الساحقة من الأنظمة عن قضية فلسطين والاهتمام بها، بل هناك تآمر من قبلها على قضية فلسطين،وهذا الموقف ليس جديدًا، فإذا وجدنا اليوم مساعٍ بين دول الخليج الفارسي لمزيد من التفاعل والتعاون مع إسرائيل على حساب المقاومة ومشروع تحرير فلسطين فهذا جزء من مسار كنا نراه ولا زلنا نراه، حيث انه عمل لا ينسجم أبدًا مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ولا مع أي التزام إنساني وأخلاقي، ومع ذلك على المقاومة أن تستمر، وهي ستستمر إن شاء الله تعالى رغم كل هذه الصعوبات.
واكد الشيخ نعيم قاسم في ختام المقابلة: أمامنا تجربتان مضيئتان عظيمتان في تاريخ لبنان والمنطقة، تجربة المقاومة الإسلامية التي قدَّمت شهدائها عظام وحققت انتصارات باهرة أبرزها في سنة 2000م و2006م، واستطاعت أن تغير وجه المنطقة، وأمامنا انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران بقيادة الإمام الخامنئي(حفظه الله تعالى) على نهج الإمام الخميني(قده)، والتي أثبتت وجودها وحضورها، وأنشأت جمهورية إسلامية أصبحت دولة كبرى ومنافسة في المنطقة، ومتقدمة ومتطورة ولها حضورها وتأثيرها، موضحا ان  هاتين التجربتين أي تجربة الحزب المقاوم وتجربة الدولة المقاومة، تدعوان كل شعوب المنطقة والعالم ليأخذوا الدروس والعبر، أن بإمكاننا أن نكون أحرارا ومستقلين، ونصنع مستقبلنا بأيدينا وأن لا نكون اتباعا للغرب، وأن لا نستسلم للمشروع الصهيوني./انتهي/
حاوره : فادي بودية