ناهض حتر في مشهد الشهيد بهشتي
عرفته عندما زار إيران على رأس وفد شعبي من الإعلاميين و نشطاء السياسة من الأردن الشقيقة. كان خلية نحلٍ في إدارة الوفد و صريحاً و شجاعاً في عرض آراءه. اجتمعت بهذا الوفد في المجمع الثقافي الذي بني في مقرّ الحزب الجمهوري الإسلامي والذي أسسه العقل التنظيري لإيران الإسلامية الشهيد الدكتور آية الله محمد حسين بهشتي وتم إغتياله هو و كوادر الحزب الرئيسيين في المكان نفسه فكان للمكان قداسته وطهارته بدماء خيرة اولئك الشهداء المناضلين و لهذا اللقاء أهميته لأنّ إجتماعنا كان منطلقاً لتمتين العلاقات الشعبية بين البلدين و دعماً للقضية الفلسطينية.
ومن كان يتخيّل أنّ العلماني الأردني المقاوم الذي جدّد عهده في النضال ضد الكيان الصهيوني الغاصب وضد مشروع الإرهاب التكفيري في مقتل الشهيد بهشتي يستشهد يوماً ما في هذه المسيرة عند مدخل قصر العدالة الأردنية؟! فالرصاص الامريكي الذي قتل ناهض حتر والذي خرج من سلاح التكفير اليوم هو ذات القنبلة التي فجّرت بالأمس مقرّ الحزب الجمهوري الإسلامي.
ناهض ناقد مقاوم
كان مؤمناً بخط المقاومة وصوابية مواقفها وكان متحمّساً في الدفاع عن النظام في سوريا وجيشه العربي بكل ما لديه من قوة. ولم يكن يجامل إيران بل كان يوجه انتقادات لبعض سياسات إيران من وجهة نظره الخاصة. فكان حرّاً يصدع بكلمته حينما يرى سعة صدر إيران في استيعاب كل المقاومين بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والدينية.
كنت أختلف معه بطبيعة الحال في بعض مواقفه التي قرأت عنها قبل اللقاء به وبعده، فكان متشدداً في نقده لمظاهر التطرف الديني ولم اختلف معه في نقد التكفير والقتل على اساس الهوية باسم الدين، غير أنّ بعض تغريداته كانت من المتشابهات التي أُسيئ فهمها وتم استغلالها من قبل خصومه لکن الحقیقة كانت شيئاً آخر: فناهض حتر كان مناهضاً لدوداً لسياسات أمريكا في المنطقة وكان قلمه رأس الحربة في مواجهة السعودية و ربائبها التكفيرية اللاتي ربتهن في حجرها .
انطباعه عن ايران
وهو من كتب بعد عودته من زيارة إيران: «لفتتني العاصمة الإيرانية التي لا تقل في جمالها وعمارتها وبنيتها التحتية عن أي عاصمة أوروبية؛ وفاجأني أن الحياة اليومية فيها أكثر تحررا من أي مدينة عربية باستثناء دمشق؛ بل ربما كانت نسبة المحجبات في عمان أكثر من نسبتهنّ في إيران. الايراني لا يتزوج إلا بواحدة؛ يقول : “الله واحد، زوجة واحدة”! على كل حال، فإن نسبة الجمال الطاغية بين الفارسيات، ربما تجعل الرجل مكتفيا بواحدة. والنساء في إيران يحظين بمكانة رفيعة، بل ربما كن مهيمنات على العوائل، بينما تجد حضورهن في المؤسسات العامة ملحوظا، حتى بما يقارب الغرب أو يزيد».
واضاف في مقاله ان في وسط طهران شارع جميل، كان يسمى "جوردن"، نسبة إلى الأردن؛ حوّل اسمه الآن إلى نلسون مانديلا. و"قد تقدمي بطلب إعادة تسمية الشارع باسم الأردن، أو تسمية سواه باسم بلدنا، وتزيينه بتمثال لشاعر الأردن الكبير، عرار، أو بتمثال لنجله الشهيد القائد وصفي التل. وبعنادي المعهود، سأتابع هذا الطلب حتى تحقيقه".
وتابع ان التماثيل ليست ممنوعة في إيران؛ بالعكس تراها في كل مكان؛ منها تمثال الشاعر الفارسي الكبير فردوسي في أقدم وأجمل شوارع طهران، المسماة باسم الشاعر العظيم.
وأشار الى ان حرية الأديان والمذاهب لا تمسها قيود في الجمهورية الإسلامية، ليس فقط بالنسبة للسنة و المسيحيين واليهود ـ وكلاهما أقليتان تحظيان بمكانة اقتصادية و اجتماعية في البلاد، بل حتى بالنسبة للمجوس الزرادشت، ويمثل اتباع هذه المذاهب والديانات، نواب فاعلون في البرلمان. وهو ما ينطبق على خمسة ملايين عربي ومليوني كردي وأقليات قومية أخرى.
واوضح ان الدولة التي اعتاد الغرب تسميتها "دولة الملالي"، هي في الواقع، دولة حديثة مؤسسية، لا تُدار بالأدعية، وإنما بالعلم وحسابات الاقتصاد والقوة؛ وفي داخل هذه الدولة اتجاهات وآراء ومواقف وحيوية سياسية وثقافية. أما التدين؛ فهو أقرب إلى النزعة الصوفية.
الإعلام المنافق
تم إغتياله معنوياً قبل تصفيته جسدياً. فقد نشروا في تشويه سمعته كثيراً ومن جملة تلك المنشورات التقرير الذي عرضه أحد المواقع قبل أقل من شهر يتهمه فيه بالعمالة لإيران وبعد اغتياله نشر الموقع نفسه مقالاً يرثي فيه ناهض!