قبل هذا، كانت تركيا تُتهم بدعمها لداعش، لكن داعش قامت بشن العديد من الهجمات الإرهابية داخل الأراضي التركية، حيث نفذت عملية انتحارية وسط حشد من الأكراد المتطوعين لإعادة اعمار مدينة عين العرب ونفذت العديد من الهجمات على القوات التركية في الحدود مع سوريا.
قابلت تركيا تلك الهجمات بهجمات مضادة في الأراضي السورية شمالاً واعتقلت العديد من المشتبه بهم في اتصالهم مع داعش وسمحت مؤخراً للولايات المتحدة الأمريكية استخدام قاعدة اينجرليك من أجل تنفيذ هجمات ضد داعش.
إن الإجراء التركي الأخير في مواجهة داعش في المقارنة مع اجرائاتها السابقة حيال هذا التنظيم الارهابي يعتبر نقطة تحول خطيرة جداً.
والسؤال الذي يطرح هنا ماهي العوامل المؤثرة في تغير الموقف التركي؟ وفي الإجابة على هذا السؤال يمكن الإشارة إلى عدة عوامل :
الأول : تشعر تركيا بأن داعش ستخرج من سيطرتها وستتحول في مرحلة مفصلية حساسة إلى تهديد استراتيجي لها وأي اهمال في هذا الموضوع يمكن أن يدخل تركيا نفقاً مظلماً كسائر دول المنطقة.
ثانياً : يبدو أن تركيا توصلت إلى هذه النتيجة بعد الأحداث الأخيرة التي طرأت على المنطقة كتوقيع الإتفاق النووي بين ايران والسداسية وحصول تفاهم روسي أمريكي حول تسوية الأزمة السورية فلم يبقى لديها أي أمل في اسقاط الدولة السورية.
ثالثاً : دخلت تركيا طريقاً مسدوداً عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي تمت في تركيا وانخفض عدد مقاعد حزب العدالة والتنمية وفي هكذا ظروف لن تكون تركيا قادرة على التفرد في السياسة الخارجية وخاصة حيال الأزمة السورية.
على الرغم من تظاهر الحكومة التركية بقصف داعش في الشمال السوري تحت ذريعة محاربة الارهاب، لكن ذات المسألة تمهد الطريق أمام دخول تركيا الأراضي السورية من أجل تنفيذ مشروع إقامة منطقة حظر جوي طرحه رجب طيب أردوغان سابقاً.
ومن جانب آخر وحسب المعطيات على الأرض إن تمكن أكراد سوريا في الأسابيع الأخيرة من استعادة بعض المناطق في الشمال السوري من قبضة داعش، أثار قلق المسؤولين الأتراك وجعل مسألة التوغل التركي المحتمل في الأراضي السورية للحيلولة دون تقدم الأكراد هناك أمر ضرورياً بالنسبة لأنقرة.
إن دخول تركيا المتأخر "ائتلاف محاربة داعش" هو عبارة عن مسرحية مكشوفة للجميع، كما يعيد للأذهان تحول تركيا إلى "ترانزيت" للتكفيريين الوافدين من الدول الأوربية والآسيوية المتوجهين إلى سوريا والعراق وتقديمها التسهيلات والدعم لهم. فإن تعاطي الحكومة التركية مع داعش لن يسارع في سقوط هذه الدولة المزعومة(داعش) شمال سوريا والعراق بل سيزيد الطين بلة لأن الحكومة التركية غير صادقة في اجرائاتها.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيحقق أردوغان حلمه في إقامة منطقة عازلة في الشمال السوري عبر جسر داعش؟
*كاتب سوري