رغم أنّ هناك حكومات منضوية في صفوف هذا التحالف العشري العدواني على اليمن ما زالت حتى الآن تدعم بقواتها العسكرية وتفتح خزائنها المالية له، إلا أنّ بعضها تراجع في الفترة الأخيرة عن وعود قطعها سابقاً بدعم وتمويل كبير وسخي لهذه العمليات، بعد أن أثبتت العمليات أنّ ما يجري اليوم على الأرض اليمنية هو أشبه بالمسرحية الهزلية، وخصوصاً بعد ثبوت ضعف التنسيق الاستخباراتي وطبيعة الأهداف والمواقع المستهدفة بهذه الضربات وسقوط الكثير من المدنيين وضرب بنى تحتية يمنية في شكل واسع، كمحصّلة لهذه العمليات، ما سيعرض هذه القوى في المستقبل القريب إلى مساءلات قضائية دولية حول طبيعة الأهداف والعمليات فوق الأراضي اليمنية، والمثير للاستغراب هنا، هو أستهداف العمليات العسكرية لقوى العدوان بالفترة الإخيرة أهداف مدنية وبنى تحتية ومخيمات نزوح ومصانع ومطارات مدنية وتجمعات مدنية وقاعات افراح ،و...الخ ، ما يشير إلى أنّ حجم الدعم الاستخباراتي على الأرض محدود بل ضعيف جداً، وهو دليل على حالة اليأس التي أصبحت تصيب قوى العدوان بعد عجزها عن تحقيق أي نصر إستراتيجي بحربها العدوانية على اليمن طيلة سبع شهور مضت.
هذه المعطيات بالاعلى بجموعها دفعت في الآونة الأخيرة الدوائر الرسمية المراقبة والمحركة للعمليات العسكرية العدوانية على اليمن إن تبدي خشيتها من محدّدات عامل الوقت وفاتورة التكاليف من جهة، ومن جهة أخرى من حجم الرهانات والمكاسب أو حتى الخسائر الذي يتوقع أن يحصل أو يمنى عليها وبها كلّ طرف، كمقابل لمشاركته في التحالف المشارك في العدوان على اليمن، فالهدف السعودي البحريني مثلاً، يختلف بالمطلق عن الهدف القطري أو الإماراتي أو حتى السوداني، مع أنهم جميعاً متفقون على بعض الرؤى لإسلوب ومنهجية العدوان ، لكنهم يختلفون حول الطريقة والأسلوب والبديل الأنسب بحال الفشل ، وهذا ما بدأت تظهر معالمه في الفترة الأخيرة.
في الآونة الاخيرة ،أبدى بعض حلفاء الرياض المشاركين في هذا التحالف تحفظات كثيرة، من خلف الكواليس، حول الهجمات على أهداف مدنية وبعض البنى التحتية التي ضربتها المقاتلات السعودية في شكل مقصود أو غير مقصود، في بعض مناطق شمال وجنوب اليمن،وقد بات واضحاً أنّ هناك حالة من التمزق والخروج عن بعض الخطوط الحمراء التي وضعت، حين تقرّر تشكيل هذا التحالف في شكل مفاجئ ودراماتيكي.
من ناحية أخرى، يمكن للمتابع لمسار عدوان "ناتو العرب " الشامل على الأراضي اليمنية أن يقرأ بسهولة حجم مساهمة الدول العربية في هذا التحالف، وخصوصاً عند الحديث عن عامل القوات البرية كطرف في هذا العدوان، وبالإضافة إلى كلّ العوامل السابقة، هناك أيضاً عامل ومحدد الوقت، الذي تحدثت عنه دوائر صنع قرار هذا التحالف، والذي قدرته تلك الدوائر، كماتسرب إلى وسائل الإعلام بشهر نيسان الماضي، بشهرين إلى ثلاثة أشهر لحسم المعركة في اليمن، لكن من الواضح، ومع مرور الوقت، أنّ العمليات بدأت تشهد انتكاسات عدة، وخصوصاً بعد نجاح الجيش اليمني مؤخراً وبمشاركة أنصار الله في استعادة زمام المبادرة العسكرية بالكثير من مناطق التماس بشمال وشمال شرق اليمن وحتى ببعض مناطق جنوب اليمن .
اليوم من الواضح إنه وبعد مرور ما يزيد على سبعة شهور من حرب قوى العدوان على اليمن ، إنّ الكلفة الباهظة لعمليات قوى العدوان وحجم الرهانات والأهداف والمكاسب التي يتوقع أن يحصل عليها كل طرف من الأطراف، كمحصلة لمشاركته في هذه الحرب مع هذا التحالف، بدأت تلقي بظلالها في شكل واسع على مسار العمليات العسكرية، فهذه المحدّدات جميعها تعتبر من أهم نقاط الضعف الموجودة لدى التحالف المشارك في العدوان، ومن المتوقع أن تكون من أهم العوامل التي ستطيح بهذا التحالف آجلاً أم عاجلاً، فإطالة أمد الحملة من دون الوصول إلى نتائج فعلية، مع ارتفاع كلفتها والتي يتوقع أن تتحمل السعودية نسبة كبيرة منها، في ظلّ عدم حصول أي اختراق رغم طول المدة، ينبئ بأنّ هناك معادلات جديدة بدأت تدخل إلى طبيعة هذا التحالف ومنها حديث بعض القوى العربية عن تراجعها عن الانخراط المباشر بمسار الحرب البرية في اليمن تحت وطأة حجم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها بجنوب وشمال شرق اليمن ، ما سيعطي نتائج أكثر سلبية على مسار هذا التحالف التي بدأت علامات فشله وإنهياره تتضح يومآ بعد يوم .
ختاماً ،إنّ عوامل الوقت وفاتورة التكاليف وحجم الرهانات والخسائر لكلّ طرف مشارك في هذا التحالف، بالإضافة إلى حجم الدمار والخسائر في اليمن، ستكون سبباً واقعياً ومنطقيا لانهيار هذا التحالف، والسؤال هنا: في حال انهيارهذا التحالف وإقراره بالهزيمة،هل ياترى ستتم محاسبة كل طرف من هذا التحالف عن الجرائم التي إرتكبها باليمن؟وهل سيتم تعويض اليمنيين كل اليمنيين عن الاضرار المادية والنفسية والجسدية التي أصابت اليمن واهله نتيجة هذا العدوان والمغامرة السعودية المتهورة؟!..
* كاتب واعلامي اردني