اجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع سيد حسين موسويان الباحث السياسي والاستاذ في جامعة هارفارد الامريكية وسفير ايران السابق في المانيا وعضو الفريق النووي المفاوض حول الاتفاق النووي الموقع مع ايران و تداعياته على العلاقات الايرانية-العربية ، فيما يلي نص الحوار:
س : كيف تقيم ردود افعال العالم العربي وخاصة دول الخليج الفارسي حيال الاتفاق النووي الايراني؟
ج: ان الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس لا تبقي اي شكوك بان السعودية وبعض دول الخليج الفارسي ، مارست ضغوطا على امريكا خلال الفترة مابين عام 2006 لغاية 2013 لشن هجوم عسكري على المنشآت النووية الايرانية.
فالتقارير التي نشرتها وسائل الاعلام العالمية المعروفة لم تبق اي شك بان السعودية وعدد من الدول العربية في الخليج الفارسي وبعد تولي روحاني رئاسة الجمهورية وبدء المفاوضات على مستوى وزيري خارجية ايران وامريكا بين محمد جواد ظريف وجون كيري ، جندت جميع امكانياتها لاعاقة التوصل الى اتفاق نووي بين ايران والقوى الكبرى.
طبعا يجب القول ان عمان هي الدولة الوحيدة التي قامت باجراءات بناءة وايجابية من اجل نجاح المفاوضات الدبلوماسية والحيلولة دون اندلاع حرب محتملة ، وهذا الامر لن ينساه الايرانيون مطلقا.
وفي نهاية المطاف بعد التوقيع على الاتفاق النووي بين ايران والقوى العالمية الست ، فانه لم يكن امام السعوية وحلفائها سوى القبول بالامر الواقع.
س: لماذا ابدت الدول العربية في الخليج الفارسي قلقها حيال الاتفاق النووي بين الغرب وايران؟
ج: انهم منذ البداية كانوا يدركون ان ايران لا تنوي حيازة قنبلة نووية ، الا انهم كانوا يريدون ان تبقى الازمة النووية بدون حل ، واضعاف ايران تحت طائلة مجموعة من العقوبات الدولية والمتعددة الجوانب والاحادية الجانب.
وبعد نجاح ايران في حل الازمة عبر المسار الدبلوماسي وانهيار بنية العقوبات الدولية والاحادية والمتعددة الجوانب على خلفية القضية النووية ، فان دول الخليج الفارسي انتهجت سياسة اثارة التشكيك حيال تنفيذ الاتفاق النووي لمنع تحسين علاقات ايران الخارجية ، في حين ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكذلك القوى العالمية اكدت ان ايران نفذت جميع تعهداها الدولية.
س: يعتقد بعض المراقبين السياسيين ان الاتفاق النووي قد ضاعف قدرات ونفوذ وتأثير ايران في المنطقة من جهة ، ومن جهة اخرى هنالك بعض المنتقدين يرون ان الاتفاق النووي قد وضع قيودا على قدرات ايران وخاصة في المجال العسكري، فما هو رأيكم بذلك؟
ج: اذا كان هذا الاتفاق قد ادى الى ايجاد قيود على قدرات ايران الاقليمية ، لكانت السعودية وحلفائها العرب وحليفتها الجديدة اسرائيل يحتفلون بذلك ، والسبب في انهم ينوحون وغاضبون جدا يعود الى ان رفع العقوبات النووية ادى الى تعزيز قدرات وامكانيات ايران على الاصعدة الداخلية والاقليمية والدولية.
س: ذكرت في مقال نشرته في موقع "المونيتور" ان الاتفاق النووي بين ايران والغرب بامكانه ان يوفر فرصة للدبلوماسية الناشطة، وتحويل الحرب الباردة بين ايران ومجلس تعاون دول الخليج الفارسي خلال الـ 35 عاما الماضية الى علاقة تعاون وتعايش سلمي. أ لا تعتقد ان هذا التحليل متفائل جدا ، وهل مازلت تأمل بامكانية تحسين العلاقات بين هذه الدول؟.
ج: اعتقد ان الاتفاق النووي يوفر فرصة جيدة لتنمية التعاون بين ايران وجيرانها في الخليج الفارسي للاسباب التالية :
1- اذا كانت هذه الدولة تتوجس من القنبلة النووية الايرانية فقد زال هذا التهديد.
2- واذا كانت هذه الدول تريد في الحقيقة ان يكون الخليج الفارسي والشرق الاوسط خال من السلاح النووي ، فان مطلبهم سيكون موضع التنفيذ من خلال تطبيق مبادئ الاتفاق النووي من قبل جميع الدول.
3- واذا كانت هذه الدول تسعى الى حل الازمة في العلاقات بين دول حوض الخليج الفارسي فان الاتفاق النووي قد وضع امام الجميع "انموذج تسوية الخلافات من خلال الدبلوماسية".
فاذا كانت الدول العربية المجاورة لايران لديها هذه المطالب الثلاث ، فاني متفائل وفي غير تلك الحالة غير متفائل.
س: هل تؤيد هذا الادعاء بان امريكا قد خدعت السعودية وحلفائها في قضية الاتفاق النووي؟ هل تخلت الادارة الامريكية عن حلفائها في الشرق الاوسط وخاصة السعودية، وركزت اهتمامها على مناطق اخرى؟
ج: القيت مؤخراً محاضرة في مدينة هيوستون مركز ولاية تكساس والتي تعتبر عاصمة الطاقة في الولايات المتحدة ، وتحدثت مع متخصصين وخبراء ، والجميع بما فيهم الجمهوريين والديمقراطيين صرحوا بان امريكا لم تعد لها حاجة الى نفط وغاز منطقة الخليج الفارسي ، وستغير تدريجيا استراتيجيتها التقليدية حيال الخليج الفارسي.
كما ان المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية اوضحت بشكل صريح في مقال نشرته قبل اربع سنوات في مجالة فورين بوليسي الامريكية ، أسباب تحول امريكا من الخليج الفارسي والشرق الاوسط باتجاه شرق آسيا.
وعلى أي حال فان الادارة الامريكية تدرك انه في المستقبل القريب فان المنافسين الرئيسيين والجادين مثل الصين والهند سيتجاوزون الولايات المتحدة وانها لن تكون قوة عظمى ، وهذا هو الهاجس الرئيسي لامريكا خلال العقد القادم.
اجرى الحوار : محمد مظهري