لايمكن ايجاد تقارب بين المراسم والإعتراض الذي رافق تلك الرحلة مع رداءة أوضاع الملايين من اليمنيين نتيجة الهجمات المستمرة منذ أربعة أشهر على اليمن ولا يمكن ايجاد تبرير لهذا الاستقبال الكبير والمثير للجدل في هذه الرحلة إلى فرنسا، فعلى الرغم من اجراءات التقييد التي مورست على سكان منطقة بالريفييرا الفرنسية، أسفر عن ذلك التقييد توقيع عريضة من قبل آلاف المواطنيين الفرنسيين في تلك المنطقة رفضاً لتلك الزيارة.
في الحقيقة إن استضافة فرنسا للملك السعودي وتجاهلها العدوان الوحشي لقوات ذلك الملك وتحالفه تأتي عبر محاولة الحكومة الفرنسية الحصول على فرص جديدة بعد حدوث برودة في علاقات الرياض مع واشنطن.
إن فرنسا لاترغب بخسارة هذا الإنجاز العظيم الناجم عن عدم رضا الرياض بحصول الإتفاق النووي بين ايران والسداسية في فيينا.
تبني الحكومة الفرنسية هكذا إجراء يظهر كيف تسعى عبر أخذها بعين الأعتبار أوضاعها الإقتصادية الداخلية، الإستفادة من أي فرصة ممكنة في هذه المنطقة.
فرنسا التي كانت تعارض الإتفاق النووي استطاعت أن تحظى بإمتيازات كبيرة من السعودية، والآن تسعى فرنسا رغم معارضة السعودية والكيان الصهيوني وحصول الإتفاق النووي أن تصون هذا الإمتياز الذي حظيت به من السعودية من جهة، وأن تُبدل وجهتها نحو طهران وتجعل نفسها شريكاً للسعودية في استثمار العديد من الفرص الإقتصادية في ايران من جهة أخرى.
إن رحلة الملك السعودي إلى فرنسا مهمة جداً من حيث الأحداث الداخلية في المملكة لأن هذه الرحلة جاءت عقب مرحلة زمنية طويلة وشاقة من انتقال السلطة في هذا البلد والتي عُزل فيها العديد من الشخصيات وجاءت بالعديد الآخر.
وانطلاقاً من ذلك ربما يحاول الملك السعودي من خلال القيام بهذه الرحلة والتي تترافق بإنتقال السلطة إلى "محمد بن نايف" ولي العهد من الجيل الجديد، اظهار أن الإستقرار والأمن عادا إلى بلاده و إنه استطاع طي مرحلة انتقال السلطة بنجاح.
ولكن لايوجد تطمين كاف في هذا الموضوع وربما تحدث اجراءات امنية غير محسوبة في السعودية في غياب الملك ! وخاصة بدأت تظهر نتائج العدوان على اليمن في السعودية في المحافظات الحدودية مع اليمن كعسير ونجران وجيزان أكثر من السابق وقيام بعض سكان تلك المحافظات بالإعلان عن رغبتهم بالعودة والإنضمام إلى الأرض الأم في اليمن.
وتأتي رحلة الملك السعودي في وقت تشهد فيه المنطقة العديد من التحركات الدبلوماسية وعلى رأسها زيارة مسؤولة السياسة الخارجية في الإتحاد الأوربي "فيدريكا موغريني" إلى السعودية وايران.
فهل تشير تلك الحقائق إلى أن المملكة أصبحت خارج سيطرة الملك و إلى وصول جيل جديد إلى السلطة وعلى رأسهم "محمد بن سلمان" الذي يدير شؤون البلاد بشكل فعلي بدل الملك؟