لفت رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم إلى التعاون والتنسيق الاستخباري بين ايران والعراق قائلا: لا أعتقد أن العراق في المنظور الحالي سيطلب من روسيا القيام بهجمات عسكرية ضد "داعش" في العراق، بخلاف الحال بين سوريا وروسيا اللتين بينهما تحالف أمني وعسكري.

وأشار فؤاد معصوم في مقابلة له مع وكالة مهر للأنباء حول مجالات التعاون والتقارب بين الجمهورية الاسلامية وجمهورية العراق إلى ان المجالات الكثيرة التي ما بين العراق وإيران جرى خلال هذه السنوات تجاوز مجرد التقارب إلى عمل مشترك يؤسس لعلاقات متينة بين البلدين قائمة على التفاهم والتعاون البناء مضيفاً بأن هذا التفاهم امتد ليشمل بعض الجوانب التي تتباين فيها التصورات، ولولا حسن التفاهم لما تمكنت قيادات البلدين من تجاوز بعض المواضع التي حصلت فيها اختلافات. مبدأ التفاهم وأسلوب التعاون من شأنهما تصريف أي اختلاف بما يعزز العلاقات.

وبالنسبة للسياسة النفطية للبلدين العضوين في منظمة "أوبك" أكد معصوم ان "سياستنا محكومة بطبيعة القرارات المتخذة في اطار المنظمة، وهي قرارات عادةً ما تصدر بالتوافق ويجري الالتزام من قبل الأعضاء بما يتم الاتفاق عليه".

وتابع ان العراق حريص على وحدة المنظمة وعلى أن يكون التفاهم هو المبدأ الأساس في عمل المنظمة، كما هو حريص على المصالح العادلة للجميع فيها لافتاً الى انه "لا يمكن للعراق في أي مجال أن يريد نصيبه من العدل ويقف حائلاً دون انصاف الآخر، وبالتأكيد لا يختلف الأخوة الإيرانيون معنا في هذا المبدأ. العدالة لا تتجزأ، وبضمن هذا حتى مصالح الدول المستهلكة".

وحول نظرة العراق إلى المنظومة الأمنية في الخليج الفارسي في ظل التواجد الامريكي والبريطاني قال الرئيس العراقي لمراسلة وكالة مهر للأنباء ان السياسة العراقية تقوم على مبادئ حسن التعايش وعلى أولوية ضمان أمنه وسلامه في محيط اقليمي متعاون من أجل التقدم والسلام معتقداً بأن الكثير من المشكلات في المنطقة تحتاج إلى التحلي بشجاعة الحوار بين جميع الأطراف "وضمان أمن دولنا وأمننا المشترك من خلال تغليب لغة الحوار البنّاء والوصول إلى تفاهمات ممكنة".

واعتبر فؤاد معصوم أن من أساسيات التفاهمات بين دول المنطقة احترام خيارات الجميع بعلاقاتهم الخارجية الإستراتيجية موضحاً: "كل دولة من دولنا لها الحق في إقامة علاقاتها الدولية الإستراتيجية بما يساعدها في ما تراه من مستوى العلاقات سواء مع الولايات المتحدة وبريطانيا أو مع الدول الأوربية أو مع روسيا والصين. لكن ما هو مهم لنا كدول متجاورة تريد تحقيق مبدأ التعايش هو عدم الانجرار في تحالفات تمزق المنطقة وعدم استخدام العلاقات الإستراتيجية مع الدول الكبرى في الاعتداء وفي تعكير الأمن بين الدول الجارة في المنطقة".

وحول تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين ايران وروسيا وسوريا والعراق في بغداد وإمكانية توسيع التعاون بين هده الدول بين معصوم ان إمكانية التعاون قائمة بين هذه الدول مضيفا: "في ما يخصنا كعراقيين نحن على استعداد لأي تعاون بنّاء من شأنه المساعدة في دحر الارهاب الذي نعاني منه والذي بات خطراً عالمياً غير محدد بدولة ومنطقة. المسؤولية الانسانية تقتضي هذا التعاون".

ولفت إلى أن التعاون والتنسيق الاستخباري بين الدول المذكورة ممكن وبل ضروري قائلاً: ولا أعتقد أن العراق في المنظور الحالي سيطلب من روسيا القيام بهجمات عسكرية ضد داعش في العراق، بخلاف الحال بين سوريا وروسيا اللتين بينهما تحالف يسمح بقيام روسيا بعمليات عسكرية فعالة ضد الارهابيين في المدن السورية.

ورأى أن ظروف العراق تختلف عن ظروف سوريا، وهذا لا ينفي أن تكون علاقات العراق مع روسيا جيدة، مثلما أن هناك تنسيقاً عراقياً إيرانياً، حيث كان لإيران دورها المساند للعراق منذ احتلال "داعش" لمنطقة الموصل، وكذلك الحال بالنسبة للتحالف الدولي ودوره في الحرب ضد "داعش".

ـ وبخصوص اعتماد العراق سياسة التوازن في علاقاتها الخارجية باعتبارها مبدأ أساسي في السياسة الخارجية واشكالية الموازنة بين الدول الداعمة للإرهاب والدول التي تدافع عن استقرار العراق أكد معصوم أن هذا المبدأ صحيح ونحن ملتزمون به معتقداً أن "الكثير من الجيران بدأوا ولو بأوقات متفاوتة يتفهمون قيمة هذا الخيار بالنسبة إلى العراق. إنه مفيد لنا ويمكن أن يكون مفيداً ومساعداً للآخرين كلهم في المنطقة. هذا التوازن يساعد في تدخل العراق ايجابيا في اختلافات دول المنطقة".

وفيما يتعلق بعلاقات العراق مع المملكة العربية السعودية قال الرئيس العراقي أنها "تنمو ولو ببطء.. أن تنمو ببطء خير من أن لا تنمو أو تتراج منوهاً إلى أن السعودية لقد قدمت مساعدات بقيمة نصف مليار دولار مضيفاً انه "تم الاتفاق على تطوير العلاقات الثنائية في الزيارات الأخيرة إلى الرياض ولقائنا بالملك ، كما تمت تهيئة أجواء مناسبة لتبادل معلومات بشأن تحركات الارهاب بين وزارتي داخلية البلدين".

واستطرد معصوم إلى أهمية مساعدة إيران المستمرة للعراق في الحرب ضد "داعش"، قائلاً ان "علاقاتنا مع مختلف الجيران هي في تحسن مضطرد، وهي جيدة مع أكثر من دولة من دول المنطقة".

ورأى أن "من مصلحتنا جميعاً كدول وشعوب تحيا في هذه المنطقة الجغرافية أن ننظر معاً نحو المشتركات وأن نعززها معتبراً أن تهديد الارهاب وتحديات العصر المختلفة تفرض النظر بجدية إلى حاضرنا ومستقبل أجيالنا. ومن أولويات العمل الجدي هو الانطلاق بروح التعاون والعمل المشترك وتقليص والغاء عوامل التوتر والصراع التي استنزفت وتستنزف الكثير من الطاقات المادية والبشرية وتبدد فرص التقدم.

ورداً على سؤال مراسلة وكالة مهر للأنباء حول مخططات تقسيم العراق اعتبر معصوم أن تقسيم العراق إلى عدة دول أمر غير ممكن وغير واقعي مشدداً على أن مثل هذا الأمر لم يُطرَح مطلقاً في أي حوار أو محفل أو لقاء أو مؤتمر.

وتابع أنه لم نسمع من طرف دولي مثل هذا الكلام الذي هو مجال لمجرد التداول الاعلامي احياناً. يمكن إجراء تشكيلات لمحافظات على أساس الأقاليم وبموجب الدستور مضيفاً: "ليس لدينا ما يقلق من نظام الأقاليم، بل هو اجراء دستوري وقد يكون مفيدا كثيرا إذا ما جرى العمل به في ظروف أكثر هدوءاً وتكون فيها إرادة الناس غير محكومة ببعض المخاوف والضغوط الراهنة".

وفي معرض رده على سؤال حول الانتقادات المطروحة بشأن تشكيل الحرس الوطني أكد فؤاد معصوم لوكالة مهر للأنباء أن موضوع الحرس الوطني جاء ضمن وثيقة الاتفاق بين الكتل السياسية عند تشكيل الحكومة الحالية، وهو جهة تكون مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة الذي هو رئيس الوزراء، ومجال عمل الحرس الوطني العراق كله وليس مناطق محددة منه.

وحول مستقبل العلاقات العراقية-التركية في ظل حكومة العدالة والتنمية رأى الرئيس العراقي أن تركيا واحدة من دول الجوار والمبدأ دائما هو أن تكون علاقات العراق مع جميع هذه الدول وسواها قائمة على أساس الاحترام والتعاون وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

وذكر أن المصالح المشتركة بين البلدين استراتيجية حيث ماء الرافدين يأتي من تركيا بينما نفط العراق يجري تصدير جزء أساس منه عن طريق تركيا.

وبخصوص دور قوات الحشد الشعبي في مواجهة الإرهاب التكفيري في العراق اشار معصوم إلى أن تشكيل الحشد الشعبي كما هو معروف لقد جرى بفتوى من سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني بعد بدء الهجمات المفاجئة التي قامت بها "داعش" وأدت إلى إسقاط منطقة الموصل معتبراً أن الهدف من تشكيل الحشد كان تأمين حماية بغداد ومدن أخرى في البداية، لكن الحشد الشعبي الآن يقوم بمهام وطنية كبيرة مع القوات المسلحة والبشمركة والمتطوعين من أجل الدفاع عن العراق وتحرير المدن والقرى المغتصبة فلا يمكن الاستغناء عن الحشد وهو يؤدي دوراً وطنياً منوطاً به.

أجرت الحوار: سمیه خمارباقی