تاريخ النشر: ٢٦ مايو ٢٠١٥ - ١١:٤٦

هناك جانب هام تم التطرق اليه خلال قمة كامب ديفيد ولم يتسرب الى الصحافة هو العلاقات بين مجلس التعاون الخليج الفارسي والكيان الاسرائيلي في المستقبل وهذا هو جوهر اسباب استدعاء الرئيس الاميركي باراك اوباما قادة مجلس التعاون الى كامب ديفيد

حسن هاني زادة- انتهت قمة كامب ديفيد بتراجع قادة مجلس التعاون الخليج الفارسي عن معارضتهم للاتفاق النووي الايراني الاميركي وقبول الامر الواقع والرضوخ الى ارادة المجتمع الدولي.
القمة اخذت حيزا واسعا بشأن الملف النووي الايراني ومدى جدية الولايات المتحدة لضمان امن الدول العربية في منظومة مجلس التعاون في حال تعرضها الى عدوان خارجي .
ولكن جانب هام اخر تم التطرق اليه ولم يتسرب الى الصحافة الا وهو العلاقات بين مجلس التعاون والكيان الاسرائيلي في المستقبل وهذا هو جوهر اسباب استدعاء الرئيس الاميركي باراك اوباما قادة مجلس التعاونالى كامب ديفيد .
اذا كانت قمة كامب ديفيد عام1978 والتي جمعت الرئيس الاميركي انذاك جيمي كارتر و الرئيس المصري الراحل انور السادات ورئيس وزراء الكيان الصهيوني مناخيم بيجين تمخضت الى التطبيع بين مصر واسرائيل  فقمة مجلس التعاون سوف تسفر الى تطبيع كامل بين دول مجلس التعاون واسرائيل.
فقمة كامب ديفيد الاخيرة ليس لها اصلا علاقة بالمحادثات النووية بين ايران والدول الست بقدر ما يتعلق الامر بالعلاقات بين اسرائيل ومجلس التعاون الخليج الفارسي.
فالولايات المتحدة حاولت الى تضخيم خطر نشاطات ايران النووية اولا لبيع اسلحتها الى دول مجلس التعاون وثانيا دفع هذه الدول الى احضان اسرائيل خشية من ايران.
وقادة دول مجلس التعاون انطلاقا من فطرتهم العربية الساذجة والبدوية صدقوا اقوال اميركا واسرائيل بشان خطر ايران المزعوم وباتوا يستجيرون بالنار من الرمضاء. لا شك ان الولايات المتحدة وفق الاتفاقيات المبرمة بينها وبين دول مجلس التعاون ملزمة بالدفاع عن هذه الدول في مواجهة اي عدوان خارجي .
فخير دليل على ذلك ما حدث خلال عامي 1990و1991 عند ما اجتاحت القوات العراقية الكويت ومن ثمة قامت الولايات المتحدة وحلفائها بتحرير هذا البلد وطردالقوات العراقية من الكويت.
الولايات المتحدة الان لديها قواعد عسكرية في الدول الست في مجلس التعاون وهي تراقب اي تحركات خارجية وداخلية وبالتالي هذه الدول باتت محمية للولايات المتحدة فلا يوجد اي خطر خارجي يهدد هذه الدول.
اما الهدف الحقيقي من وراء هرولة قادة مجلس التعاون الخليج الفارسي الى كامب ديفيد هو فتح سفارات للكيان الصهيوني في تلك الدول وباسرع وقت ممكن.
الرئيس الاميركي باراك اوباما يريد ان يحقق شيئين خلال الفترة المتبقية من رئاسته حتى يقدم انجازين تاريخيين قبل انتهاء ولايته الثانية.
الانجاز الاول هو ابرام اتفاقية مع ايران بشان ملفها النووي حتى تكون نشاطات ايران النووية  تحت الرقابه الدولية المشددة وفي اطارها القانوني .
وكانت اسرائيل وبعض الدول العربية في مجلس التعاون الخليج الفارسي شكلت جبهة عبريه عربية لعرقلة مسار المفاوضات بين ايران والدول ال 5+1 وكرست كل امكانياتها لذلك ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل حتي الان.
السعودية استخدمت امكانياتها المالية ورفعت من حجم مبيعاتها النفطية لانهيار اسعار النفط نكاية بايران كما ان اسرائيل استخدمت نفوذ اللوبي الصهيوني في اميركا لمنع الولايات المتحدة من الوصول الى اتفاق نهائي مع ايران.
وكان هنالك تنسيق كامل وعلى مدار الساعة بين الرياض وتل ابيب لمتابعة مسار المفاوضات بين ايران والدول الست   .
فمحاولات الكونغرس الاميركي لوضع شروط تعجيزية امام الرئيس الاميركي باراك اوباما لمنعه من الوصول الى اتفاق نهائي مع ايران ياتي في سياق الضغوطات الاسرائيلية على الكونغرس الاميركي .
فالكونغرس خلال الايام القليلة الماضية سن قانونا يمنع الرئيس الاميركي من التوقيع على اتفاقية ما مع ايران قبل دراستها والتصويت عليها في الكونغرس .
في المقابل لابد ان يدفع الرئيس الاميركي ثمنا لترضية الكيان الصهيوني ازاء اصراره على ابرام اتفاقية مع ايران وهذا قد يكون ثاني انجاز تاريخي لاواباما بعد الاتفاق مع ايران  .
وبما ان استراتيجية الكيان الصهيوني مبنية على ضرورة التوغل التدريجي في المنطقة وخاصة منطقة الخليج الفارسي بسبب قربها لايران فالثمن هو التطبيع بين اسرائيل ودول مجلس التعاون .
واستراتيجية الكيان الصهيوني والذي وضعها رئيس الكيان الاسرائيلي السابق شيمون بيريز ترمي الى استغلال الموارد النفطية من خلال اقامة علاقات سياسية مع دول مجلس التعاون.
واسرائيل تطمح الى ان يصل حجم تبادلها التجاري مع دول مجلس التعاون حتي عام 2020 الى اكثر من 70 ميليار دولارسنويا وهذا سوف يتحقق من خلال فتح سفارات لها في عواصم دول الست في مجلس التعاون.
فقادة دول مجلس التعاون خلال اجتماعهم بالرئيس الاميركي باراك اوباما  في كامب ديفيد قدموا التزاما خطيا للولايات المتحدة بان لايعارضوا مبداء فتح سفارات لاسرائيل في عواصم بلدانهم.
 فالعالم سوف يشهد تطبيعا كاملا بين دول مجلس التعاون والكيان الاسرائيلي خلال اقل من عام والبحرين ستكون اول دولة في المجلس تفتح رسميا سفارة لاسرائيل في المنامة.
ففتح سفارات للكيان الصهيوني في دول مجلس التعاون هو هدف استراتيجي للكيان الصهيوني لايذاء ايران اولا والسيطرة على الموارد النفطية في المنطقة ثانيا.
فالكيان الصهيوني استغل انشغال العالم بالملف النووي الايراني وبات يتمدد تدريجيا في البلدان العربية ابتداء من جنوب السودان ومن ثمة الى دول مجلس التعاون وحتى اقليم كردستان في العراق لفرض حصار على ايران .

* رئيس تحرير وكالة مهر للانباء