قد تراكمت أكوام من النفايات في شوارع بيروت في الاسبوعين المنصرمين بعد اجبار الحكومة من قبل أهالي منطقة الناعمة بدعم من المنظمات الاهلية والمعنية بالبيئة على اغلاق مطمر الناعمة المعتمد من قبل الحكومة اللبنانية لطمر النفايات والموكلة بعقده شركة سوكلين .

وجاء هذا الضغط الشعبي بعد سنوات من الاعتماد على مطمر الناعمة كمطمر وحيد للنفايات في لبنان مما أدى الى مخاطر بيئية وصحية على اهالي المناطق المحيطة بالمطمر وبعد قرار للحكومة اللبنانية باغلاقه وعدم تطبيق القرار على أرض الواقع واعتماد سياسة التأجيل والتأخير في ايجاد مطمر بديل .

اغلاق المطمر دون تأمين بديل مناسب أدى الى تراكم النفايات المعالجة في معامل شركة "سوكلين" وعم قدرتها على استقبال كميات اضافية مما أوقف عمليات التنظيف في شوارع بيروت ووصلت أكوام النفايات الى حالة حرجة وبدأت الروائح النتنة تنتج جراء تحللها في شمس الصيف اللاهبة مما خلق جوا غير مريح لأهالي العاصمة بيروت .

انطلقت موجة من الاحتجاجات على هذا الوضع المزري في بلد كان يلقب سويسرا الشرق وبدأت المظاهرات والاحتجاجات تحت شعار "طلعت ريحتكم " وتجمع المتظاهرون أمام مسجد محمد الأمين بعدما تعذر وصولهم إلى ساحة النجمة الموقع الذي كان مقررا لانطلاق المظاهرة.

وحاولت قوات الامن تفريق المظاهرات بالقنابل المسيلة للدموع وخراطيم الماء بعدما أقدم عدد من المحتجين على اعمال شغب وتحطيم لواجهات محال تجارية في بيروت .

اما المتظاهرون طالبوا بحل مشكلة النفايات واستقالة رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام واجراء انتخابات نيابية ودعوا الى توسيع التحرك الشعبي والمشاركة في مظاهرات بيروت مما يدل على ربط المتظاهرين للمشاكل الخدماتية التي تعصف بلبنان مع التنابذ السياسي الحاصل بين القوى السياسية المتحاصصة في الحكومة اللبنانية .

بدوره رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام هدد بالاستقالة إذا لم تكن جلسة مجلس الوزراء منتجة وتجد حلاً لأزمة النفايات.

وقال سلام إنه لا يزال حيادياً في موقعه السياسي بين كل الأطراف على الرغم من العرقلات التي مارستها قوى "دون أن يسميها" واعترف بأن المحاصصة السياسية تعطل لبنان وأن التوافق على إدارة البلد لا يعني الشلل.

وافضت جلسة الحكومة الى تعهيد ترحيل النفايات الى مجموعة من الشركات في عموم لبنان لا تضم بينها شركة سوكلين التي كانت موكلة في ما مضى بترحيلها ولكن دون الاعلان عن مطامر جديدة حيث اكتفى وزير البيئة محمد المشنوق بالقول "اذا وافق اهالي الناعمة على فتح المطمر لمدة 6 اشهر فهم مشكورون واذا لم يوافقوا فسنبحث عن مطمر آخر"، معتبرا انه "من المعيب عدم وجود 3 او 4 مطامر في لبنان عوضا عن المكبات العشوائية التي بلغ عددها 760 مكبا".

ويبقى السؤال قائما هل كانت المشكلة في شركة سوكلين التي اكتفت الحكومة بتغييرها واعطاء العقود لشركات جديدة أم ان المشكلة الاساسية في تقاعس الحكومة عن تأمين مطامر بديلة وهل كان من الضروري وصول الامور الى هذه الحالة لتتصرف الحكومة أما ان الفساد ما كان ليجني ثماره بدون هذا الضغط الكبير على كل فئات المجتمع اللبناني في أبسط حقوقهم الخدمية ؟!